أكرم القصاص - علا الشافعي

سعيد الشحات

ليتركوا الساحة للسياسيين

فليتراجع رجال إعلامنا الرياضى خطوة

الثلاثاء، 24 نوفمبر 2009 12:26 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
القنوات الفضائية نجحت بامتياز فى التعبئة العامة لكنها فشلت فى معركة كسب التعاطف الخارجى

نعم.. نحن ننتظر اعتذاراً جزائرياً عما حدث فى السودان ضد المصريين.. نعم نحن على قلب رجل واحد فى رفض أسلوب البلطجة التى تمت فى شوارع الخرطوم لكن آن الآوان أن يقفز إلى المشهد العصبى بين مصر والجزائر من هم أهل كفاءة إطفاء النيران، من هم لديهم القدرة على احتواء الغضب الشعبى فى مصر، وتوجيهه نحو البناء وليس الهدم، فما يجمع الشعبين أكثر بكثير مما يفرقهم، ونحن لا نتحدث فقط عن التاريخ الملىء بلحظات مضيئة جمعت النضال المصرى الجزائرى، والذى يسعى البعض فى البلدين إلى طمسه وحذفه من سجل تاريخنا المضىء.

أقول هذا على الرغم من أن البعض وفى هوجة الغضب العنيف مما حدث من المشجعين الجزائريين ضد المشجعين المصريين فى السودان، سيتهمنى بأن حديثى هو نوع من اللغة الخشبية التى لا تنفع فى شىء، وأنها غارقة فى تاريخ مضى سينطوى مع أجيال عاشته وتعى قيمته وتحفظه عن ظهر قلب، لكن المشكلة أن هذه الأجيال فى طريق الغروب بحسابات العمر، أجيال قال عنها الروائى العظيم بهاء طاهر فى رائعته: «الحب فى المنفى»، إنها كانت تتغنى بنضال الجزائرية جميلة أبوحريد، وبكت يوم اغتيال الزعيم الأفريقى لومومبا. وإذا كانت التحولات قد دهست كل ما مضى وما حمله من لحظات مضيئة بين الشعبين المصرى والجزائرى، وذهبت مع هذه التحولات كل أحلامنا القومية، وذلك لصالح أحلام صغيرة تتجسد فى مجرد الفوز فى مباراة كرة قدم، نقول إذا كان الأمر كذلك، فيجب علينا وضع كل شىء فى سياقه الصحيح، والقفز منه إلى النظر للمستقبل.

أطرح ما سبق ليكون خلفية مناسبة وطبيعية، للنظر منها إلى ما يجب طرحه فى الأيام القادمة فى الفضائيات التى تناولت المنافسة بين مصر والجزائر، بعد فوزنا على زامبيا وفوز الجزائر على رواندا، وتبين أن مواجهة البلدين هى التى ستحسم بطاقة التأهل إلى جنوب أفريقيا، ودار الحديث من وقتها فى الفضائيات، وقفز الإعلاميون الرياضيون إلى المشهد للتحليل والتنبؤ بنتيجة موقعة الحسم، وكان فرسان هذا المشهد أحمد شوبير (الحياة)، ومصطفى عبده، وخالد الغندور (دريم) ومدحت شلبى (مودرن سبورت).

قدم كل من هؤلاء وغيرهم الوجبات الدسمة فى عملية الشحن الجماهيرى والتعبئة للجماهير لمؤازرة منتخبنا القومى، وكان كل منهم له طريقته الخاصة فى عملية التعبئة، والتى اجتمعت كلها على عدم ترك أى مساحة للعقل والقلب معا تسمح باحتمالات الهزيمة أمام الجزائر ،على أساس أن هذه هى طبيعة كرة القدم القادرة على خيانة أعظم الفرق وفوز أضعفها، ودليل على ذلك، لا ينسى أحد جيل البرازيل فى كأس العالم عام 1982، والذى ضم أسماء ساحرة مثل زيكو وسقراط، ومع ذلك استطاع فريق مثل إيطاليا الذى كان يضم باولو روسى الذى خرج من السجن إلى منتخبه، أن يهزم البرازيل وسط ذهول مشجعى كرة القدم فى العالم كله، وكانت تلك الهزيمة معبرا لإيطاليا للفوز بكأس العالم.

الأمثلة على ذلك لا تعد ولا تحصى، وكان يجب على برامجنا الرياضية التى تقدمها الفضائيات بكل أطيافها، وكان يجب على الإعلاميين الرياضيين الذين يقدمون هذه البرامج أن يصنعوا وجبة متوازنة من شأنها أن تحافظ على الحماس الجماهيرى، لكن فى نفس الوقت تصنع حالة من التوازن النفسى عند الجماهير التى تصورت أنها تعيش حلما لا بديل عن تحقيقه، وأننا فى موقعة حربية لا يجوز الهزيمة فيها بأى حال من الأحوال، وكلما كنا نقترب من المباراة كان الكثيرون ممن يتابعون المشهد، ويرون أن الأمر فى رمته لا يجب أن يخرج من كونه منافسة فى مباراة كرة قدم، يضعون أيديهم على قلوبهم من احتمالات حدوث كارثة قد تؤثر على طبيعة العلاقات بين البلدين، وهو ما تحقق بالفعل.

واصل الإعلام الرياضى دوره بعد أحداث الخرطوم، وبفضل ما فعله المشجعون الجزائريون من هجمة بربرية ضد المشجعين المصريين ومنتخبنا القومى، لم نسمع من إعلامنا الرياضى تحليلا فنيا راقيا للمباراة، وما إذا كان المنتخب قد أدى ماعليه أم لا، وإذا كانت الأحداث التى أحاطت بالمباراة لم تسمح بمثل ذلك، شاهدنا هذا الإعلام يقوم بدور تعبوى من جديد، ولكن فى سكة أخرى تماما وهى الشحن العام، شحن لم يتم استخدامه فى الطريق الذى يقودنا إلى استعادة حقوقنا، والدليل ما جاء به الإعلامى أحمد شوبير فى حلقته يوم السبت الماضى، عبر اتصاله بصحفى مصرى يعمل فى صحيفة البيان الإماراتية الذى قال فيه إن الإعلام المصرى يبدو أنه يحدث نفسه، ولا يعى الدور الخارجى، وإن الصورة فى الصحف الخليجية مغايرة عما نردده فى إعلامنا وقنواتنا الفضائية، وإن الإعلام الجزائرى أنشط فى مقابل الإعلام المصرى، وزاد شوبير على كلام الصحفى المصرى بأن الشبكات الإخبارية العالمية مثل الـ بى. بى. سى، وغيرها، الصورة لديها غير التى نتحدث بها هنا فى مصر.

الصحفى المصرى الزميل (وعذرا لعدم تذكر اسمه)، أكد لشوبير أنه فى حديث له أجراه مع مسؤل كبير فى الفيفا، أكد أنه لا يمكن إعادة المباراة التى جرت فى السودان، والمأساة التى نضع أيدينا عليها مما قاله الزميل لصحفى المصرى أن الفضائيات المصرية عبر إعلامها الرياضى لم تنجح فى كسب التعاطف الخارجى، فلماذا وقع ذلك؟ هل هو نتيجة اللغة التى تم استخدامها من بعض الإعلاميين الرياضيين، بعد أن أخذهم الحماس فى التعبير عن رفض ما حدث ضد المصريين فى الجزائر؟ هل هو نتيجة إعطاء مساحات واسعة فى الفضائيات لبعض الذين جمعوا كل الدول العربية فى وعاء واحد وأخذوا يسبون كل العرب، وكان لبعض الفنانين ومنهم الفنان محمود عبد العزيز باع طويل فى ذلك؟

الأسئلة تطول، والإجابات عليها تحتاج قدرا كبيرا من التروى والعقل، وأول خطوات العقل التى يجب علينا اتباعها، تأتى من توجيه الشكر إلى كل رجال الإعلام الرياضى فرسان التعبئة فى المرحلة الماضية، فى مقابل إعطاء الفرصة فى الفضائيات لأصحاب المبادرات الخلاقة التى تساهم فى وضع العلاج الذى يرمم ماحدث، وحسنا مافعلته الإعلامية منى الشاذلى التى استضافت أسماء بقيمة الدكتور مصطفى الفقى رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشعب، ومكرم محمد أحمد نقيب الصحفيين، والدكتور عمرو الشوبكى الباحث المرموق، والذين تحدثوا بلغة مختلفة وناضجة، لغة ترفض ماحدث ضد المصريين على أيد الجزائريين فى السودان، لكنها فى نفس الوقت تضع الحدث فى سياقه الصحيح والطبيعى، سمعنا فى الحلقة فهما عميقا من الضيوف لخصوصية الشعبين تاريخيا وجغرافيا، وهو ما يجب مراعاته فى رصد العلاقات بين البلدين، وعلى نفس المنوال ذهب برنامج «بلدنا» على قناة «أو. تى. فى» فى حلقته يوم الأحد الماضى، والتى قدمتها الإعلامية مى الشربينى، والتى استضافت فيها الدكتور أحمد جويلى أمين عام مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، والإعلامى وائل الإبراشى، ورجل الأعمال أحمد سويدى، والباحث عبد الخالق فاروق، ومن استمع إلى ما ذكره الدكتور جويلى عن المعاناة فى فتح السوق الجزائرية أمام المنتجات المصرية باعتبار أن هذه السوق هى الأكبر فى المغرب العربى، سيعرف أن لحظات الغضب ربما تساهم فى ضياع ما بنيناه فى سنوات أمام منافسات من دول أخرى.

آن الآوان أن تفتح القنوات الفضائية أبوابها لكل مثل هذه الأصوات، وتحجم عن مندبة الرياضيين، والفنانين الذى تولى اتحادهم لعدة سنوات رجل بقيمة سعد الدين وهبة الذى كان واحدا من الذين اعتمدت عليهم القيادة السياسية فى مصر فى عودة العلاقات بين مصر وسوريا بعد قطيعة لسنوات طويلة وذلك عبر علاقته الطيبة مع الرئيس السورى الراحل حافظ الأسد، وأقترح على القنوات الفضائية البناءة أن تبحث عن سعد الدين وهبة جديد لديه علاقات قوية مع القيادات الجزائرية ربما تطرح مبادرات من شأنها أن تؤدى إلى اعتذار جزائرى يكون مقدمة لعودة المياه إلى مجاريها بين البلدين.








مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة