لم يعد مرض الإيدز وصمة اجتماعية كما كان فى السابق، ربما لا يزال كذلك فى أذهان البعض، إلا أنه بالتأكيد مرض كأى مرض معد، غير أن الفارق فى أن العدوى لا تنتقل سوى عن طريق الدم أو سوائل الجسم، وعلى الرغم من أن أكثر أسباب انتقال العدوى شيوعاً هو الالتقاء الجنسى، إلا أن هناك العديد من الأسباب الأخرى تنقل العدوى من خلال الدم ولا يكون للشخص ذنب فيها أكثر من مجرد جهله بها، ولذلك كان من الضرورى إلقاء الضوء على تلك المحظورات من خلال هذا الحوار مع الدكتور هانى زياد الطبيب المتخصص فى نقص المناعة بمنظمة الصحة العالمية بالقاهرة، والذى بادرنا بأن: مرض الإيدز لم يعد حكماً نهائياً بالموت إلا فى حالة السكوت عليه والاستسلام له بدلاً من مواجهته، فقد صارت لدينا أدوية وعقاقير قد تقضى على المرض، بشرط أن يبدأ العلاج بعد ساعات من انتقال العدوى بحد أقصى 72 ساعة، أى قبل أن ترتفع العدوى إلى مرحلة المرض، مع العلم بأن المرض قد لا تظهر له أى أعراض حتى خمسة عشر عاما منذ بداية انتقال العدوى، ولذلك فمن المستحيل الحكم على أى شخص أنه حامل للمرض إلا من خلال إجراء اختبارات الدم واللعاب.
وقد أصبحت تلك الاختبارات سرية ولا يشترط التعرف على الاسم الحقيقى لصاحبها، ولا يمكن حجزه بالمستشفى إلا بطلب من الشخص نفسه إن استدعت الحالة.
وكلما تم اكتشاف المرض مبكراً كلما زادت فرصة التصدى له والسيطرة عليه، فمن الثابت تقريباً أن عدوى الفيروس إن لم تعالج خلال ساعات من العدوى تتطور العدوى إلى مرض. وهنا يكون العلاج فقط لإبطاء تفاقم العدوى وتمكن المصاب من أن يحيا حياة صحية ومنتجة تستمر ربما لعشرات السنين.
ويضيف د.هانى: أن من أسباب انتقال العدوى هى عمل "التاتو" بين الشباب فقد يقومون برسم "التاتو" لبعضهم بنفس الجهاز، وكذلك ما قد يحدث فى مراكز التجميل غير المرخصة، فيجب تعقيم الجهاز بعد كل استخدام.
كما يجب على الرجل التأكد من أن الحلاق قد قام بتغيير الموس أمامه. ولا يجوز أبداً استخدام فرشاة أسنان الغير، ومن أكثر العوامل انتشاراً الحقن وخاصة بين المدمنين، وعلينا أثناء أخذ حقنة أو تطعيم أو تحليل، رؤية الحقنة يتم فتحها للتأكد من أنها جديدة. كما يجب التأكد أن طبيب الأسنان يقوم بتعقيم الأجهزة قبل كل مريض.
ومن أخطر العوامل أيضاً ختان الإناث أو حتى الذكور إذا تمت فى عيادات صغيرة أو أماكن غير معقمة، كما يحدث فى الريف، حيث يتم ختان عدة أولاد بنفس الآلة المستخدمة، وقد يكون أحد الأطفال حاملا للفيروس "منقولا إليه مثلاً من أمه خلال فترة الحمل" أو أثناء تطعيمه بحقنة ملوثة أو نقل دم، كذلك خرم الأذن للفتيات يجب تعقيم الجهاز قبل استخدامه.
وفى حالة معرفة الأم الحامل بأنها مصابة بالفيروس عليها أخذ كورس علاجى يقى الجنين فلا تنتقل إليه العدوى.
كذلك الدكتور أو الممرضة فى حالة إجراء عملية جراحية لمريض إيدز، إذا أصيب أحدهما بجرح ما أثناء الجراحة، عليه أخذ كورس علاجى مباشرة. وبذلك تكون الوقاية من انتقال العدوى أو الإصابة بالمرض ممكنة مع الوعى بأن مريض الإيدز له حق فى أن يحيا كأى شخص طبيعى يمكننا التعامل والتعايش معه دون خوف.
ومن الناحية النفسية يقول الدكتور محمد خليل أستاذ علم النفس الاجتماعى الإكلينيكى: من المؤكد أن مريض الإيدز بعد اكتشافه المرض يتحول إلى إنسان عدوانى وتختلف كيفية العدوانية باختلاف طبيعة كل شخص، فقد يعادى المريض نفسه بعنف إلى حد قد يصل به إلى الاكتئاب والعزلة فى انتظار الموت، وقد تؤدى صدمته إلى الانتحار كى لا يسئ لأهله وكثيراً ما يحدث ذلك.
أما إذا انتقل إليه المرض بسبب إدمان الحقن، فإنه يزداد فى إدمانه بشكل انتحارى أيضاً، ولكن هناك أشخاص يكون عداؤهم ضد الآخرين وتكون بداخلهم طاقة عدوانية عنيفة، ويحاولون نقل المرض إلى أكبر عدد ممكن ربما يقضون على شعورهم بأنهم فقط المذنبون من المجتمع ولتفريغ طاقات العنف والخوف بل والفزع.
ومن هنا يتبين لنا أن مريض الإيدز فى حاجة أكبر إلى معالجة نفسية ربما من أهمها الرسائل الموجهة عبر جميع الوسائل الإعلامية، كما كانت السبب فى تلك النظرة السطحية والمخيفة للمرض، والتأكيد على كونه مرضا ينتقل للخطائين والمدمنين، يجب التركيز أكثر على الأسباب الأخرى التى لا ذنب للمريض فيها سوى جهله بها أو عدم التركيز عليها، مثل الوشم المنتشر بين الشباب والسيدات، وكذلك أفلام وبرامج توضح إمكانية التعايش مع المرض لعشرات السنين بشكل طبيعى، بل وأنه قد يتم علاجه تماما فى حالة أخذ الكورس العلاجى خلال72ساعة من انتقال العدوى، كذلك تتم التحاليل والفحوصات دون ضرورة التعرف على هوية صاحبها، ولا يتم أبداً حجزه كما رأينا فى بعض الأفلام.
وبذلك قد تتغير نظرة الناس والمجتمع للمرض والمرضى، وبالتالى تتغير نظرة المريض ويصبح أكثر تفاؤلاً ولا يضطر للعدوانية حيث أصبح بإمكانه أن يحيا حياة طبيعية لسنوات دون ظهور أى أعراض مرضية فى حالة حصوله على الأدوية المجانية.
يمكن علاج الإيدز نهائياً بعد الإصابة بـ 72 ساعة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة