رسالة من القلب إلى كل مصرى:

عشان تعرفوهم ..روحوا شجعوهم!

الجمعة، 16 أكتوبر 2009 02:50 م
عشان تعرفوهم ..روحوا شجعوهم! سمر طاهر تنتقد الحملة الدعائية لمنتخب الشباب
بقلم سمر طاهر

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
وسط حسرات المشجعين المصريين، خرج فريق منتخب مصر من بطولة كأس العالم للشباب، وذلك بعد هزيمته على يد منتخب كوستاريكا. والأمر الغريب الذى حدث فى هذه البطولة، فضلا عن إقامتها على أرض مصر المحروسة، وقدرة مصر على تنظيمها بشكل لائق، ثم خروج المنتخب المصرى منها دون الحصول على اللقب ـ الأمر الغريب بالفعل هو ما صاحب البطولة من حملة دعائية وإعلانية قامت بها إحدى شركات المياه الغازية للإعلان عن كونها راعى المنتخب المصرى، وللدعاية للاعبى منتخب مصر للشباب.

وقد اتخذت الحملة شعار " عشان تعرفوهم.. روحوا شجعوهم "، وهو شعار طيب حسن بالرغم من إعلانات الحملة التى تثير التساؤل والاستغراب. فالإعلانات حاولت تعريف الجمهور المصرى بأسماء اللاعبين، ومركز كل لاعب فى أرض الملعب، واعتمدت فى ذلك على طريقة غريبة لدرجة الاستفزاز، وهى أن كل لاعب يتعرض لموقف محرج أو سوء معاملة من البعض، ويُرجع الإعلان هذا الموقف إلى عدم شهرة اللاعب فى الشارع المصرى!

فهذا لاعب يركب سيارة أجرة ثم يتحدث معه السائق بطريقة غير مهذبة ويرفض توصيله إلى المكان المطلوب، وهذا لاعب آخر يرفض صاحب (البقالة) أخذ ورقة مالية قديمة منه معاملا إياه بنفس الأسلوب الذى يفتقر إلى اللياقة والتهذيب....ثم يصور الإعلان وجه اللاعب وهو مكسو بعلامات الخزى والعار و " الكسفة " ، ثم يذكر الإعلان اسم اللاعب، ثم شعار الحملة " عشان تعرفوهم..روحوا شجعوهم"، وهكذا فالشارع يعامل هؤلاء اللاعبين باستخفاف و"قلة أدب"، وذلك لعدم شهرتهم، فليس منهم من حظى بشهرة الحضرى أو أبو تريكة بعد ، وعليه، فكل مواطن مصرى يجب أن يشعر بالخجل مما فعله مع اللاعبين، وأنه جاهل "مش فاهم هو بيكلم مين!"

وقد أبديت انزعاجى من هذا الإعلان أمام احد أقاربى على أساس أنه إعلان (غير منطقى) أو على الأقل يحمل منطقا مغلوطا، ولكنه أصر على كون الإعلان (واقعيا) ، فتلك هى طريقة معاملة رجل الشارع لأى شاب أو مواطن عادى، بالأحرى هى الطريقة الطبيعية للتعامل بين المواطنين فى الشارع المصرى، فالناس تتعامل بعدم احترام طالما لم يجدوا مبررا قويا لاحترام وتبجيل من يقابلونهم من البشر.

وبالتالى فالإعلان يحثنا "أولا" على التعرف على هؤلاء اللاعبين، كى نعرفهم عند رؤيتهم وبالتالى نحترمهم ونعاملهم بشكل يليق بكونهم نجوم المستقبل وليس مجرد مواطنين عاديين مثل خلق الله، ويعتذر لهم "ثانيا" عن سوء المعاملة ، وذلك بالمنطق المصرى " معلش أصل اللى ما يعرفك يجهلك " !!

وقد أصابتنى هذه الحملة الإعلانية – وبدون مبالغة – بالذهول، فصحيح أن الإعلان لابد وأن ينبع من الواقع، وصحيح أننا لا نطمح كمشاهدين فى أن يسهم الإعلان فى نشر الأفكار الإيجابية وإصلاح المجتمع على طول الخط، ولكننا لا نتوقع أيضا أن يُبنى الإعلان على استغلال الواقع السلبى للمجتمع من أجل الترويج لسلعة أو فكرة ما، مهما كانت وجاهة وأهمية هذه الفكرة.

فالحملة الإعلانية هنا كرست فكرة المواطن العادى فى مقابل المواطن السوبر...الشخص الغلبان فى مقابل الشخص المميز...رجل الشارع العادى فى مقابل الرجل المحترم!! فالحزن الذى بدا على وجه اللاعبين فى الإعلان ليس بسبب حزنهم على مجتمع يعاملهم معاملة حقيرة كمواطنين..مجتمع لا يحترم أبناءه، ويتشدق بالدين وينسى أن الدين المعاملة، ولكن بسبب حزنهم على كونهم غير مشهورين لذلك يتلقون معاملة عادية " زيهم زى أى حد ." !

ويبدو أن المعاملة الطيبة لا يمكن أن تتلقاها من المصريين إلا إذا كنت غير مصرى، أو مصرى شريطة أن تكون مشهورا أو صاحب نفوذ أو مركز، أو من ذوى الأملاك والأموال (الجنيه غلب الكارنيه – مَثَل مصرى)

وقد أصبح هذا السلوك لا سبيل إلى تغييره، حيث صار الشعب كله غير مهذب ولا يحترم نفسه، وصار هذا عُرفا سائدا... وقد ذهبت مؤخرا فى أحد الفنادق فى مدينة الإنتاج الإعلامى بالسادس من أكتوبر، وبالرغم من ارتفاع أسعار الإقامة فى الفندق لدرجة لا تتناسب مع متوسط دخل الفرد فى مصر، إلا أن معاملة ومستوى خدمة موظفى الفندق للنزلاء لا ترقى إلى ارتفاع أسعاره، بدءًا من معاملة موظف الاستقبال الذى ليس لديه طاقة أو "خُلق" للرد على أى استفسار.

وقد تصادف مبيتنا فى الفندق مع وجود تصوير لأحد الأعمال الفنية فى حديقة الفندق ليلا، وهذا ما علمناه من موظفى الفندق، وبدأ التصوير فى وقت متأخر من الليل محدثا ضوضاء كبيرة، وعندما عاتبنا موظف الاستقبال لم نجد ردا شافيا ولا اعتذارا عما يحدث...ومرت الليلة وجاء وقت الإفطار، وجاء " الجرسون " بكوب من العصير لأحد أفراد العائلة، ولم يكن الكوب نظيفا، وعندما عاتبنا أحد الموظفين كان الرد جاهز والمبرر ساذج : " أكيد أحد النزلاء شرب من الكوب ووضعه جانبا وجاء الجرسون واعتقد أن الكوب نظيف فقدمه إليكم ! "
ولسوء الحظ بعدها أصيبت طفلة من أطفال العائلة بجرح كبير نتيجة لسقوطها على الأرض، وعندما طلبنا الطبيب(بعد علمنا بتواجد طبيب على مدار الساعة من منشورات الفندق نفسه) ، كان الرد أن الطبيب فى إجازة لأن اليوم هو يوم الجمعة !!

وإذا كان هذا هو الحال فى مثل هذا المكان، فما بالنا بأى مكان آخر قد يذهب إليه الفرد لطلب خدمة من الخدمات...لقد أصبح العامل والموظف المصرى بل والمواطن المصرى غير كُفء وغير مؤهل للقيام بأى عمل خاصة إذا تطلب التعامل مع الناس، باختصار " محدش طايق نفسه "، وبالتالى " محدش طايق حد"، ويبقى سؤال يبحث عن إجابة ( إلى أين سنصل وماذا سيكون مصيرنا إذا استمر بنا الحال هكذا؟ ) ، وإذا كان هذا هو حال العمالة المصرية داخل مصر، فهل ستظل مصر دولة قادرة على تصدير العمالة التى تتسم بالكفاءة إلى الخارج، أم أن العامل المصرى أصبح سىء السمعة داخل وخارج حدود الوطن ؟!





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة