أكرم القصاص - علا الشافعي

حمدى رزق

ويسألونك عن الجدار

الثلاثاء، 22 ديسمبر 2009 07:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
يسألونك عن الجدار، يتكلمون عن جدار مصرى فولاذى على حدود مصر الشرقية مع غزة، وكأنهم يتكلمون عن الجدار الواقى لشارون، نهازو الفرص والصيادون فى الماء العكر يقودون اليوم أكبر حملة لتضليل الرأى العام، ويتلاعبون بالضمير الوطنى دون أدنى وازع من ضمير، لينالوا من الدور المصرى ومن القيمة المصرية الثابتة التى لا تتزعزع أبدا فى زمن الحرب وزمن السلم على السواء: القضية الفلسطينية، محور السياسة الخارجية المصرية وسداها ولحمتها.

يسألونك عن الجدار، قل لهم إن الجدار المصرى الذى تشيده القوات المسلحة المصرية الباسلة هو ضرورة لأمن مصر القومى، ولمن لا يعلم، أو يعلم ويعمد إلى التضليل، فى قلبه مرض زادهم الله مرضا إن رياح السموم تهب علينا من البوابة الشرقية، صارت مصدر قلاقل، والباب اللى يجيلك منه الريح سده واستريح.

الرياح تهب بقسوة من البوابة الشرقية، فإن كان القول على التهريب، فليعلم من لا يعلم أن هناك اليوم تجارة غير مشروعة وحركة تهريب لم يسبق لها مثيل فى تاريخ هذه المنطقة، من
بضائع إلى أغذية وصولا إلى المخدرات والبشر وما أدراك ما البشر، الهجرة الأفريقية والسودانية إلى إسرائيل تتخطى السور، وعصابات تهريب الروسيات تبدى نشاطا، بئس ما يفعلون، المتضرر من الجدار هم العصابات، أما الوطنيون والمناضلون فلا يخترقون الجدران، المهربون كالفئران يفضلون الأنفاق.

لن نتحدث عن تهريب السلاح والمتفجرات والأحزمة الناسفة وبعضها ضبط فى خلية حزب الله الأخيرة، حديث قد يخدم الجانب الآخر، لكن متطلبات الأمن القومى تتطلب حماية الحدود ولو بجدار، جدار يعزل المهربين والمجرمين ويحمى الوطنيين وينظم حركة أهلنا فى غزة.

ويسألونك عن الجدار، قل لهم ولا تخش ملامة، فُجر القول تمحوه الحقائق، إلى اليوم تم حفر 1700 نفق بين الرفحين المصرية والفلسطينية، وأن ثمة بارونات فى غزة اليوم يتجرون فى
الأنفاق، وتسعيرة التهريب معلومة سلفا وطبعا للمخدرات أسعار خصوصية وللسلاح أسعار فلكية .. وادفع تفوت..!

مثلا؛ علبة السجائر التى تباع فى مصر بخمسة جنيهات تباع فى رفح بعد تهريبها عبر الأنفاق بـ20 شيكلا إسرائيليا، حركة الاستيراد الشهرى عبر الأنفاق وصلت شهريا إلى 40 مليونا من الدولارات وفى رواية فلسطينية أخرى 60 مليونا! المخدرات ليست غذاء وليست كساء، تروج بشدة عبر هذه الأنفاق، أخيرا تم ضبط 4 ملايين من الأقراص المخدرة مهربة عبر هذه الأنفاق، وما خفى من المخدرات أعظم بكثير!

قل لهم إن هذه الأنفاق التى يدعون أنها أنفاق للنضال، وتهريب الأبطال وفتح الآفاق فى وجه الحياة الفلسطينية المحاصرة فى غزة، مات فيها وجرح ما يزيد على 600 فلسطينى، قارن بين ضحايا الاجتياح الإسرائيلى وضحايا الأنفاق، الأنفاق تقوم على جثث الضحايا، الجدار يقام على أرض مصرية، حتى السيادة المصرية هناك من يتقول عليها بئس قول الإخوان المسلمين
والتابعين.

قل لهم إن الأنفاق تحفر وتترك على طبيعتها دون تبطين بأية مواد داعمة فتتعرض للانهيار، وتسببت فى تضرر عشرات المنازل والمرافق فى رفح المصرية، كون هذه الأنفاق تعرضت لقصف إسرائيلى مكثف.. فضلا عن أن حركة الحفر ذاتها والتى تتم بطرق بدائية وتتكاثر شيطانياً فى هذه المنطقة، تخلخل التربة فى رفح المصرية وتعرض البيوت فيها لمخاطر الانهيار الداهمة بلا شك!

قل لهم إن حفر الأنفاق التى يقوم الجدار المصرى لسد الفرص أمامها، تحولت إلى مهنة العاطلين، فالشاب العاطل المنضم لحركة حماس يمتهن الأنفاق لحد الاحتراف، وقيمة الحفر مجزية من 2000 إلى 3000 دولار لحفر النفق الواحد، مع 15 فى المائة من (نسبة الأرباح)، وكأننا صرنا بإزاء "شركة قابضة" للأنفاق تملكها وتديرها إمارة حماس من غزة، عابثة بالحدود المصرية الغالية.

قل لهم إن هناك فضيحة فساد مدوية أحاطت بالأنفاق وزكمت الأنوف، حين قام بارونات الأنفاق بالنصب باسم أنفاقهم وأرباحها الجبارة فى توظيف أموال فلسطينيين سذج من غزة
أودعوهم أموالهم (4 آلاف فلسطينى تحديدا..) مقابل أرباح 10 فى المائة، وضاعت على الناس أموالهم (إلى هذا الحد نما وترعرع اقتصاد سرى ملوث على خلفية تجارة الأنفاق؟)..
فإن لم يكفهم كل هذا القول ? على ما فيه من الكفاية ? فقل لهم إنه من الثابت أن كل الفصائل الفلسطينية بلا استثناء طالبت مرارا وتكرارا بالتصدى لظاهرة الأنفاق لحماية الشباب الغزاوى من مخاطرها، فضلا عن كونها تشوه النضال الفلسطينى وصورة الإنسان الفلسطينى ذاته، وتظهره فى هيئة المهرب وتاجر المخدرات والسلاح والإرهابى، وجميعها أقاويل وصفات لا تفيد سوى الإسرائيليين..!

وأخطر من كل ما سبق فى تقديرى، قل لهم إن الأنفاق تهدد الأمن القومى المصرى فى هذه البقعة من الحدود، وأن الإرهاب والسلاح وتهريب المخدرات والبشر ومن وراء كل ذلك من
(بارونات الحدود) فى غزة لا يمكن أن تتحكم فى مصير الحدود المصرية، أيا تكن الاعتبارات، ومهما تكن الذرائع!

حقيقة الجدار أنه لوقاية الأمن القومى المصرى من كل هذه الاختراقات التى لا يمكن لدولة على وجه الأرض أن تتقبلها، ولا يمكن أن تبتلعها باسم النضال أو الأخوة، أى نضال هذا الذى يقوم على التهريب فى الليل والاتجار فى المخدرات؟ أى نضال هذا الذى يدر على المناضلين 60 مليون دولار شهريا؟ وأى نضال هذا الذى يعطيك الحق فى انتهاك حدود الدولة الوحيدة التى تقف إلى جوارك وفى ظهرك دائما مدافعة عن حقوقك التاريخية والجغرافية؟

إن القول بأن الجدار يسد الباب فى وجه الفلسطينيين، ويجعلهم تحت رحمة القصف الإسرائيلى ويغلق باب مصر فى وجوههم، قول مردود عليه، لم تغلق مصر بابها فى وجه عربى واحد من قبل لاسيما إن كان فلسطينيا، يوميا مئات الفلسطينيين، مرضى وطلاب وحجاج يدخلون من منفذ رفح بطريقة مشروعة وعلى الرحب والسعة، ومصر لا تتفضل بهذا الدور، مصر أكبر من المباهاة، إن مصر تؤمن بأن هذا هو دورها التاريخى الذى يجب أن تقوم به، وتؤمن بالحقوق الفلسطينية إيمانها بالحقوق المصرية ذاتها.. ستظل أبواب مصر مفتوحة للفلسطينيين، ولكن هل يجب أن تكون مفتوحة بصورة إجرامية مروعة كهذه؟ أليس من الممكن أن تكون مفتوحة عبر طرق مشروعة معلنة وشفافة وكريمة، وتضمن للفلسطينيين أنفسهم السلامة والأمن على أرواحهم؟ وتضمن لهم الكرامة وعزة النفس أيضا.. وما أغلاهما!

الأمن القومى المصرى خط أحمر غليظ جدا، لا يمكن تخطيه ولا العبث به ولا تركه تحت رحمة أية قوة مهما تكن ولا من أجل أى اعتبار، ومصر حاربت طويلا وسقط من أبنائها آلاف مؤلفة من الشهداء وروت دماؤهم الزكية رمال هذه البقعة وغيرها من أرض سيناء دفاعا عن الأمن القومى المصرى، أكثير على هذا البلد الذى يعرف المعنى الحقيقى للنضال من أجل القضية الفلسطينية العادلة أن يحمى أمنه القومى اليوم وألا يتركه للمهربين وتجار المخدرات والسلاح وبارونات حماس..؟!

* نقلا عن المصور








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة