أراجوز..أراجوز إنما فنان

الثلاثاء، 17 فبراير 2009 02:13 م
أراجوز..أراجوز إنما فنان الفرقة أسسها نبيل بهجت أستاذ المسرح بجامعة حلوان
كتبت يمنى مختار

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
تعرفه بوجهه الخشبى وملامحه المصرية، جلباب وطرطور من اللون الأحمر يغطى شعره الأسود، أما صوته فلا يمكن أن تخطئه لتدرك على الفور أنك تقف أمام الأراجوز. "أنا أبويا كان أراجوز عايش زى كل الناس، عايش بالطول والعرض، وكان يضحك طوب الأرض برغم إن كان جواه حاجات كتير مش لاقية بعض"، بعد سنوات طويلة أوشك خلالها الأراجوز على الاختفاء من حياتنا مع العديد من الفنون الشعبية التى تميزنا بها.. وخلال السنوات الخمس الأخيرة، أجريت بعض المحاولات لاستعادة مكانته مرة أخرى من خلال فرقة ومضة لخيال الظل والأراجوز، التى أسسها دكتور نبيل بهجت أستاذ المسرح بجامعة حلوان.

فبينما كان يسير فى شارع طلعت حرب، جذب نظره إعلان عن محل جديد أطلق عليه صاحبه "شهرزاد"، ولكنه استعان بصورة لفتاة شقراء زرقاء العينين باعتبارها نموذج الجمال الغربى الذى لا بد أن تحتذيه كل الفتيات، والتفت إلى أن كل الدمى التى تحتل واجهات المحال تحمل ملامح غربية، وكأن المصريين ليس لديهم ملامح تعبر عنهم.

من هذه النقطة، أنطلق باحثا عن الفنون الشعبية التى تميز المصريين "لدينا ما يستطيع أن يعبر عنا، مش لازم استورد وسيلة تعبير من الخارج لأعبر من خلالها"، فبحث عن خيال الظل والأراجوز والذى يعتبره مسرح الفقراء المعدمين ومتنفسهم قبل ظهور وسائل الاعلام بكثافتها الحالية. وينفى بشدة القول الشائع بأن الأراجوز ظهر للسخرية من بهاء الدين قراقوش، وزير صلاح الدين الأيوبى، الذى يشاع عنه أنه كان قصير القامة ويلبس طرطورا لكى يظهر.

إلا أن الحقائق التاريخية تؤكد أنه كان رجلا عادلا وإن كان يتسم بالحزم. عثر دكتور بهجت على آخر شخص يقدم خيال الظل فى مصر، وهو حسن خنوفة، وتعاون معه فى تقديم أحد العروض المسرحية، وقدم فيلما تسجيليا عنه، إلا أنه توفى بعد حوالى ثلاثة أشهر من هذا اللقاء، كما تعامل مع أقدم لاعبى الأراجوز فى مصر وهو عم صابر المصرى الذى تعلم منه سر الصوت المميز للأراجوز وهى آلة صغيرة فى حجم عقلة الأصبع يطلق عليها "الأمانة"، وهى عبارة عن وتر ما بين قوسين توضع فى سقف الحلق لتصدر صوت الأراجوز.

الشاويش والفقيه والعفريت والبربرى، هى الشخصيات المحيطة بالأراجوز والتى تشكل عالمه الخاص، 14 شخصية يقدم من خلالها 22 نمرة تعتمد على المبالغة فى الأداء الحركى واللفظى. ويعتبر دكتور نبيل الأراجوز أحد وسائل التعبير والسخرية من السلطات الثلاث داخل الحياة اليومية المتمثلة فى الفقيه رمز رجل الدين الذى يستغل الدين لمصالحه الشخصية، والشاويش معبرا عن رجل السياسة الذى يقيد حرية الأراجوز، والزوجة رمز النظام الاجتماعى والتى تقيده بالطلبات، تنتهى كل نمر الأراجوز بالضرب إلا فى حالة العفريت الذى يمثل الغيب الذى لا يستطيع الصمود أمامه. ويرمز الضرب واستخدام القوة فى نهاية كل نمرة إلى مقاومة الأراجوز لقاهريه ودعوته للمقهورين للتمرد، ويستنتج دكتور نبيل من ذلك أن الأراجوز ظهر فى فترة من أسوأ الفترات سياسيا واقتصاديا ولكننا لا نستطيع تحديدها بدقة.

استهوته فكرة المقاومة فبدأ طريقه فى تطويع موتيفات الفنون الشعبية من أراجوز وخيال ظل وراوى وتنورة والتحطيب لتقديم عرض مسرحى مصرى يمكن أن يعبر عنا ونشاهده فنقول "هذا مسرحنا". يذكر أن أول عروضه أطلق عليها "على الأبواب"، وتناولت الحرب على العراق وكيف يتم الهجوم عليها فى الوقت الذى يغرق العرب فى صمتهم وذلك باستخدام تمساح يرمز لـ"التتار"، مؤكدا أن لكل زمن تتاره ويبرز سلبية العرب من خلال مشهد لبعض الأشخاص المستغرقين فى مشاهدة كرة القدم فيدخل عليهم من يقول لهم أن العراق سقطت، فيرد عليه البعض "إحنا فين والعراق فين"، حتى يدخل التمساح رمز التتار ويأكلهم جميعا، ومشاهد أخرى للمصريين المهمومين بالبحث عن لقمة العيش وفى دول الخليج مهمومين بالبترول وجمع الأموال.

وفى نهاية العرض يظهر ابن الأراجوز ليطوى "البرفان" وهو يردد "أنا أبويا كان أراجوز شجاع حارب وبس، ومهمهوش قول اللى باع إرهابى باين أو عميل"، ليظهر التمساح ويتفكك متحولا إلى مجموعة من رجال الأعمال الذين يدوسون على الأراجوز للدلالة على أن السوق ورجال الأعمال هم المسئولون عن نشوب الحروب فى عصرنا.

يطلق دكتور بهجت على الفنون التى يقدمها "فنون الضد"، أى ضد الهيمنة الوحيدة على العالم وصياغته بشكل يتفق مع مصالح القطب الأوحد الذى يسعى لإلغاء التعدية الثقافية والتى هى الضمان الوحيد للاستمرار النوع البشرى وشعار الفرقة فى ذلك "أنا لست متهماً إذا لم أكن مثلك ."

أقامت فرقة ومضة لخيال الظل والأراجوز، العديد من العروض فى الشوارع والمنتزهات والأحياء الفقيرة، وامتد نشاطها إلى خارج مصر، فأقامت 11 ليلة عرض فى تونس و 121 ليلة عرض فى الولايات المتحدة الأمريكية، والفرقة هى مدرسة يلتحق بها من يرغب فى تعلم الفنون الشعبية ليتخرج منها وقد امتلك أدواته الفنية المنبثقة من التراث.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة