هو فنان يعرف جيدا كيف يحرك مفرداته على مسطح العمل، ويختار عناصره ودرجات ألوانه بعناية، كما أنه يتنقل فى براعة وجرأة يحسد عليها بين مستوايات مختلفة على مساحة اللوحة، فلا تستطيع سوى أن تصفه بالتميز بين أقرانه من جيل الشباب.. ولا يقتصر هذا التميز على مستوى إبداعه فقط، بل يمتد أيضا إلى عمله الأكاديمى، كأستاذ بكلية التربية الفنية بالقاهرة، وحصوله على درجتى الماجستير والدكتوراه من نفس الكلية.
إنه الفنان وائل درويش الذى يحتفى هذه الأيام بمعرضه المقام بأتيليه القاهرة ويعرض فيه عددا من أعماله التى أنجزها خلال الفترة الأخيرة. وهو أحد الفنانين الشباب الذين يدينون بالفضل كما يقول لمسابقة صالون الشباب ذلك الحدث السنوى الذى يقام بالقاهرة منذ ما يقرب على العشرين عاما، فهو الحدث الأهم - على حد قوله - خلال العقدين الأخيرين على مستوى التشكيل، فمن خلاله استطاع شباب الفنانين تثبيت أقدامهم داخل حركة التشكيل المصرى، كما أعطاهم الثقة فى أنفسهم وأتاح لهم مساحة من التجريب لم تتح لأجيال أخرى قبلهم، وهو يقول هذا على الرغم من ذكرياته الأولى مع صالون الشباب والتى كادت أن تصيبه بالإحباط، حين تم رفض أعماله المقدمة للصالون على مدار أربع دورات كاملة، لتقبل فى الخامسة، ليس هذا فقط بل ويحصل أيضا على جائزة الصالون الكبرى فى أول مشاركة له فى هذه المسابقة.
وهو يتذكر هذه التجربة قائلا: كنت أقدم أعمالى إلى صالون الشباب فترفض فأعيد المحاولة فى العام الذى يليه وهكذا حتى تم عرضها وكانت المفاجأة أنها فازت بالجائزة الكبرى، أما أسباب الرفض والقبول المفاجئ فلا أعرفها حتى اليوم، لكن الواقع أن حصولى على الجائزة الكبرى فى صالون الشباب كان حدثا هاما بالنسبة لى، وأستطيع أن أقول بأنه كان علامة فارقة فى حياتى، فقد فتحت هذه الجائزة أمامى أبواب العرض داخل القاعات الخاصة والرسمية على حد سواء، وكان عرض أعمالى بالصالون سببا فى دعوتى لعرض أحد أعمالى المجهزة فى الفراغ فى أوروبا لأول مرة.
أقام وائل شوقى العديد من المعارض الشخصية، كما شارك أيضا فى العديد من المعارض المحلية والدولية، غير أنه يرتاح كثيرا لفكرة العرض فى أتيليه القاهرة إذ يقول: أشعر فى أتيليه القاهرة بنوع من الحميمية والألفة لا أجدها فى أى مكان آخر، كما أنه يتمتع بالإستقلالية بعيدا عن الأجواء الرسمية فى قاعات الدولة أو حتى الأجواء التجارية داخل القاعات الخاصة، كما أنه يتيح الفرصة لكل الاتجاهات والأساليب وليس له أى شروط أو ملاحظات على إبداع الفنان سوى الجدية.
إلى جانب ممارسة الفنان وائل شوقى للتصوير فهو من المبدعين أيضا فى مجال التجهيز فى الفراغ، وهو يرى أن أعمال التجهيز فى الفراغ تحتاج من الفنان إلى طاقة وحركة وتعتمد فى المقام الأول على التخطيط المسبق لكل صغيرة وكبيرة، مع إمكانية التعديل والتوفيق حتى اللحظات الأخيرة قبيل العرض بما تتضمنه من عناصر كثيرة كالصوت والفيديو والمجسمات، فهى أعمال مرتبطة بالمكان الذى تقام فيه وبالناس الذين يتفاعلون معها كجزء من العمل، خلافا لأعمال التصوير التى لا تتطلب كل هذا التخطيط والتنسيق والإعداد للفكرة، كما أنها فى كثير من الأحيان تعتمد على العفوية ولا تتطلب كل هذا القدر من الطاقة الواعية.
ولقد تعمد وائل شوقى فى أعماله المعروضة بأتيليه القاهرة استخدام خامة الأكواريل فقط، خلافا لأعمال التصوير السابقة التى كان يتعامل فيها بأكثر من خامة داخل اللوحة الواحدة، وهو ما كان يسمح للوعى بالتدخل أحيانا للتنسيق والترتيب والصياغة.
وهو يقول معلقا: لقد أردت هنا معالجة الأعمال بأقصى درجات العفوية دون إعطاء الفرصة كاملة لتحكم الوعى فى بناء وترتيب العناصر على سطح العمل، أما عن المفردات والشخوص الموجودة فهى أشبه بالممثلين الذين يتقمصون أدوارا مختلفة، قد تتعلق هذه الأدوار بى أو بك أو بأى شخص آخر لكنها فى النهاية أدوار تنتمى للمحيط الذى أعيش فيه، كما أنى بدأت هنا أيضا فى إضافة نوع من التنسيق على اللون، ومزج غير ملحوظ للفوتوغرافيا كنوع من القص واللصق "الكولاج" على سطح العمل.