أسعد صوت السيد علاء مبارك فى اتصاله الهاتفى عبر برنامج الرياضة اليوم، وبرنامج البيت بيتك الجميع، وربما تعود أسباب السعادة إلى ندرة ظهور نجل الرئيس الأكبر فى الإعلام المرئى أو المسموع أو المقروء، وكذلك ما ارتبط بشخصية السيد علاء مبارك بأنه بعيد عن الساسة والعمل الحزبى بصورة المشارك، وأهم الأسباب ما يتعلق بطبيعة الشعب المصرى الذى يحب أن يرى الممنوع مرغوباً، وهو ظهور أحد أفراد البيت الرئاسى بغض النظر عما سوف يطرحه من أفكار.
ولا شك أننى من هؤلاء البسطاء الذين سعدوا بحديث السيد علاء مبارك، بل وكنت فى شوق أن يمتد صوته حتى انتهاء البرنامجين، وربما كنت سأصبح أكثر سعادة لو ظهر بصورته بدلاً من صوته لأرى انفعالاته دونما حجاب، ولأننى قمت بتسجيل البرنامجين استمعت إليهما مرتين، مما جعلنى ألتقط بعض التفاصيل التى تضمنها الاتصالان الهاتفيان.
ولن أكرر ما قاله وأكده السيد علاء مبارك فى اتصاله، لكنه كان أكثر احتقاناً منا مما حدث لنا جميعا بهولوكوست أم درمان؛ لأنه أولاً كان شاهد عيان لتصرفات البربر الأمازيغ، ثانياً هو رجل تربى فى بيت أكثر ما فيه صور للعلم المصرى ذى الألوان الثلاثة يتوسطه النسر، على عكس آخرين قد تربوا على أشياء أخرى واكتشفوا العلم المصرى فى بطولة الأمم الأفريقية عام 2006، رغم كونه معلقاً فى جميع مدارس مصر، وكافة المصالح الحكومية الرسمية.
وقبل أن يتباهى البعض الآن بوضع علم مصر فوق صدره، أو على المنضدة، أو أمام دكانه، كان هو يراه فى كل مناسبة ينظر فيها والده، فربما كان هذا دافعاً قوياً لمشاعره الغاضبة من تصرفات البربر، ولأن هذه السطور غير موجهة للحديث عن السيد علاء مبارك، يهمنى، وقد يهم الكثير أن يفطنوا بأن هذا الرجل كسر إيقاع الإعلام الرتيب، ذلك بأن يتحدث أحد أفراد مؤسسة الرئاسة إليهم فى حوار غير مسجل، أو معد أسئلته مسبقاً، فكان الحوار طبيعياً تلقائياً، فطرياً بدون حواجز رقابية، أو مطبات اصطناعية، لأن السيد علاء أعلن فى اتصاله بأنه بعيد عن الساسة والعمل الحزبى.
ومما لا شك فيه أن كثيرين ظلوا منتظرين صوته ليطل عيه عبر البرامج الفضائية التى تتحدث عن مباراة مصر والجزائر الأخيرة، وأنا لا أطن أبداً أنه يبحث عن موقف لتجميل صورته أمام الرأى العام؛ لأنه لا يبحث عن دور داخل أروقة الحزب الوطنى، ولا هو متهم بالتوريث، كما أنه ليس مدفوعاً من أخيه للتحدث فى البرامج الفضائية، لكنه تحدث من منطلق تعرضه لحادث أليم فعلاً.
فحينما سافر السيد علاء مبارك مع المنتخب القومى ذهب من كونه محباً للرياضة، ولوجود صداقات قديمة تجمعه واللاعبين الذين فشلوا فى تحقيق الفوز أو التعادل، ولأنه سافر لا كبقية الفنانين الذين إن أحصرتهم وجدتهم لا يخرجون ـ وإن بعض الظن إثم ـ عن هوس الوقوف أمام الكاميرا، أو أفول نجمهم الإعلامى، أو أن بعضاً منهم من كومبارس السينما، والأغرب أنهم لو كانوا يحبون مصر حقاً، أو إن جاز لنا التعبير مهمومين بقضايا الوطن لكنت شاهدتهم وهم ينتشلون جثث الضحايا فى قطار العياط، أو لرأيت واحداً منهم يسير فى جنازة المفكر والعالم العظيم الدكتور مصطفى محمود.
لكن لأن أمورنا فى مصر لا تخلو من الغرابة والدهشة، أن السيد علاء مبارك مثلى ينتظر رد مصر القوى على تلك الإهانات البربرية، وأنا أوجه الكثيرين إلى كيفية الرد، فمثلاً على الحزب الوطنى الذى داعب أحلام وهواجس الشعب بشعار "من أجلك أنت" أن يرد اعتبار مصر، لا أن يتخذ موقفاً أو يقف دقيقة حداد على كرامة المصريين التى أهينت، وعلى المؤسسة الدينية الرسمية أن تترك جانباً قضايا التأويل والتحليل وفرضية النقاب وإرضاع الكبير والصغير وتجد مخرجاً لها أولاً يعيد به الأنظار والثقة إليها.
أما الجامعات التى تتباهى ليل نهار بأصفارها المتميزة، فعليها أن تجتمع، وتجتمع، ثم تقرر، وتعقد لجنة لبحث قراراتها، ثم تشكل لجنة أخرى لبحث كيفية تفعيل تلك القرارات، وليس من المهم الطلاب والأساتذة والعملية التعليمية، والفكر الجامعى هذا العام، وليس من المهم دخول المنافسة القوية مع الجامعات العلمية الرصينة.
الأهم من ذلك كله، ألا تقف موقف المحلل والمفسر والمؤول لنص المكالمة الهاتفية للسيد علاء مبارك، وأن نعيد إذاعتها بصفة دورية كلما اقتضت الحاجة، إعجاباً بها، أو تقرباً للسلطة، أو لوجه الله ـ برغم إعجابى الشديد بالمكالمتين الهاتفتين منه ـ ينبغى أن نتخذ من ظهوره غير المألوف خطة للعمل أو للرد، أو حتى للتفرغ لقضايا الداخلية، ولأن خروج وظهور السيد علاء مبارك لم يكن مألوفاً لدينا، يجب أن يكون ردنا على إهانة كرامة المصرى رداً غير مألوف أيضاً، لا أن نكتفى بما يردده الجميع من أفكار تكاد تقضى على هويتى المصرية، فواحد يعد ملفاً مقروءاً ومصوراً عن تجاوزات الجزائريين، وربما لا يدرى حتى كتابة سطورى هذه لمن سيقدمها، وفنانون مصرون أنهم كما يظهرون بأفلامهم العجيبة فى زمن ثقافة فاروق حسنى سيذهبون إلى حيث يتواجد الجزائريون فى أى مكان ليحاربوهم، بينما اكتفى البعض بترديد عبارات وتهم تفيد أن الإعلام الجزائرى هو وجه آخر لعملة إسرائيل، الجميع ينتظر رداً عملياً، ويرفض إشارات وعلامات التهدئة والمماطلة والتسويف؛ العامل والمرأة المعيلة، والتلميذ، والمعلم، والصيدلى، والكيميائى، والفلاح، والبائع، كلهم بانتظار حل سريع كما اعتاد أن يسير حياته، أما أنا وآخرون سنعمل ونجتهد ونحاول أن نوقف الوقت علناً نجد لنا مكاناً فى عام سيبدأ بعد أيام.
دكتوراه فى الفلسفة
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة