هل يجب تعديل القانون الفرنسى ليصبح "متوافقا مع الشريعة الإسلامية" والسماح بنمو النظام المالى الإسلامى فى فرنسا، كما اقترحت كريستين لاجارد وزيرة الاقتصاد خلال القمة التى انعقدت هذا الأسبوع فى باريس بشأن هذه المسألة؟ هكذا تساءلت صحيفة "لوفيجارو" فى مقدمة مقالها بعنوان "النظام المالى الإسلامى يصل إلى فرنسا"، والذى يتحدث عن محاولات وزارة الاقتصاد الفرنسية لتطبيق نظم التمويل الإسلامى من أجل جذب الاستثمارات الخليجية، والجدل الذى يثيره حاليا هذا الأمر بين النواب الفرنسيين .
ترجع الصحيفة إلى عدة أشهر مضت لتعرض جذور الجدل الدائر حول مسألة تطبيق النظم الإسلامية فى فرنسا، فتقول إن مناقشة هذه المسألة قد مرت فى البداية دون أن يلاحظها الكثيرون، حيث ظلت محصورة داخل دائرة المتخصصين فى مجال الاقتصاد، ولكن يبدو أن التعليمات الضريبية التى أعطتها وزارة الاقتصاد فى شهر فبراير 2009 لتسهيل الاستثمارات القادمة من دولة الإمارات لم تكن كافية، بحيث كان من الضرورى تعديل القانون حتى يمكن إصدار صكوك "سليمة من الناحية الإسلامية".
ومن ثم، فقد تولى السناتور فيليب مارينى، من حزب الاتحاد من أجل حركة شعبية، فى شهر مايو، مسئولية تمرير اقتراح بهذا الشأن فى وسط مشروع قانون بشأن المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، والذى صوت عليه أعضاء مجلس الشيوخ، بيد أن القضية قد تفجرت فى البرلمان الفرنسى فى شهر سبتمبر، عندما شرحت النائبة شانتال برونيل بسذاجة أن هذا المشروع يهدف إلى "الأخذ بمبادئ الشريعة الإسلامية لجذب الاستثمارات العربية".
ومنذ ذلك الحين يقود النواب الاشتراكيون جبهة المعارضة ضد هذه المسألة، حيث علق النائب هنرى إيمانويلى خلال تلك الجلسة البرلمانية قائلا : "نحن فى فرنسا، فماذا تفعلون بقانون الفصل بين الكنيسة والدولة؟.. الكل يعرف أهمية عائدات النفط فى العالم، ولكن هناك العديد من الطرق الأخرى لملائمة الأمر مع القانون الإسلامى دون إدخال مبادى الشريعة الإسلامية إلى بلادنا".
وتقول الصحيفة إن الاشتراكيين قد لجأوا إلى المجلس الدستورى الذى يجب أن يحسم الأمر فى موعد أقصاه الأسبوع القادم، والذى قد يمنع هذا التعديل. هذا فى الوقت الذى صرح فيه مكتب وزيرة الاقتصاد كريستين لاجارد أنه فى حال تم رفض التعديل، سوف تتقدم الوزارة باقتراح تعديل خلال مشروع قانون مالى آخر.
وتنقل الصحيفة رأى بعض النواب الفرنسيين حول مشروع إدخال تعديل فى القانون الفرنسى يتناسب والشريعة الإسلامية، ومنهم نائب سين سان دينيس، وهو واحد من مقررى اللجنة الخاصة التى تم تكوينها لدراسة ظاهرة انتشار النقاب فى فرنسا، الذى يقول "إن هذه المسألة تثير بالفعل الارتباك. غير أنه لا ينبغى أن نعتقد أن للدولة خطابين مختلفين : واحد خاص بالنظام المالى، والآخر خاص بالفتيات المنتقبات". ومن ناحية أخرى يؤكد نائب مدينة إيفلين بصورة واضحة : "لا مجال لإدخال أى تعديل قائم على الشريعة الإسلامية أو التوراة أو الإنجيل".
ومن جانبهم، يدافع مستشارو كريستين لاجارد عن موقفهم، مؤكدين أن النظم المالية الإسلامية ستكون مصدر تمويل إضافيا، خاصة بالنسبة للمشاريع الكبرى والجمعيات الوطنية التى يمكنها أن تصدر صكوكا.
كما تشير وزارة المالية أيضا إلى التنافس مع سوق لندن، والتى كانت أول الأسواق التى بدأت فى تطبيق تلك النظم الإسلامية، ذاهبة إلى أن جميع العمليات المالية تتم فى بريطانيا، فى حين أن ذلك يمكن أن يحدث فى باريس.
وفى هذا السياق، تقول الصحيفة إن جامعة دوفين الفرنسية قد خصصت مؤخرا شهادة فى نظم التمويل الإسلامى، حيث يعرب حوالى ثلاثين طالبا، يدرسون من أجل الحصول عليها، عن أملهم فى المشاركة فى هذه السوق الواعدة، التى قد تمثل نسبة الاستثمارات فيها 700 مليار دولار، منها 18 ملياراً استثمرت بالفعل فى لندن.
وعلى الرغم من حذر وزارة الاقتصاد تجاه قيمة تلك الاستثمارات التى قد تحصل عليها فرنسا، إلا أنها تقر بأن هذا الأمر سيكون بمثابة إشارة إيجابية لشركاء فرنسا فى الشرق الأوسط.
فرنسا تسعى لتطبيق نظم الاقتصاد الإسلامية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة