محمد هجرس

فى المشمش..!!

السبت، 17 أكتوبر 2009 07:53 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا ينكر أحد أن الرئيس باراك أوباما، هو أول رئيس أمريكى يبدى «نوايا طيبة» حيال السلام بشكل عام، وفى الشرق الأوسط بشكل خاص، مقارنة بمن سبقوه.. صحيح أن الرجل وقع تحت تأثير بروباجاندا الحملة الإعلامية، كعادة كل انتخابات يكون الرهان فيها على من يكون أكثر خدمة لإسرائيل، ومن يكون أكثر ولاءً، لكنه بشكل عام حازعلى تعاطف كبير فى الشارع العربى، الذى علّق كثيراً عليه كأول مرشح غير أبيض، ولأنه ينحدر من أب مهاجر من القارة السوداء، ولأنه يحمل جذوراً إسلامية، ربما لا تعد مهمة بالنسبة إليه.

غالبية وسائل الإعلام الأمريكية رأت أن الرئيس الذى «أحرجه» فوزه بجائزة نوبل للسلام، يواجه مرحلة حسّاسة على الساحة الداخلية تتمثل بضرورة اتخاذ قرار حول إرسال أو عدم إرسال تعزيزات إلى أفغانستان، حتى بات مدعواً خلال الأسابيع المقبلة لاتخاذ أحد أهم قرارات ولايته الأولى.. والتى تظهر هل هو داعية سلام حقيقى، يهمه إطفاء بؤر التوتر، أم أن ارتداءه بزّة القائد الأعلى للجيوش وعقد اجتماعه الرابع للمجلس الحربى لإجراء مناقشات حاسمة حول الإستراتيجية التى يجب انتهاجها فى أفغانستان، وذلك بعد بضع ساعات فقط من إعلان فوزه، ليس إلا مجرد ديكور فقط.

الرجل، الذى كما قيل فى مسوغات فوزه نظير «جهوده الاستثنائية بهدف تعزيز الدبلوماسية الدولية والتعاون بين الشعوب»، ربما يصعب عليه أكثر من أى وقت مضى إعلان إرسال تعزيزات عسكرية، خاصة وأنه يواجه امتحانا داخلياً أساسياً فى مشروعه لإصلاح المنظومة الصحية، للدرجة التى جعلته لا يذكر شيئاً عن نوبل فى خطابه الأسبوعى السبت، إضافة للصعوبات التى يواجهها فى إغلاق سجن جوانتانامو كما سبق وأن وعد فى حملته الانتخابية.

ومع كل ملابسات الفوز، فإن الرجل احتفل بحصوله على نوبل، بأن قرر بالأمس فقط ـ على عكس التوقعات ـ زيادة عدد قواته فى أفغانستان، وإرسال 13 ألف جندى، بالإضافة إلى 21 ألفا من التعزيزات التى أعلن عنها فى مارس الماضى، ليؤكد أن النوايا شىء، والإستراتيجيات شىء آخر.

الأمر لم يقف عند هذا الحد، بل إن خصومه الجمهوريين، رأوا فى منحه الجائزة دليلاً على أنه يبحث عن الشهرة العالمية وقالوا إن الأمريكيين «لن يمنحوه جائزة حول خلق الوظائف وربط أقواله بأفعاله». نفس الأمر أشارت إليه صحف بارزة، معتبرة أن «المبالغة فى المديح قد تكون محرجة». وأنه تم تسييس الجائزة.

أوباما، ومعه الولايات المتحدة فى اختبار المصداقية الكبير، وأن نوبل السلام تُحرج أوباما أكثر مما تُشرفه، وعليه أن يقدم الدليل على أنه لم يحصل على الجائزة لمجرد النوايا الطيبة، أو الأقوال التى أعلنها، ولم تخرج عن كونها أقوالا حتى الآن.

أوباما قد يدخل التاريخ العريض من باب السلام الذى عجز من سبقوه ـ باستثناء الرئيس كارتر الذى خدمته الظروف ـ على تحقيقه، بل ماطلوا فيه، وجاملوا الطرف الإسرائيلى على حساب العرب، للدرجة التى جعلت شخصاً مثل الرئيس السابق بوش أن يعتبر مجرماً كشارون "داعية سلام"!

أوباما نفسه ربما يريد أن يفعل شيئاً مفيداً للبشرية، ولا شك فى هذا، لكن فى المقابل، وكما بادر ألفريد نوبل صاحب الجائزة بالتكفير عن ذنبه باختراع الديناميت، الذى كان سبباً فى دمار البشرية، نعتقد أنه يجب على العالم الغربى الذى يقوده أوباما بالتكفير أيضا عن ذنوبه ومجاملاته للصهيونية، وغضه الطرف عما ترتكبه هذه العصابات الإجرامية على الأرض العربية، بتحقيق سلام عادل فعلا..

المصيبة ليست فى السؤال: هل يمكن أن يحدث هذا؟ متى؟ وكيف؟
المصيبة فى أن الإجابة معروفة مسبقاً، وكما نقول نحن فى مصر: "فى المشمش.. آدى دقنى لو دا حصل"!

** كاتب صحافى مصرى





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة