عبد الله يسرى يكتب: الأقصر 2030

الأربعاء، 30 ديسمبر 2009 10:35 ص
عبد الله يسرى يكتب: الأقصر 2030

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

ما زالت حالة الدهشة تتملكنى مما رأيت مؤخرا فى تلك المدينة التى عمدت بالجمال وسربلت بالغموض والسحر والخيال، إنها الأقصر.

لستم فى حاجة لحديثى عن معبد الأقصر والكرنك وحتشسبوت وأثار وادى الملوك، وما حدث ويحدث من ترميم لطريق الكباش، ولتلك الساحة أمام معبد الكرنك وساحة مسجد سيدى أحمد الحجاج وما حدث من الاحتفاء ببيت "haward carter" مكتشف مقبرة توت عنخ آمون وجعله مزارا سياحيا، كذلك ما حدث لقرية القرنة من إزالة للبيوت الموجودة فوق جبل من الآثار، كما تشير الدلائل وإعادة توطين ساكنيها فى مدينة القرنة الجديدة بشكل حضارى على مرأى ومسمع من العالم وأيضا هو ما سيحدث خلال الأسابيع والأشهر القادمة "لقرنة مرعى" ... إنما يحدث الآن فى الأقصر لمرحلة أولى من خطة طموحة ستضح معالمها عام 2030م كما أخبرنى بذلك الدكتور/ سمير فرج محافظ الأقصر، حيث ستكون المدينة كلها كالمتحف المفتوح والمزار السياحى الكبير، وذلك بعد إزالة البيوت المتاخمة للآثار والمعابد وإنشاء مرسى فندقى عائم، وكذلك حفر وترميم المساحات المردومة فى طريق الكباش، الموصل معبد الكرنك بمعبد الأقصر، إلى غير ذلك من المشروعات والتى تهتم أيضا بالبشر إلى جانب الأثر.

لكن الدهشة التى تتلبسنى وما زالت، من الإنسان أو المواطن الأقصرى، الذى يعتبر امتدادا للأجداد الفراعنة الذين سكنوا هذه الأرض. فهو بشوش بطبعه، وله ابتسامة آسرة، وهو ذكى ولماح وعليه مسحة من مسوح الطيبة والجمال التى وهبها إياه النيل العظيم.

تبدى كل هذا فى أم ياسر، التى تقيم فى البر الغربى، والتى زرتها وهى تقوم بعمل العيش الشمسى وتخبزه ابنتها وباقى نساء العائلة استعدادا لفرح ابنها ياسر، والذى يعمل على ظهر إحدى السفن النيلية هناك. كما تبدت صفة الفن والحيوية فى محمد، الشاب ابن الـ20 ربيعا، والذى يعمل فى صناعة الألبستر وفى نفس الوقت يمتلك صوتا دافئا دفء الشمس.

كما تتبدى صفة التدين والإيمان والدأب عند الإنسان الأقصرى فى عم عبد النبى الذى أخذنى فى رحلة لصيد السمك فى قلب النيل هناك مع ابنه محمد، رجعنا منها بصندوق ملىء بالسمك البلطى الصغير، والإستاكوزا، التى أعادها الرجل إلى النيل معللا ذلك بأنه لا يأكلها.

كما تبدت صفة الوعى السياحى والدماثة والطيبة عند رجب، الغفير فى معبد الأقصر والذى ذكرنى بلوحة رائعة لرجل أقصرى يشرب الشاى، للفنان الدكتور فريد فاضل فى معرضه الأخير، كذلك لوحة لثلاثة أطفال يعملون ماسحى أحذية أمام أحد المعابد لنفس الفنان.

لقد بت على اعتقاد جازم بان أى مشروع تنموى أو حضارى لن ينجح ولن يؤتى أكله إلا بوجود شراكة حقيقة بين الدولة والمواطن وتجربة سمير فرج لم تكن لتنجح وهى فى خطواتها الأولى إلا بوجود هذا الوعى الثقافى والسياحى عند المواطن الأقصرى، الذى يدفع أحيانا ثمنا كبيرا لتحقيق هذا المشروع برضى واقتناع.

أما تلك الحالة الخاصة التى اعترتنى عند دخولى مسجد سيدى أبو الحجاج الملاصق لمعبد الأقصر، حيث تتلاحم بعض اجزائه بعمدان المعبد والذى تستطيع أن ترى بوضوح رسوم الفراعنة وآثارهم داخل هذا المسجد فى تناغم إيمانى محسوس، فلا أعرف تفسيرا لها حتى الآن. وحالة الفرح الكبرى، ستعتريك عند حضورك فرح فى قرية "أرمنت الحيط" كما حدث لى، لتسمع فن الكف وتشاهد التحطيب والرقصات الشعبية هناك.

اكتملت حالة الدهشة عندى لحظة طيرانى بالبالون على ارتفاع 500 متر فى سماء وادى الملوك وبصحبة عدد من السائحين، لمشاهدة الآثار والنيل والمساحات الخضراء لحظة شروق الشمس. كل ذلك قادنى فعلا لمحاولة التخيل لهذه المدينة عام 2030 والحال التى ستكون عليها عامة وعلى مواطنيها خاصة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة