نظراتهم المصوبة نحوى دائما، تخترق جسدى لتعرينى عن كل ما أرتدى وفى لمح البصر أتحول من إنسان يحمل عقلا وقلبا ومشاعر إلى مجرد جسد، وكأن كونى أنثى جريمة يجب أن أعاقب عليها فى كل لحظة. هكذا بدأت سرد وقائع التحرش بها لليوم السابع.
بدأت محاولات التحرش بى مبكرا، فلم أكد أكمل عامى الخامس حين صادفت شابا يصعد السلم خلفى ويستوقفنى ليسألنى عن شخص ما، وإذا بيده تقترب شيئا فشيئا حتى تلامس ساقى، صرخت بشدة.. فهرب بأقصى سرعة لديه، من وقتها أصبحت أصعد السلم بأقصى سرعة ممكنة خوفا من تكرار مع حدث، وكنت أواجه أى شاب يحاول الحديث معى بالصراخ فيفر ظنا منه أنى أعانى من اختلال عقلى.
لأنضم لمرحلة عمرية أخرى تبدأ فيها مرحلة جديدة من التحرش، وكان نوعا جديدا من التحرش.. تحرش "الأقارب".. كان يلاعبنى حينما كنت طفلة لم أتجاوز السنوات العشر من عمرى وقتها لاحظت دخول أحد أقاربى حجرتى وأنا نائمة تحسس جسدى وعندما شعرت بيده تتلمسنى, تحرك على جانبى الآخر فتظاهر بأنه يغطينى ويخرج مسرعا.
"فترة المراهقة" تختص هذه المرحلة بالتحديد بالمدرسين، يظل مدرس اللغة العربية ينظر إلى ولا يرفع عينه عنى حتى فوجئت به فى أحد الدروس ينظر إلى من خلال صينية الشاى التى انعكس وجهى عليها.
بعد ذلك ندخل لمرحلة الأتوبيسات وزحمة المترو التى يبدو أنها لا تفارقك إلا فى حالتين: أن تشترى عربية أو تلقى وجه كريم.
فى المترو، فوجئت بشخص يقف خلفى يضع يده على كتفى فأخذت خطوة للأمام لأفاجأ بيده أسفل ظهرى، شعرت بالحرج الشديد ولم أكن لأجرؤ أن أفتح فمى بكلمة خوفا من نظرة الآخرين لى، انسحبت من أمامه فى هدوء ووقفت بعيدا.
بعدها صممت أن أدافع عن نفسى وأن أفضح من يتحرش بى حتى يصبح عبرة لمن يعتبر، ظنا منى أن الناس ستتجمع حوله وتضربه بمجرد أن أصرخ فيه.
بمجرد أن صرخت فى وجه من يضع يده على حتى وجدت أمامى وجوه لا مبالية تنظر إلى وكأننى مجنونة أو مصابة بمس، لم يحرك أحد ساكنا بل ضحك البعض.
ماذا أفعل أمام مسلسل التحرش المتواصل الذى يلاحقنى فى كل مكان حتى فى أكثر الأماكن قداسة "فى الحرم المكى"، نعم تحرش بى شخص بأن وضع يده على، فكدت أصفعه على وجهه إلا أننى اكتفيت فى اللحظة الأخيرة بإبعاد يده عنى.
كثيرات كن يصفن لى من يتحرش بالفتيات بأنه حيوان يسير خلف غرائزه إلا أننى أظن أن هذا الوصف يسيئ إلى الحيوانات، فهم لم يصلوا إلى درجة الإنسانية التى تمكنهم من احترام الآخرين والنظر للمرأة كإنسان.
من واقع مذكرات فتاة متحرش بها..
التحرش يلاحقنى فى كل مراحل حياتى
الأربعاء، 11 فبراير 2009 01:57 م