قبل 28 عاما وقف ناجح إبراهيم فى القفص الحديدى الأول ضمن 16 قفصا أعدت لاحتواء المتهمين الـ302 فى كبرى قضايا التنظيمات السياسية بتاريخ مصر الحديث، والتى أطلق عليها إعلاميا «قضية الجهاد الكبرى».. ناجح إبراهيم من خلف قفص الاتهام وبجواره كبار قيادات التنظيم ممن لمعت أسماؤهم فى قضية اغتيال الرئيس الراحل أنور السادات، بداية من الدكتور عمر عبدالرحمن وعبود الزمر وطارق الزمر وكرم زهدى وأيمن الظواهرى وفؤاد الدواليبى وعصام درباله، يحاول قبل الجلسة أن يردد الهتافات الإسلامية على قدر الإمكان وخاصة نشيد «غرباء» كى تقترب منه وسائل الإعلام العربية والعالمية لتسجيل حوارات صحفية عن وضعه داخل السجون وحقيقة الاتهامات الموجهة إليهم، فضلا عن أنه لم يكتف بذلك بل كان يرفع صوته أثناء انعقاد الجلسة، وذلك لكى يلتفت إليه المستشار عبدالغفار محمد ويسمح له بالكلام وهو ما تم بالفعل حيث قال له أشهر القضاة آنذاك: «تكلم يا ابنى قل ما تشاء ولكن بإيجاز، ولا تتسرع حتى نستطيع أن نكتب كل كلمة»، لينضم إلى قافلة المتحدثين باسم الجماعة الإسلامية بداية من عمر عبدالرحمن وكرم زهدى والدكتور أيمن الظواهرى.
هذا الحوار سجلته الصحف العربية ووكالات الأنباء العالمية، كما أن كاميرات التصوير وقفت على تلك الصور التى كتبت تحتها تعليق «ناجح إبراهيم المتهم الرابع فى القضية من خلف القفص يتحدث إلى المستشار عبدالغفار محمد رئيس محكمة أمن الدولة العليا طوارئ».
اليوم وقد تغير الحال فقد مرت أقصى عقوبة قضى بها المستشار عبدالغفار محمد على المتهمين وكانت بالأشغال الشاقة المؤبدة على عبود الزمر، ورغم ذلك لم يخرج من السجن وتفرق المتهمون، فأيمن الظواهرى انضم إلى أسامة بن لادن فى تنظيم القاعدة، وعمر عبدالرحمن معتقل بالسجون الأمريكية، وحتى المستشار عبدالغفار قد رحل عن الحياة قبل أسابيع قليلة، إلا أن مشهدا لم يرحل فقد جمع القدر بين القاضى والمتهم فى لقاء من نوع خاص، فناجح إبراهيم وأسامة حافظ زارا المستشار عبدالغفار قبل وفاته بشهور قليلة وجلسا بجواره على سريره فى غرفة نومه بمنزله بمصر الجديدة، لايفصل بينهما أى حاجز حديدى، ويتحدث ناجح إبراهيم مع المستشار عبدالغفار عن ذكريات وكواليس قضية الجهاد الكبرى بتبادل الحال واختلاف الصورة تماما عما كان من قبل.
وعن تفاصيل اللقاء الذى جمع ناجح إبراهيم وأسامة حافظ المتهمين فى قضية الجهاد وعبدالغفار محمد فى الشتاء الماضى بحضور يوسف صقر المحامى، يقول صقر إنه تربطه علاقة قوية بالمستشار عبدالغفار محمد منذ انتهاء القضية وإنه دائما ما كان يتردد عليه، وفى إحدى المرات اصطحب ناجح إبراهيم وأسامة حافظ العام الماضى لزيارته، مشيرا إلى أن كلا من ناجح إبراهيم وأسامة حافظ كانا حريصين على زيارة ذلك الرجل لما أصدره من أحكام عادلة تجاههم، ويشير صقر إلى أنهما تبادلا مع المستشار عبدالغفار خلال ذلك اللقاء ذكريات الكواليس التى كانت تدور فى الجلسات ومواقفه المؤثرة مثل قيامه بإعادة فتح باب المرافعة مرة ثانية بعد إغلاقها، وهى المرة الأولى فى تاريخ القضاء المصرى.
وأضاف صقر أن لقاءهم بالمستشار عبدالغفار تناول كواليس إصابته بانفصال بالشبكية ووقتها قال المستشار عبدالغفار لقد أجهدت من كثرة قراءة ملفات القضية التى تجاوزت 30 ألف ورقة وهو ما دفعنى للسفر إلى لندن عدة أشهر للعلاج ،فضلا عن كواليس فتح باب المرافعة مرة ثانية بعد غلقها لتكون هى المرة الأولى من نوعها، حيث كان هناك 50 متهما ومن بينهم طارق الزمر.
وعلى الجانب الآخر قال ناجح إبراهيم أحد قيادات الجماعة الإسلامية إن زيارة المستشار عبدالغفار لم تكن إلا ردا للجميل، وذلك لأنه أصدر حكما عادلا وتاريخيا، وهو ما بدا واضحا فى قاعة المحكمة من زغاريد وتهليل بعد الحكم، إضافة إلى المظاهرات التى انتشرت فى شوارع القاهرة، وأشار ناجح إبراهيم إلى أن تلك الزيارة رفعت من معنوياته فى الفترة الأخيرة التى كان فيها قعيد الفراش.
وقال ناجح: بمجرد دخولنا لغرفة المستشار عبدالغفار، قام بأسلوبه اللطيف بمداعبة الشيخ اسأمه حافظ، قائلا: أنت يا أسامة لم تحضر اجتماع مجلس الشورى بتاريخ 28 سبتمبر والذى تقرر فيه اغتيال السادات ولذلك خففت الحكم عليك إلى عشر سنوات، وبعدها سأل عن باقى الإخوة وكان سعيدا بالإفراج عنهم، ثم سأل عن الشيخ عبود وطارق الزمر وكان حزينا جدا على بقائهما حتى اليوم فى السجن، ثم حملنى أمانة أن أوصل إليهما السلام وأن أبلغهما أنه كان عادلا معهما، وتمنى خروجهما من السجن.
ناجح إبراهيم وأسامة حافظ زارا المستشار عبدالغفار محمد فى منزله بمصر الجديدة لرد الجميل وتبادل ذكريات قضية العمر
أسرار العلاقة بين قاضى محاكمة قتلة السادات وقيادات الجماعة الإسلامية
السبت، 19 ديسمبر 2009 04:58 م
.. وبعد سنوات طويلة ناجح إبراهيم وباقى القيادات بجواره على فراش المرض
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة