بعد مائتى عام على ولادة إبراهام لينكولن، ما زال أشهر الرؤساء الأمريكيين محط إجلال ومصدر اعتزاز للأمريكيين الذين يتغنون بعظمته وبالأسرار المحيطة بشخصه، وإذا كانت الشعبية تقاس بحجم المطبوعات، فإن لينكولن يتفوق بامتياز حاصداً شعبية منقطعة النظير.
فقد شكل الرئيس الذى ألغى العبودية وأنقذ الاتحاد، ولو لقاء حرب أهلية أوقعت نصف مليون قتيل، مادة لعشرة آلاف كتاب منذ وصوله إلى سدة الرئاسة عام 1860، وعلق سيناتور إيلينوى ديك دوربن العضو فى لجنة المئوية الثانية لولادة لينكولن "كتاب عن لينكولن كل أسبوع! رئيسنا السادس عشر شكل مادة لكتب تفوق عددها الكتب التى تناولت جميع رؤسائنا معاً وتلك التى تناولت أى شخصية تاريخية باستثناء يسوع المسيح".
وإن كان هذا العدد الهائل من الباحثين انكب على لينكولن وعلى أسطورته، إلا أنه هو نفسه لم يجد ما يقوله حين طلب منه التعريف عن نفسه، وكتب لينكولن الذى كان مثالا من التواضع فى نبذة شخصية مقتضبة أعدها لحملة الانتخابات الرئاسية عام 1859 "ليس هناك أموراً كثيرة يمكن قولها عن نفسى"، رجل نزيه وعميق وصاحب رؤية وطموح، صفات كثيرة تستخدم لمحاولة الإحاطة بشخصية هذا الرئيس الذى يتفق المؤرخون على وصفه بأعظم رئيس فى تاريخ الولايات المتحدة.
وقال هارولد هولتزر المؤرخ والعضو فى الهيئة الرئاسية للجنة المئوية الثانية ملخصاً الأمر "إنه الأعظم على الإطلاق"، ويضيف مارك ميكوتزى المدير السابق للمتحف الوطنى للطب "تحول إلى شخصية تتخطى التجربة البشرية، بينما كان فى زمنه موضع جدل كبير ومحط انتقادات شديدة أخذت عليه مواقفه من الرق"، ويقول تيم كلارك المتحدث باسم المتحف باعتزاز، مشيراً إلى ما تبقى من جمجمة لينكولن وإلى جانبها الرصاصة التى استخرجت من رأس أول رئيس أمريكى مات اغتيالاً "أنها كل ما تبقى من رئيس توفى أثناء ولايته الرئاسية"، وبمناسبة هذه المئوية الثانية، تنظم حوالى خمسين معرضاً وتظاهرة فى مختلف أنحاء الولايات المتحدة.
وفى واشنطن، يقام حفل رسمى عند نصب لينكولن التذكارى، وكذلك فى الكونجرس، فيما أعيد فتح أبواب مسرح فورد، حيث قتل فى 15 أبريل 1865 بعد عملية ترميم استغرقت فترة طويلة من الزمن، ويتم تدشينه بمسرحية حول لينكولن، وظاهرة الرئيس الجديد باراك أوباما أسهمت بالتأكيد فى تجدد هذا الإعجاب الشديد الأقرب إلى الولع، فأوباما أول رئيس أسود للولايات المتحدة، لا يخفى إعجابه بذاك الرئيس الجمهورى. وقد اختار أداء القسم على نسخة من الكتاب المقدس تعود له، وتحدث أوباما غالباً عن لينكولن كمصدر وحى له وأثنى عليه قائلاً إنه "يمثل الكثير مما نحن عليه اليوم كشعب والكثير مما نطمح لأن نكون".
ويقال إن سلفه الرئيس جيمس بوكانان قال له "إن كانت سعادتك بالدخول إلى البيت الأبيض توازى سعادتى عند الخروج منه، فلا شك أنك ستكون أسعد شخص على وجه الأرض"، وحاول بعض العلماء عبثاً عام 1991 تحليل رفات لينكولن لمعرفة ما إذا كان مصاباً بمتلازمة مارفان، وهو خلل نسيجى وراثى يؤثر على العديد من الأجهزة ويتميز بالأطراف الطويلة جداً، وذلك بعد الجدل الذى جرى آنذاك، أن طول قامة لينكولن وطول أطرافه ووفاة ثلاثة من أبنائه الأربعة "كل ذلك يؤشر إلى احتمال 50% بأنه كان مصاباً بهذا المرض".
أسرار لينكولن وعظمته ما زالت تثير إعجاب الأمريكيين
الأحد، 15 فبراير 2009 09:51 م
أوباما يحتفل بذكرى لينكولن بعد مائتى عام على ولادته
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة