مدراس مغلقة وسكون وخوف وترقب مما سيحدث، هذا هو الحال فى أغلب المدارس المغلقة التى تحولت إلى مبان فارغة، وخلت تماما من أى تلاميذ أو مدرسين أو مسئولين، مشهد رأيناه جميعا بعد إصدار قرارات بإغلاق المدارس التى أصيب فيها تلاميذ بمرض أنفلونزا الخنازير، ولكننا لا نعرف ماذا حدث للطلاب بعد ذلك، وكيف تحولت حياتهم بدون مدرسة، وكيف تأثر المدرسون والعاملون وحتى المحيطون بهذه المدارس.
منى محمد (35 سنة) ولية أمر إحدى الطالبات بالصف الأول الابتدائى بمدرسة المنار مودرن سكول، التى تم إغلاقها تصف الوضع بالصعب، فبعد أن دفعت المصروفات وهى 1500 جنيه غير مصروفات الكتب، وجدت نفسها تتحمل مصروفات الدروس الخصوصية فى كل المواد وتشترى كتبًا خارجية فى كل المواد لملاحقة الدراسة، والاستعداد قبل الامتحان خاصة مع انقطاع ابنتها عن الذهاب للمدرسة خوفًا من المرض وتفشيه، ووصفت ما تمر به الوزارة والأسر المصرية بالارتباك والتخبط.
"م. ا" مدرسة لغة إنجليزية بأحد المدارس المغلقة، تقول إن أكثر فئة تعانى من قرارات الغلق هى المدرسون الذين لا يجدون من يلتفت لهم أو ينظر لمطالبهم أو يعمل على حمايتهم من الإصابة بالمرض، وتضرب مثالا على ذلك بالمدرسة التى تعمل فيها، فبمجرد أن علمت الإدارة بظهور حالات الإصابة أصدرت قرارا بإغلاقها لمدة 15 يوما، لكنها جعلت الأمر اختياريا للمدرسين فى أن يأتوا ويحصلوا على مرتبهم أو لا يأتوا، ولخوفهم من الإصابة امتنعوا جميعا عن الذهاب وخسروا مرتب شهر كامل، ولم تقدم لهم المدرسة أى تعويض، وأشارت إلى حالة الإهمال والارتباك الموجودة فى المدرسة والتى سببت تفشى حالات الإصابة بها وعبرت عن قلقها حتى أنها لا تعرف أن كانت ستعود للعمل أم لا.
اتفقت معها فى الراى تماما "ش. ع" مدرسة علوم بإحدى المدارس التى تم إغلاقها وتقول إنها منذ أن أغلقت المدرسة وهى جالسة فى البيت بلا عمل، فالمدرسة أعطتهم إجازة لمدة 15 يوما مخصومة من مرتبهم الأساسى، وتوضح أن الضحية فى هذه القرارت هم الطلاب الذين تشتتوا طول العام بين إلغاء المناهج، والإجازات المستمرة وانتهى الأمر بهم إلى الجلوس فى المنزل دون دراسة.
محمود محمد والد أحد الطلاب بالصف الرابع الابتدائى، أوضح أنه منذ علمه بظهور إصابات داخل مدرسة ابنه منعه من الذهاب للمدرسة، حتى قبل أن يصدر قرار بإغلاقها. ويؤكد أنه اعتمد على الدروس الخصوصية فقط وشراء الكتب الخارجية لابنه مما كلفه مصاريف إضافية، غير مصاريف المدرسة التى تبلغ 3000 جنيه ويشكو من تصرفات وزارة التربية والتعليم، التى كان بإمكانها إغلاق المدارس نهائيا هذا العام بدلا من هذه القرارات الخاطئة.
فاطمة محمد الطالبة بالصف الخامس الابتدائى بإحدى المدارس الخاصة فسرت الأمر بأسلوب آخر وتقول "أنا كده أحسن.. الأول كنت بروح المدرسة ومبفهمش الدروس من المدرسين دا غير إن الحصة ربع ساعة لكن دلوقتى بروح مركز دروس خصوصية والحصة فيه ساعة وربع وبفهم كويس من المدرسين وبذاكر مع بابا وماما".
لم يختلف الوضع كثيرا بالنسبة للمحلات المحيطة بالمدارس المغلقة والتى تأثرت هى الأخرى بإغلاقها، بعد أن المبيعات بها بصورة كبيرة، ويقول جرجس ميلاد صاحب محل بقاله إن هذا العام به حالة من الركود منذ بدء الدراسة بسبب تغيب الكثير من الطلاب عن الذهاب للمدارس، فالمحل فى الماضى كان يعتمد على أتوبيسات نقل الطلاب التى تشترى منه كميات كبيرة، وعلى طلاب المدارس المحيطين به التى أغلقت أغلب مدراسهم، مما أثر عليه تأثير كبير وجعله يقع فى خسارة تزيد على النصف.
أما حنفى على صاحب محل مخبوزات بجوار إحدى المدارس المغلقة فأكد أنه كان يعمل فى فترة الصيف أكثر من فترة الدراسة، وهذا أول مرة يحدث، منذ أن عمل بالمخبز، وذلك بسبب إغلاق اغلب المدارس بجانبه وعدم ذهاب أغلب الطلاب للمدارس هذا العام، حتى أنه قلل من كمية المخبوزات التى يصنعها يوميا بسبب ضعف الشراء.
أما أحمد متولى صاحب مكتبة أمام احد المدارس المغلقة، فأوضح أن إغلاق المدرسة مثل له خسارة كبيرة، لأنه لا يعمل سوى على طلاب المدرسة والأشياء التى يشترونها منه وهو لا يعرف ماذا سيفعل أو كيف سيصرف على أسرته المكونة من خمسة أفراد وليس له مصدر رزق آخر سوى المدرسة.
المدارس المغلقة.. طلاب بلا تعليم ومدرسون بلا أجر
الثلاثاء، 17 نوفمبر 2009 01:44 م
غلق المدارس أثر على الطلاب والمدرسين وحتى أصحاب المحال
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة