د. أشرف بلبع

ديمقراطية "الوطنى".. تعليق على د.عبدالمنعم سعيد

الخميس، 12 نوفمبر 2009 07:36 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عندما أعلق على مقال د. عبد المنعم سعيد بالأهرام فى افتتاح المؤتمر العام للحزب الوطنى فذلك لأنه كاتب كبير احترمه يتمسك برقى اللغة واحترام المنطق.

نحتاج جميعاً للصدق مع النفس وأن يؤمن كل منا بفطنة الآخرين فى كشف كل حق يراد به باطل والتواء وأن نحترم جميعاً التعريفات المستقرة الديمقراطية الحقة والتداول السلمى للسلطة.

كيف نعيب على كل حركة تأمل فى ديمقراطية حقه أنها لا تدوم وكيف تدوم واليأس من المطالبة يملأ القلوب، ولا سميع ولا مجيب فى حوار من طرف واحد، والكل يعلم أن ضوابط الحركة والاتجاه قد تم ترتيبها بإتقان بمعرفة الدستور والقوانين المكملة له وقانون الطوارئ وقبضة جهاز مباحث أمن الدولة والأغلبية الساحقة للحزب الوطنى بمجلس الشعب، والاستحواذ على أعلام الدولة والتلفزيون الأرضى كل هذا لضمان بقاء الحال على ما هو عليه.

لقد استحوذ الحزب الوطنى على الحياة السياسية الشرعية، بل وابتلعها وتم سد المنافذ بطريقة منظمة على كل اتجاه سياسى آخر يستحق التواجد ويسعى إليه هل تريد من الجميع قبول ذلك برضاء تام والبدء فى مناقشة برنامج الحزب الوطنى.

ذكرتم بفخر أن قاعدة الحزب بلغت الثلاثة ملايين نسمة وأن هذه الأعداد تراه مكاناً معبراً عن مصالحها وجامعاً لمطالبها وهذا حق، فهو الحزب الذى تفتح بطاقة عضويته باباً مكرماً للتعامل مع الحكومة وتحقيق المطالب ونيل الوظائف ودفع الأذى.

وذكرتم أيضاً بفخر أن عدد المهنيين بالحزب الحاصلين على الماجستير والدكتوراه قد أصبح بالآلاف، ألا يشخص هذا مرضاً بعد أن أصبح الحزب الوطنى هو القبلة الوحيدة لمن يريد أن يشارك وأن ينأى فى الوقت ذاته بنفسه عن أى مشاكل نتيجة الممارسة خارج سرب الحكومة، كيف تستقيم الحياة السياسية بلاعب واحد. أليست هذه معضلة لم نصل إليها جزافاً، ولكن بتخطيط وتدبير دؤوب من عقول واعية بما تفعل.

ألم تقتل الحياة السياسية بموت الأحزاب، وذلك بفعل القبضة الأمنية القوية والعتب على من يصدر لها التكليفات، وأيضاً بفعل ضيق تمويلها كنتيجة للضغط غير المكتوب والغير مباشر على كل متبرع محتمل من رجال الأعمال يريد لأعماله أن تتوسع لا أن يضيق عليها أو تنهار. كيف تتوقع من هذه الأحزاب التى سحبت منها الحياة أن يكون لها وجود مؤثر وهى التى أبقيت لتكون ديكوراً مكملاً للحزب الأوحد الحاكم. كيف تتوقع منها القدرة على تقديم برامج أو شخصيات وهى لا يستطيع تقديم نفسها للشعب نتيجة القيود.

أنريد أن يركن الجميع لنظام الحزب الأوحد الحاكم الذى يستطيع دون سواه أن يضع سياساته ويطبقها ويختبرها ثم نصفق جميعاً للحراك الداخلى بالحزب الوطنى وحده، ونغض النظر عن موات الحياة السياسية بسبب استحواذ الحزب الوطنى المميت عليها. كيف وبأى منطق سليم يمكن التشفى فى عجز الأحزاب المصرية فيما عدا الحزب الوطنى وحده، وهو العجز الذى يدمر المنظومة الوحيدة وهى منظومة التعددية التى يمكن أن تبنى عليها ديمقراطية حقيقية تكون بوابة النهضة مصر.

تفضلت بتشخيص مشكلة الحزب الوطنى بأنه لا يجد مناقشة جادة ومن الذى خلق هذا الوضع إلا عقول محترفة أجادت التخطيط والتنفيذ. لقد فرغت التعديدية من محتواها وعدنا لنسخة معدلة قليلاً من الاتحاد الاشتراكى، فبتنا نسمع عن أنه حزب كل المصريين.

هذا الحزب يمثل تيار الوسط فى الحياة السياسية المصرية نقلاً عنك والسؤال، أين هذه الحياة من الموات وأين هو اليمين وأين هو اليسار، ومن قال أنه يحق احتكار الكتلة الكبرى بالوسط ألم يلفظ كل ما عدا الحزب الوطنى أنفاسه اختناقاً بفعل مدبر. ماذا عن التعديدية الحقة والتداول السلمى للسلطة؟ أيجب على الجميع أن يتناسى ذلك ويسكن ليكون محل الرضاء.

أتدهشكم حالة الضجيج حول الانتخابات الرئاسية المقررة بعد سنتين أليس هذا بسب عدم الشفافية. أيلزم أن يقر الجميع بأن تولى الابن مباشرة بعد أبيه وفى ظل هيمنة ليس توريثاً فيستريح الحزب الحاكم. إلا يعنى هذا انعداماً لتكافؤ الفرص فى المنافسة النزيهة . ألا يستحق هذا ضجيجاً خاصة والكل يلاحظ البدء المبكر لحملة انتخابية يصاحب أمين السياسيات فيها وزراء ومحافظين. هذا الضجيج الذى يزعج الحزب الوطنى أهو إلا رسالة واضحة بأن لا ترشيح لابن رئيس الجمهورية حتى فى ظل انتخابات غير مزورة ففوزه سيظل مطعوناً فيه لعدم تكافؤ الفرص ولا حكم قوى قادر على جذرية الإصلاح للنهوض بمصر إلا بشريعة غير منتقصة.

الجميع يتفق معكم إننا لا نحتاج لحرب عصابات سياسية، فالحرب التى تشن على التواقين لديمقراطية حقيقة وتعددية وتداول سلمى للسلطة هى حرب غير بناءة بالمرة، بل هى تهدم أسس النهضة وما نحتاجه هو جرأة وصدق وتجرد فى الإقرار بضرورة التغيير الجذرى فى قواعد الممارسة السياسية. ليس معنى المطالبة بتغيير الدستور من أجل قواعد جديدة للممارسة السياسية أن يكون المطالب منقلباً عليه أو حتى لا يحترم الدستور فى حد ذاته، ولكنها حرية التعبير التى كفلها الدستور توظف لصالح الوطن، حتى لو تسببت فى عدم راحة للحزب الحاكم ومشايعوه. وكما ذكرت ففى خدمة مصر فليتنافس المتنافسون.

أستاذ بكلية طب القاهرة





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة