قنا واحدة من المحافظات المرشحة لفتنة طائفية إن لم تمنح القيادات الميدانية الفرصة لتطوير إستراتيجية للوقاية وأخرى للعلاج بوصفة محلية لا وضعية تسقط علينا بالباراشوت من القاهرة وصحافتها.
رغم أن فتيل الفتنة الطائفية فى قنا قابل للاشتعال فى مركز فرشوط، ونجع حمادى، وقنا ونقادة، وحجازة قوص، إلا أن حظ هذه المحافظة أن بها محافظ مسيحى ورغم هوية المحافظ الدينية، إلا أنه رجل يؤمن بأن "الدين لله والوطن للجميع" والمطلوب هو إتاحة الفرصة لهذا المحافظ الهادئ والذى يتمتع بخلفية أمنية قبل توليه منصب محافظ قنا كمساعد لوزير الداخلية، أن نمنحه الفرصة لمزاوجة تاريخه الأمنى مع خبرته الميدانية كى نتجنب فتنة طائفية يتلاعب بها أعداء الوطن.
وحتى لا نكون ممن يلقون القول على عواهنه أو نتهم بالحديث المرسل سأسلط الضوء على حالات الفتنة الطائفية التى كنت شاهداً عليها، فعلى سبيل المثال كنت فى مهمة تليفزيونية لتغطية الصلح المقام بين الهدالين "مسلمين" وآل سليمان "مسيحيين" وهما عائلتان من قرية حجازة من مركز قوص، وحدث قتل من الطرفين وجزء من هذا القتل ناتج عن الفتنة الطائفية، والجزء الآخر يخص تجزر قضية الثأر فى البيئة الصعيدية، ورغم صعوبة المشكلة فى قرية حجازة وحساسيتها، إلا أن ثقة العائلة المسلمة بالمحافظ المسيحى، وثقة المسيحيين فى مدير أمن قنا المسلم اللواء محمود جوهر نزع فتيل أزمة الثقة وأزمة التحيز المعروفة سلفاً فى قضايا المسلمين والأقباط.
استطاع المحافظ ومعه مدير الأمن والقيادات الشعبية بالمحافظة وعلى رأسها أمين الحزب الوطنى بقنا الدكتور خيرت عثمان من خلال خلطة يتداخل فيها العنصر السياسى الأمنى بالإلمام بالثقافة المحلية لقرى الصعيد أن يحتوى أزمة كادت أن تفجر قرية حجازة.
ولكن قرية حجازة ليست وحدها التى تعانى من التوتر الطائفى، فلدينا فى قنا حالات أشد سخونة مثل حالة مركز فرشوط، والذى اغتصب فيه شاب مسيحى فتاة مسلمة، حسب التقارير الأمنية، مما أدى إلى انفجار الوضع فى مركز فرشوط، وقام المسلمون من أهالى فرشوط بحرق بعض الممتلكات الخاصة بالمسيحيين من الصيدليات ومحلات الصاغة ونادى بعض الأقباط بدفع تكاليف هذه الإتلاف فى الممتلكات، بينما نادى المسلمون بالقصاص من الشباب المسيحى الذى اعتدى على الفتاة وتسليمه لهم ومازال التوتر قائم، وبدأ الإعلام ينفث نار الفتنة مما لا يدع فرصة لتطويق الأزمة.
كذلك فى مركزى قوص ونقادة حيث هناك كثافة سكانية مسيحية معتبرة تطفوا على السطح هذه الأيام ملامح فتنه وانتشار نار فرشوط إلى هذه المناطق المعروفة بأمنها النسبى تاريخياً، لذا يجب أن يمنح المحافظ ومدير الأمن فرصة تطوير إستراتيجية وقائية لهذه المناطق القابلة للاشتعال، ويجب علينا مهم كان نقدنا لسياسات الحكومة إلا تعمى المعارضة عن مصالح الناس على الأرض وعن مصلحة الوطن العالى، وعن أهمية الاستقرار لتلك المناطق النائية من أرض الوطن، القيادات فى محافظة قنا عليها عبئ ثقيل ضغط من أعلى لإنهاء المشاكل وضغط من أسفل من أهالى الضحايا.
بداية حل مثل هذه الأزمات هى إلا نبالغ فى أزمة كأزمة فرشوط، وإلا نقدم فيها كلاماً مغلوطاً وأن نمد يد العون لقيادات، أنا واثق، أنها قادرة على احتواء الأزمة إذا ما أعطيت فسحة وفرصة من الطرفين من القيادات فى القاهرة وأهالى الضحية فى الصعيد، فى قضية فرشوط كان هناك الكثير من الكلام المغلوط الذى يروجها الإعلام، وأنا هنا أطالب إعلام القاهرة بتوخى الحذر فى القضايا الحساسة فى الصعيد والتى لا يعرفون عنها إعلام القاهرة، إلا الندر اليسير، فلا داعى لإقحام الجهل فى قضايا حساسة تمس أمن الوطن كله.
جمال فندى يكتب: نزع فتيل الطائفية فى قنا.. والكلام المغلوط فى موضوع فرشوط
الأربعاء، 09 ديسمبر 2009 01:17 م