يتحدث الجميع هذه الآونة عن التحديات التى تواجه الإسلام المعاصر، لاسيما بعد حملات الهجوم عليه من بعض العناصر فى الغرب، وأنه دين يدعو إلى التخلف والرجعية، وأؤكد أن الإسلام لن يعود إلى قوته المنشودة إلا من خلال جعل العبادة تتسع فى معناها لتشمل بكل جدية واهتمام محاولات الكشف العلمى عن أسرار الكون كشفاً لا يقتصر على مجرد العلم فى ذاته بتلك الأسرار، بل يجاوز ذلك إلى تحويل العلم إلى عمل.
ولكن بالرغم من هذا التقدم العلمى الإسلامى، نجح الاستعمار فى إزكاء الثغرات الجاهلية فى الأمة، كما نجح فى تجزئة الوطن الإسلامى الكبير، وجعل منه كيانات صغيرة منفصلة، بهدف الحيلولة دون تماسك الأمة الإسلامية وتسخير مواردها الكلية فى سبيل نهضة كلية فى العالم الإسلامى.
ولم يعد خافياً على أحد من المسلمين المدركين لرسالة الإسلام فى توحيد جهود المسلمين أن تمزيق العالم الإسلامى قد حال دون وشيجة إسلامية تجمع المسلمين، وبالتالى فقد حيل دون وجود وحدة اجتماعية تجمعهم، تؤازرها وحدة اقتصادية، فأدى ذلك إلى إضعافها اقتصادياً وسياسياً وعلمياً، وضياع طاقاتها البشرية، وضياع ثرواتهم فى أسواق المال الأجنبية.
كذلك عمل الاستعمار على تربية الأجيال المسلمة فى الأقطار الإسلامية على إبعادهم عن الإسلام، وسلخه من مفهومه الصحيح كدين شامل يعنى بحياة المسلم وآخرته.
وعلى هذا الأساس وضعوا سياسة التربية والتعليم فى أقطار المسلمين بواسطة المستشرقين، ومن حذا حذوهم من أهل الأقطار الإسلامية نفسها، وقد رسموا سياستهم على أسس منها إضعاف الروح الدينية لدى الطلاب، والاهتمام بالمواد المدنية وتدريسها بمعزل عن الدراسات الدينية، مع العلم بأن الإسلام يدرس كل العلوم على أساس قاعدته الكلية، سواء كانت العلوم متعلقة بالمسائل الضرورية أو الحاجية، كما عمل على إشعار الطلاب منذ نعومة أظفارهم باستعلاء اللغة الأجنبية .
كما أن الأمة الإسلامية تواجه حملات التشويه والتزييف لديننا الحنيف، ومهمة هذه الحملات هدم المجتمع الإسلامى، وإقامة مجتمعات على شاكلة المجتمعات الأوروبية، وكذلك ما قام به زعماء الفتنة والتشويه من إدعاءات كاذبة مضلة بدءاً من أن القرآن الكريم من تأليف سلطة بشرية، وأن ما جاء به لا يزيد عن كونه نوعاً من الحيل.
إن دراسات المستشرقين حول القرآن الكريم لا تصدر عن العلم، بل تنحرف نتائجه عنه؛ لأنها عن هوى واعتقاد حاقد عن الإسلام، أو غير قادر عن فهمه.
إن المستشرقين ينتمون إلى نوعين لا ثالث لهما؛ فالمستشرق إما أن يكون علمانياً مادياً لا يؤمن بالغيب، وإما أن يكون يهودياً لا يؤمن بصدق الرسالة الإسلامية التى أعقبت رسالته.
ويعمل الاستشراق على الحيلولة بين الشعوب وبين الإسلام ، وذلك بحجب محاسن الإسلام وتشويه صورته؛ لإقناع الناس بعدم صلاحية الإسلام، هذا بالإضافة إلى فصل المسلمين عن جذورهم الثابتة الأصيلة بتشويه تلك الأصول، وعزلها عن مصادرها، والعمل على هدم الكيان الفردى والاجتماعى والنفسى والعقلى، وذلك للاستسلام أمام المستعمر وثقافته وفكره.
ومما لاشك فيه- ومن خلال استقراء التاريخ والواقع المشاهد- أن أساليب الكيد والحقد للإسلام قد تنوعت، وكثرت محاولات استئصاله عبر التاريخ قديماً وحديثاً، ولكن الحمد لله تبوء جميعها بالفشل فى النهاية، لأن الله عز وجل قد تكفل بحفظ هذا الدين وأهله وأتباعه.
ومن الإدراك الواعى لهذه الأمة أن العودة إلى سياج الإسلام عقيدة ونظاماً هى مسألة مهمة ، وأن الواجب الأكبر والسبيل الوحيد للإنقاذ من حياة الشتات هو أن نفهم الإسلام فهماً واعياً مشرفاً صائباً ونقياً وذلك بالتصديق الجازم بعقيدته، واستخدام الفرد المسلم الحقائق والمعلومات التى يستقيها من القرآن الكريم والسنة النبوية، ليربط بها الواقع فيصبح مفكراً إسلامياً قادراً على إيجاد الحلول الصحيحة لكافة المشكلات.
هذا بالإضافة إلى الاهتمام بالمرأة من حيث التربية الدينية والثقافة الإسلامية الصحيحة، لا تلك السائدة فى الفضائيات الفراغية التى تعمل جاهدة على تلويث المرأة، وتدمير حياتها الأسرية والعملية.
كما يجب أن تقوم أجهزة الإعلام برد الشبهات والدعاوى الباطلة الموجهة ضد الإسلام، وتوعية المسلمين بإخراجهم من موقف الضعف والدفاع، إلى موقف القوة والمجابهة.
وإذا كنا نعنى بالتحديات التى تواجه الإسلام المعاصر، فينبغى أن نحذر المسلمين من النشاطات المعادية للإسلام والتى تتقنع فى مؤتمرات ومؤسسات بأسماء مختلفة مثل نوادى الحياة، أو منتديات الصداقة.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة