يقترن اسم عفيفى عبد الوهاب السفير المصرى بالسودان فى الأذهان باعتداءات الجماهير الجزائرية على المصريين بعد مباراة فى كرة القدم بين البلدين فى 18 نوفمبر الماضى بالخرطوم، لكن يقترن فى ذهن فؤاد عبد المطلب محمد، مقاول مصرى يعمل بالسودان، بقضية تمس أرزاق 300 عامل مصرى ذهبوا، عبر وزارتى الخارجية والقوى العاملة، للعمل بالسودان فتعرضوا لظروف عصيبة جعلتهم يتسولون قيمة تذاكر العودة من هناك، وكانت بينهم وبين السفير عفيفى قصة رواها أحد أبطالها لليوم السابع.
فؤاد عبد المطلب محمد، مقاول مصرى تخطى عمره الـ 50 عاماً، قرر السفر إلى السودان للعمل هناك، ورغم معارضة أقاربه لسفره بدعوى أن السودان دولة فقيرة، إلا أنه أصر على قراره، وبالفعل نجح فى إثبات كفاءته كواحد من أمهر المقاولين بشركة "دى سى" الهندسية للتصميم والتشييد المحدودة، التابعة للحكومة السودانية.
وأثناء عودته إلى مصر لقضاء إحدى الإجازات بين أسرته، فوجئ فؤاد بمندوب من شركته بالسودان يحضر إلى القاهرة ليبلغه بأن الشركة قررت تفويضه لاستقدام 300 عامل وحرفى مصرى للعمل بها، وأن القنصلية المصرية بالخرطوم صدَّقت على تفويضه، على الفور توجه المقاول المصرى إلى وزارة القوى العاملة التى عرضت الأمر على وزارة الخارجية حتى يتم ندب مستشار عمالى بالسودان يشرف على أوضاع العمال المصريين بها، بعدها تلقت وزارة القوى العاملة تأكيداً من السفارة المصرية على تمتع الشركة السودانية بسمعة جيدة لتوافق الوزارة على إرسال العمال عبر مكتب سفريات يتقاضى 50 دولاراً عن كل عامل، حسبماً طلب الجانب السودانى.
إلى هنا كانت الأمور تسير بشكل طبيعى، فقد سافر العمال وبدأوا تسلم مهامهم داخل الشركة، إلا أن تغيير السودان عملتها من الدولار إلى الجنيه المحلى أصاب الشركة بحالة من الكساد عجزت معها عن صرف مستحقات العمال المصريين، فكان من الطبيعى أن يتهموا المقاول المصرى بالنصب عليهم، لأنه كان وراء سفرهم، فلم يجد فؤاد عبد المطلب أمامه سوى تحمل نفقات عودة 250 منهم إلى مصر ليتبقى منهم 50 منحهم هو على نفقته مرتباتهم لمدة شهر.
فى تلك الآونة بدأت الخلافات تدب بينه وبين أصحاب الشركة السودانية حول مستحقاته المالية، فلم يجد فؤاد أمامه إلا التوجه للسفارة المصرية باعتبارها الجهة المسئولة عن رعاية حقوقه، لكنه فوجئ بالمستشار العمالى بالسفارة ينصحه باللجوء إلى القضاء، ويقول له إن المصريين فى السودان "ليس لهم كرامة"، وبالتالى لا جدوى من اللجوء للسفارة.
لم يعمل المقاول، فى بادئ الأمر، بنصيحة المستشار العمالى، فهو مقتنع تماماً بأن كرامة المصريين فى الخارج محفوظة، وبالفعل نجح فى لقاء السفير عفيفى عبد الوهاب الذى طمأنه على مستحقاته لدى الشركة السودانية التى لم تمنحه أمواله إلى الآن، رغم إنها قامت بإنهاء أزمة عامل تركى بها بمجرد قدوم السفير التركى بالسودان إلى مقر الشركة.
حينما أدرك المقاول الفارق فى السرعة بين التحرك الدبلوماسى التركى والمصرى توجه لإقامة دعوى ضد الشركة أمام النائب العام السودانى الذى طالبه بالعودة إلى مصر أو الحصول على "كرتونة" مساعدات غذائية، فرد عليه المصرى "أنا لا أتسول منك، فنحن المصريين أول من صدَّرنا المساعدات الغذائية للدول العربية المُحتاجة"، ثم قرر العودة إلى القاهرة.
قبل أن يعود فؤاد عبد المطلب إلى مصر التقى بالرئيس السودانى عمر البشير داخل أحد المساجد الكبرى، فعرض عليه أزمته وسلمه ملفاً كاملاً من المستندات التى تثبت أحقيته فى أموال لدى الشركة السودانية، ثم حزم حقائبه وعاد إلى مصر، وهو الآن يستعد لتفويض محامٍ لمتابعة قضية مستحقاته بالسودان.
فؤاد طلب من اليوم السابع إيصال شكواه إلى مسئولى وزارتى الخارجية والقوى العاملة والقضاء المصرى، مؤكداً امتلاكه وثائق ومستندات تثبت صحة كل ما رواه.
مقاول مصرى عائد من السودان يروى مأساة 300 عامل مصرى: شركة سودانية رفضت دفع مستحقاتنا المالية.. والسفير المصرى أهمل قضيتنا.. والمستشار العمالى نصحنى باللجوء للقضاء "لأن المصريين يعيشون هناك دون كرامة"
الخميس، 17 ديسمبر 2009 11:20 ص