جاءت زيارة وزير التربية والتعليم لمدارس الفيوم "مفاجئة " بكل المقاييس، فقد استعدت المدارس لزيارة الوزير بلافتات الترحيب وأعدت المحافظة برنامجا للزيارة والمسئولين فى فرحة بالنظام، واستعدادها للتصدى لأنفلونزا الخنازير، فظهر الطلاب بالكمامات حتى إذا سئلوا كذبوا وتعلموا أول درس فى الزيف السياسى، كما ظهرت الحمامات النظيفة وقد تصدر المسئولون كاميرات التليفزيون ليعلنوا أن المحافظة خالية ونظيفة تماما.
ولكن تأتى الرياح بما لا تشتهى السفن فقد تسابقت الكاميرات لرصد مدارس خارج نطاق الزيارة فوجدتها خالية تماما من الطلاب ولم تعرف شيئا عن النظافة.
ولأننى من أبناء الفيوم فقد حزنت حزنا شديدا لما حدث فأنا أعرف عن مدارسها كل شىء، فهناك مدارس لم يكن بها أبواب للحمامات ولا حمامات ولا مياه، فأين المسئولون فى المحافظة من زيارتها ومتابعتها اليومية دون الاعتماد على التقارير المفبركة والمعدة سلفا أنه كله تمام، فإذا كان كله على ما يرام فليذهب أى إعلامى إلى مدينة أبشواى أوسنورس أو أطسا ليرى واقعا مريرا، وإهدارا للمال العام وإهمالا منقطع النظيرز
إنها فضيحة إعلامية وأكذوبة أن تعد المحافظة جدولا لزيارة الوزير ثم تدعى أنها كانت مفاجئة والطلاب مستعدون للقائه بكل ترحيب، فقد أحمر وجهى خجلا وحسرة على محافظتى وعلى كل من ساند هذه الأكذوبة، فهل هى تضحك على الناس أم على الوزير أم على الكاميرات والقنوات الفضائية التى أشيد بها وبدورها التى لم تبلع الطعم، وقد شكت فى الأمر فراحت تصور حال المدارس المتردية فى الفيوم. فقد ظهر فى برنامج بلدنا وبرنامج العاشرة مساء.
ألم يتصبب وجه المسئولين عرقا أو يشعرون بذرة خجل أو احمرار فى خدودهم الناعمة التى للزيف راضية، إنها مسئولية جماعية، لذا شعرت القنوات الفضائية بالمسئولية وكانت أحرص على رصد الواقع بدلا من تجميله.
فقد شعرت أننى أشاهد بلدا باريسية من حيث النظافة وبما أن جحا أولا بلحم ثورة، فأنا أضع أمام المسئولين مدارس المراكز والقرى مثل العجميين طبهار وسنورس وبنى عثمان، والزاوية وغيرها أعتقد أنهم لا يقتربون من رائحتها خوفا على صحتهم. لذا فقد اقتصرت جهودهم على بعض المدارس التى تعد لزيارة المسئولين ككتالوج، يعد خصيصًى للزيارات حتى تكون المحافظة فى مأمن.
قد يمر الموضوع مرار الكرام بزيارة الوزير ويخفف الوطء على المسئولين بأن الوزير لم يفاجئ المحافظة بزيارة أخرى. فيهدأ كل مسئول ويقر عينا وتعود ريمه لعاداتها القديمة من سوء لأسوء.
فإذا كانا فى مركب واحد فلابد من المشاركة فى رصد الإهمال لا تزيينه ونفيه نفيا قاطعا والتفوه بأن الحياة وردية.
كفا بالله شاهدا ووكيلا ألا تنتهى الزفة الكذابة بزيارة الوزراء والمسئولين، فقد يرى الوزير مدارس منظمة فيخرج فى وسائل الإعلام بتقرير وردى عن الفيوم، ثم ترصد الكاميرات واقعا آخر.
إنها أزمة ولابد أن تعالج بالحقيقة لا بالشعارات والتدليس والكذب ولافتات مرحبا بالسيد الوزير والسادة المسئولين.