حادث قطارى العياط الأخير جسد صورة مصغرة لما يحدث فى مصر، وزارة النقل أهدرت المال العام على إعلانات وهمية تؤكد أن مرفق السكة الحديد تم تطويره، وخصصت له المليارات من أجل سلامة الركاب، بينما ضرب الإهمال كل جنباته، وصار مهترءا، ومنفلتا كما صارت مصر، نفس الأخطاء ونفسها أسباب الحوادث وما التطوير إلا مبالغ مهدرة لا يستفيد منها إلا المقاولون وسماسرة الصفقات المشبوهة.
• إعلانات السكة الحديد لا تختلف عن إعلانات الحزب الوطنى، شعار"من أجلك أنت"، ما هو إلا كلام مرسل لا يخرج إلى حيز التنفيذ، تنتهى صلاحيته بمجرد انتهاء الجلسة الأخيرة من جلسات الحزب الحاكم، يختصرون الإصلاح فى عدة كبارى وشوارع مرصوفة ومساكن ضيقة أشبه بالقبور، وتناسوا أن سياساتهم عبر أكثر من ربع قرن خلقت مناخا فاسدا ومواطنا مكسورا يخر ساجدا أمام الجنيه من شدة الحرمان.
• الحكومة اعترفت بمسؤليتها عن حادث العياط، والاعتراف سيد الأدلة وطالما أنها اعترفت على الجهات المختصة أن تطبق عليها القانون إذا كنا فى بلد القانون كم يزعمون، والاعتراف يعقبه حبس احتياطى ثم إحالة للمحاكمة، وبما أن مرفق السكة الحديد يتبع وزارة النقل ووزارة النقل تتبع الحكومة فمن المنطق تقديم الحكومة للمحاكمة، وليس انقضاء الدعوى بمجرد إقالة أو استقالة الوزير منصور، لأنهم جميعا شركاء فى المسئولية بمن فيهم محمود سامى رئيس هيئة السكه الحديد الذى وقف يصرح بعد خراب مالطة ويؤكد محاكمة كل من يثبت تورطه فى الكارثة، ونسى أنه المسئول الأول، لكنه كغيره من سدنة النظام يقولون ما لا يفعلون ويطبقون القانون على من لا حول لهم ولا قوة.
• حوادث السكة الحديد وغيرها من المرافق المهملة لن تتوقف ومؤتمرات الحزب الوطنى مستمرة والسيناريو معروف مقدما مجرد تعويضات ومحاكمات وإقالات، يتبعها حادث جديد مدبر أو من صنع القدر أو فضيحة مدوية تشغل الرأى العام عن الكارثة، وسرعان ما ينسى المصريون، فالنسيان نعمة ولولاه لماتوا حزنا وكمدا على أنفسهم، وتدور الأيام وتعود ريما لعادتها القديمة ويسقط المزيد من الضحايا وتزهق أرواح العشرات فى كوارث جديدة، ويظل الوضع قائما كما هو منذ أكثر من ربع قرن حتى يقضى الله أمرا كان مفعولا.