د.عزازى على عزازى

فى حب البلطجة والبلطجية

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009 06:55 م


لست مع الذين يتعالون وهم يتحدثون بأنوفهم عن البلطجة والهوس والعصبية، كصفات مرذولة ارتبطت بمشجعى الكرة وجمهور الترسو، فالإنسان لا يولد بالفطرة بلطجيا أو همجيا، بل تدفعه الأسباب إلى ذلك السلوك، وعلينا أن نفرق بين البلطجى المحترف الذى يحيا ويرتزق منها وبين الهواة الذين يمارسون البلطجة بشكل عارض، وعلى رأسهم جمهور كرة القدم فى العالم كله..

واسمحوا لى فى هذا الصدد أن أعبر عن إعجابى وافتتانى بهذا الجمهور، فقد صار من عاداتى الاستمتاع بالنزول إلى الشارع إثر كل خروج جماهيرى بأعداد غفيرة، المشهد مثير للمتابعة والمشاركة لأن شعوبنا المسكينة لا تفعل ذلك إلا قليلا، نتيجة هموم يستحيل احتمالها وحصار أمنى يستحيل مواجهته، ولذلك فأى خروج إلى الشارع شىء نادر ينبغى الاحتفاء به، حتى وإن كانت بعض ممارساته سلبية أو عنيفة، لأنه يعبر عن لحظة استثنائية يتوحد فيها الضمير الجمعى تجاه قضية معينة..

وحبى لكل هذه الخروجات مشروط بتلقائيتها وعفويتها، فأنا أكره الحشد المنظم والمخطط ولو كان مظاهرة سياسية، لأنه لا يطلق العنان للتعبير المتدفق والمرتجل ويضع سقفا محددا يتحول الناس تحته إلى قطيع بلا إرادة، أما فى التظاهرات الكروية فهى المتعة بعينها بكل بلطجتها وعنفوانها..

يا سلام على العيال الذين ينفخون البيروسول فينشرون اللهب حولهم كالحواه، وراكبو الموتسكلات وقوفا على عجلة واحدة.. ما هذه العظمة.. ويا جمال النبى على الرقص نصف عراة فوق السيارات (ومش مهم دى عربيات مين .. ومش مهم تتطبق أو تتكسر) وإياك أن تمنعهم أو تواجههم فالحجارة أقرب إليهم من حبل الوريد ومن حولهم يهيم حملة السنج والمطاوى والسيوف، وعليك أن تتوقع منهم كل الأفعال القبيحة والخادشة للحياء لحد التحرش وكذلك الإشارات الفاضحة كالتى فعلتها البنت الجزائرية فى الاستاد وأدانها جنرالات الحرب الفضائية الإعلامية فى مصر، وهو دليل على أنهم فهموا معنى الإشارة لأنها ببساطة تحدث كل يوم فى معظم الشوارع والحارات المصرية، وهى حركة لا تعنى شيئا سوى القبح للقبح كالفن للفن..

المهم أن تصبر عليهم وتحتملهم، فبعدها ستذهب سيادتك لحال سبيلك، وستبتلع هؤلاء دروب الحياة الوعرة، يعودون لحصارات الرزق والحياة والسلطة كبشر طبيعيين أسوياء، حتى تأتى مناسبة جديدة لانفجار الذات الجمعية، وفى ذلك لا فرق بين بلطجية كرة القدم فى مصر أو الجزائر أو لندن، وهى بلطجة عارضة آمنة لا يترتب عليها الاستيلاء على المال العام أو نهب أرض الدولة أو أى ممارسات استبدادية أو احتكار وفساد، وهى بالتأكيد ليست دليلا على كراهية الآخر أو العداء له..

ومن ثم ينبغى أن نرى معركة أم درمان الكروية فى سياقها الطبيعى، وكنا نتمنى أن يشارك فى هذه الملحمة بلطجية شارع فيصل أو ناهيا أو شبرا أو الدرب الأحمر أو الجمالية، ساعتها كان يمكن لفريقنا أن يفوز وقبل كل ذلك وبعده تفوز كرامتنا.


أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب



الرجوع الى أعلى الصفحة