بدأ المركز القومى للترجمة فى اتخاذ خطوات جادة نحو ترجمة بعض الأعمال من الثقافة الفارسية، رغم ما يعترى العلاقات السياسية المصرية الإيرانية من مشكلات فرضتها بعض الإجراءات الإيرانية الأخيرة والتى كان من شأنها أن أصدر رئيس الجمهورية تحذيرا شديد اللهجة للإيرانيين بعدم التدخل فى شئون مصر.
وقد أكد الناقد الكبير د. جابر عصفور رئيس المركز القومى للترجمة أن الاتجاه الجديد فى ترجمة الكتب الإيرانية يهدف للقضاء على مركزية الثقافة الأوروبية الأمريكية، مشيرا إلى رغبة الثقافة المصرية فى التوجه إلى الثقافات الأخرى، مما جعل المركز يقوم بترجمة بعض الكتب من الثقافة الفارسية ، والكورية.
وأكد عصفور أن الأدب الفارسى ملىء بالروائع وترجمتها واجب على كل من يهتم بشئون الترجمة، وهو ما جعل المشروع القومى للترجمة يصدر رائعة جلال الدين الرومى المثنوى، وغيرها من روائع الثقافة الفارسية.
وأشار عصفور إلى أن هناك هيئة استشارية للمركز القومى للترجمة تتكون من 30 أستاذا جامعيا يقومون بفحص الأعمال الأدبية ليختاروا منها ما يتناسب مع الثقافة العربية، واستبعاد ما يهدد مصالح الأمن القومى المصرى والعربى.
وقال عصفور: لن أترجم كتابا إيرانيا يتحدث عن حق إيران فى الخليج العربى، وإلى آخر هذه الدعاوى التى تمس الأمن القومى، مؤكدا على أن اهتمام المركز ينصب على تحقيق الأهداف الثقافية الروحية وليس لها أى صلة بالسياسة الإيرانية.
كما أكد عصفور أن الثقافة الفارسية أسهمت فى صنع الثقافة العربية ابتداء من سلمان الفارسى والأعمال العظيمة مثل ألف ليلة وليلة، وانتهاء بالأقلام الأدبية الحالية، وهو سبب رئيسى يحفزنا على عدم تجاهل الثقافة الفارسية.
وأشار عصفور إلى أنه لا يوجد خطة رسمية فى ترجمة كتب الثقافة الفارسية، مؤكدا أن تحذير رئيس الجمهورية من إيران صحيح لوجود توجه إيرانى لإفساد العالم العربى، وقال: إيران تقف بجوار بعض النظم وتساعدها لقلبها على دول أخرى، فهى تساعد قطر، وحزب الله، وحماس، لتوطيد أقدامها فى هذه الدول، ولتفرض المذاهب الشيعية وهو ما يجب أن نتصدى له ونعى جيدا خطواتها فى هذا الشأن.
وختم عصفور: نحن حذرون فى ترجمة أى كتاب عن الفارسية، ولا نتعامل مع هذه الثقافة بشكل عشوائى، ومعنى قيامنا بترجمة هذه الكتب أننا لا نتفق مع سياسات حكومتها، فالمثنوى، وإشراقات تبريزى، والشيرازى، ليست كتب تدعم خططهم أو أحلام إيران التوسعية.
سهير المصادفة مسئولة سلسلة الجوائز بالهيئة العامة للكتاب أكدت أن الثقافة والمعرفة ليس لهما علاقة بأى خلافات بين الشعوب، وقالت: هناك العديد من الكتب التى يجب أن نقوم بترجمتها، ولا يجب أن نلتفت إلى أى خلاف قد يوقفنا عن هذه المهمة.
وأشارت المصادفة إلى أن جهود التواصل مع الثقافة الفارسية لا يجب أن يعطلها الخلافات السياسية مؤكدة على أن جسور الثقافة المصرية الفارسية ممتدة، فالخلفية مشتركة، وخلفيتنا الدينية واحدة، والجانبان مكملان لبعضهما.
وأعربت المصادفة عن أمنيتها بأن يقوم التوجه الثقافى بحل كل الخلافات السياسية بين الجانبين، مشيرة إلى ما قام به أحمد رامى مثلا من ترجمة لرباعيات الخيام، يؤكد على أن مهمة الثقافة تجاوز كل خلاف، والاهتمام فقط بما هو تراث عالمى.
فيما أكد الباحث وائل فاروق أن التعاون الثقافى المصرى والإيرانى كان منحصرا على التقريب بين وجهات النظر الدينية، وهو ما قام به الأزهر فى التقريب بين جانبى السنة والشيعة، مشيرا إلى أهمية إقامة جسور ثقافية مع العلمانيين الإيرانيين المثقفين وهو ما وصفه فاروق بأنه سيصب فى مصلحة التعاون الثقافى بين الثقافتين، لأنه سيمثل تعاونا خارج إطار الصراع السياسى.
وأكد فاروق أن ما يعنيه بالعلمانيين هم المثقفون الإيرانييون الذين يؤمنون بضرورة فصل الدين عن الدولة، وألا يتولى الشيوخ الحكم، وهم يمثلون نفس الفكر الذى يؤمن به المثقفون المصريون.
كما أشار فاروق إلى أن التعاون الثقافى المصرى الإيرانى قد تأثر بالصراع المذهبى الذى تصدر المشهد، وهمش الجانب الثقافى، وأعطى فاروق عدة نصائح لإتمام هذا التعاون المصرى الثقافى منها الاحتفاء بالأدباء الإيرانيين، والثقافة الفارسية، وكذلك صناع السينما الإيرانية، والاهتمام بترجمة آدابهم ومتابعتها.