كيف أصبح «السى دى» أقوى من الضمير والقوانين والأديان؟

الخميس، 29 أكتوبر 2009 06:55 م
كيف أصبح «السى دى» أقوى من الضمير والقوانين والأديان؟
وائل السمرى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لو قلنا إنه «تصرف واطى» وسكتنا لما أخذت «قضايا السى دى» كل هذا الاهتمام الإعلامى والمجتمعى، شىء ما يجعلنا نتربص ببعضنا البعض، نتلصص على هفواتنا وتصرفاتنا الطبيعية ونجتهد فى نشرها وإبرازها والتشفى فى من يرتكبها، غريزة الفضول والفضح وكشف المستور، استولت على اهتمامنا ووقتنا ومتابعتنا، وفجأة تحول أفراد المجتمع المصرى إلى أفاضل عقلاء شرفاء، لا يدخلون الحمام، ولا يتفوهون بألفاظ جارحة، ولا يعاشرون زوجاتهم، ولا يأكلون «كالمفاجيع» ولا يفضفضون فى السياسة لاعنين أبو الظلم والظالمين، كنا قديما نقول: اعمل صالحا كأن الله أمامك، فإن لم تكن تراه فهو يراك، واللى مايربيهوش أمه وأبوه تربيه الأيام والليالى، أما الآن فصار من الأوقع أن نقول: اعمل صالحا فالـ«سى دى» أمامك أو وراءك، أو من خلفك أو تحت قدميك، واللى مايربيهوش أمه وأبوه يربيه اليوتيوب.

بلا استئذان ولا إحم ولا دستور ستجد من يقول لك: فضايحك عندى وكله فى السى دى، وما إن تقال تلك الكلمة حتى تنشرح القلوب وتستعد العيون للفرجة على الفضيحة أم جلاجل، أغلب الفضائح التى ظهرت مؤخرا لا تدل إلا على خسة من صورها، وندالة من وثقت به واستأمنته فخانك، مع العلم بأن الكثير والكثير من الفضائح لا تتعدى كونها سلوكيات عادية، نمارسها صباح مساء، يجسد السى دى حالة فصام حقيقية بين القيم التى يدعيها المجتمع والقيم التى يمارسها بالفعل، لو سألت أحد الذين يتفرجون على هذه السيديهات بشبق جنونى: أليس من الممكن أن تكون فى مثل هذا الموقف؟ سيقول لك: نعم، لكن ربنا يسترنا، وهكذا صارت الشماتة فيمن يتصورون فى السيديهات معادلا للشماتة فى أنفسنا، غابت الأخلاق والرقابة الداخلية والأعراف والقوانين والديانات ليحل السى دى محلها بجدارة.

اكتب كلمة «فضيحة» على موقع اليوتيوب لتجد آلاف النتائج من كل صنف ولون وشكل وحجم ونوع، المسيحيون يفضحون المسلمين والمسلمون يفضحون المسيحيين، والسنة تفضح الشيعة والشيعة تنكل بالسنة، والمصريون يسخرون من الخلايجة، والخلايجة يلعنون سلسفيل المصريين، أما عن فضائح الفنانين فحدث ولا حرج، اسمع شتيمة الفنان الفلانى، شوف فجر (بضم الفاء) الفنانة الفلانية، فلان الفلانى يدخن ويغنى، فضيحة فى حى بلدى، فضيحة أبناء الأغنيا اللهم احفظنا، فضيحة داخل كنيسة، فضيحة بجوار جامع... إلخ إلخ إلخ.. كل هذه الفضائح مجانا، تأملها واستمتع بها، ولا تنس العين عليك فى المرة القادمة.

شيئا فشيئا أصبحت الفضائح هى السمة الغالبة علينا، وأصبح الناس تحت طائلة «السى دى» حتى الجهات الموكل إليها حفظ الأمان والقانون والمحافظة على حياة الناس لم تسلم من «السى دى» ولم يعد الناس مكترثين بالقانون لأنهم يعلمون أنه يطبق على ناس وناس، ولا بالأعراف لأنها من وجهة نظرهم «لا تنفع ولا تشفع» ولا حتى الأديان لأنهم يعلمون أن هناك الكثيرين ممن وثقوا بهم تاجروا به، فقط أصبح الخوف من السى دى الذى لا مفر منه، فنم مطمئنا، فعين السى دى ترعانا.

لمعلوماتك..
>> 1970 نجح مكتشف السى دى فى اخترع أول تسجيل رقمى - ضوئى
>> 1931 ولد المهندس الكهربائى والعالم الفيزيائى جيمس راسل مكتشف السى دى






مشاركة






الرجوع الى أعلى الصفحة