رصدت صحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فى تقرير نشرته اليوم، الجمعة، الشعور بالإحباط المتزايد لدى النشطاء فى مصر من تراجع الالتزام الأمريكى بنشر الديمقراطية. وقالت الصحيفة إنه بعد أربعة أشهر من الخطاب الذى ألقاه الرئيس الأمريكى باراك أوباما فى القاهرة والذى تعهد فيه بالالتزام الأمريكى بحقوق الإنسان وحكم القانون، تبرز مخاوف بين النشطاء المطالبين بالإصلاح فى مصر، من أن الولايات المتحدة تتخلى عن الجهود التى بذلتها لتحقيق الإصلاحات الديمقراطية فى مصر.
فمنذ هذا الخطاب، شنت الشرطة المصرية حملة جديدة على جماعة الإخوان المسلمين المحظورة واعتقلت مئات من أعضائها، ما بين المدونين الشباب وكبار قادة الجماعة. ومنعت الحكومة حركة معارضة وسطية من أن تصبح حزباً شرعياً، وفى مدينة المحلة الكبرى التى تعد معقل الإضرابات العمالية التى وقعت خلال الأسابيع الأخيرة، فإنه يبدو أن الحكومة لا تستجيب لمطالب العمال أو تقمعها.
وتنقل الصحيفة عن كمال الفيومى، أحد القيادات العمالية الذى تم اعتقاله من قبل الحكومة لتنظيمه إضرابا كبيرا العام الماضى، قوله: "نحن ساخطون للغاية على الرئيس أوباما، فقد منح النظام الضوء الأخضر ليفعل ما يريده مع الشعب المصرى".
وتمضى الصحيفة قائلة إن الضغوط الأمريكية من أجل الإصلاح الديمقراطى فى مصر والتى كانت فعالة فى وقت ما تضاءلت خلال السنوات الأخيرة من حكم الرئيس جورج بوش، لكن منتقدين يقولون إن الضغوط قد خفت بشكل ملحوظ فى وقت تقترب مصر فيه من مرحلة انتقالية سياسية حاسمة وهى الانتخابات الرئاسية المقررة فى عام 2011، وهناك تكهنات بأن الرئيس مبارك سيجعل ابنه جمال خلفاً له قبل الانتخابات، مما يثير المخاوف من أن النظام سيمد حكمه الممتد منذ 28 عاماً بشكل غير ديمقراطى.
وتنقل واشنطن بوست عن أحد مسئولى السفارة الأمريكية بالقاهرة قوله إنه ربما يكون هناك تغييراً فى التكتيكات، لكن التزام واشنطن بالديمقراطية ودعم حقوق الإنسان فى مصر لا يزال مستمراً. وأضاف المسئول أن كبار المسئولين الأمريكيين سيستمرون فى إثارة هذه القضايا مع نظرائهم المصريين.
واقترنت حالة الإحباط الحالية بخفض التمويل الأمريكى المخصص لبرامج الديمقراطية فى مصر من قبل إدارة أوباما التى تتمتع بعلاقات دافئة مع حكومة مبارك. ويرى نشطاء مصريون أن النهج الوسطى الذى يتبناه أوباما قد يكون انعكاسات كبيرة فى المنطقة التى يهيمن عليها الحكام المستبدين الذين لا يستجيبون إلا للضغط.
ويقول أيمن نور للصحيفة الأمريكية إن تراجع حديث أوباما عن الديمقراطية يمنح هذه الأنظمة غير الديمقراطية الأمن وانطباعا بأنهم لن يتعرضوا لضغوط. وهذ الأمر لديه تأثير سلبى على الديمقراطية فى العالم العربى.
ويزداد اليوم اعتماد إدارة الرئيس أوباما على مصر فى محاولة بدء مفاوضات السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين واحتواء الجماعات الأصولية، مثل حماس وحزب الله. وأشارت الصحيفة إلى أن أوباما التقى مع مبارك ثلاث مرات معيداً بذلك مصر إلى مكانتها كحليف استراتيجى رئيسى للولايات المتحدة فى العالم العربى، وهذا يعنى انتهاء مرحلة جورج بوش التى شهدت توترا بين القاهرة وواشنطن بسبب سياسة الولايات المتحدة فى الشرق الأوسط وغزو العراق والانتقادات الأمريكية لمصر سياسياً ولسجل حقوق الإنسان فيها.
ولعل أوضح دليل على التحول فى السياسة الأمريكية إزاء مصر، كما يقول نشطاء، هو قطع التمويل، ففى العام الماضى، خصصت الولايات المتحدة مبلغ 54.8 مليون دولار لبرامج الديمقراطية، منها 27.85 مليون دولار ذهبت إلى برامج المجتمع المدنى والتى تعد همزة الوصل بين القاعدة الشعبية للنضال من أجل الديمقراطية. وفى هذا العام تقلص المبلغ إلى 20 مليون دولار منها 5 ملايين دولار ذهبت إلى المجتمع المدنى.
وعلى الرغم من أن سياسات جورج بوش "ملعونة" إلى حد كبير فى جميع أنحاء العالم العربى، إلا أن الكثير من المصريين يعتقدون أن لها الفضل فى إحداث بعض الإصلاحات السياسية، فتحت ضغط الولايات المتحدة، أجرت مصر أول انتخابات رئاسية تنافسية وازدهرت الصحافة.
ويقول إبراهيم عيسى، رئيس تحرير جريدة الدستور، إن الضغط الذى مارسته إدارة جورج بوش حققت الإصلاحات والتعبئة السياسية، غير أن كبار المسئولين المصريين يعترفون صراحة أنهم يفضلون أوباما عن بوش، فيقول على الدين هلال المتحدث باسم الحزب الوطنى الحاكم إن أوباما لا يتدخل فى الشئون الداخلية للدول ولا يحاول أن يحقق أهدافا من خلال المواجهة أو الضغط ولكن من خلال الوساطة والمصالحة.
وتحدثت الصحيفة عن أيمن نور، وقالت إنه زعيم معارض استفاد من الضغوط الأمريكية بعد إطلاق سراحه فى وقت مبكر هذا العام بعد سجنه ثلاث سنوات بتهمة التزوير. وعندما سُئل نور عما إذا كان يعتقد أن إدارة أوباما سوف تمارس جهودا مماثلة إذا وضعته الحكومة فى السجن مرة ثانية، هز رأسه نافيا، وقال نور إن الأمريكيين يركزون حالياً على إسرائيل فهم يعتقدون أن النظام الحالى ناجح، لذلك لن يقوموا بأى مخاطرة. أما أنور السادات ابن شقيق الرئيس المصرى الراحل فيعتقد أن الأمريكيين سئموا من المصريين، فقد تم إنفاق الملايين لتعزيز الديمقراطية ولم يحدث شىء.
ويخشى العديد من النشطاء من أن إدارة أوباما ستفكر بالطريقة نفسها إزاء جماعة الإخوان المسلمين ومن ثم ستفرض الشرعية على ما يتوقع الكثيرون من انتقال السلطة إلى جمال مبارك فى دولة لم تشهد أبدا انتقالاً ديمقراطياً للسلطة.
وتختتم الصحيفة تقريرها برأى جمال عيد، المدير التنفيذى للشبكة العربية لحقوق الإنسان، الذى قال فيه: "كما نأمل أن تكون إدارة أوباما مختلفة عن غيرها من الإدارات الأمريكية، لكن الولايات المتحدة تهتم بالاستقرار أكثر من الديمقراطية".
للمزيد اقرأ عرض الصحافة العالمية على الأيقونة الخاصة بها
رصدت إحباط المصريين من موقف أمريكا حيال الديمقراطية..
واشنطن بوست تنتقد اعتقال الإخوان واليساريين فى مصر
الجمعة، 09 أكتوبر 2009 04:58 م
جانب من تقرير واشنطن بوست
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة