انتهت مؤخرا انتخابات الحزب الوطنى الديمقراطى القاعدية على مستوى الوحدات الحزبية بكل محافظة، وشهدت تلك الانتخابات إقبالاً يعده رجال الحزب كبيراً من المواطنين على الإدلاء بأصواتهم، ولا شك أن هذا الإقبال يعكس مدى صحة هذا الوطن وأفراده، ويظن البعض من النخبة السياسية فى مصر أن هذه الانتخابات القاعدية كانت نموذجاً حقيقياً للنزاهة والحيادية، كما أن بعضهم يرى هذا الإقبال كما بينته الوثائق الحزبية الانتخابية أبلغ رد على المشككين والمتربصين ليس بالحزب الوطنى وحده، بل بالوطن ذاته. باعتبار أن الحزب الوطنى الناطق الرسمى الشعبى لأفراد هذا الوطن.
وإذا كان ذهاب المواطن البسيط ـ الذى دائماً يتهم بالسلبية والسطحية والبعد عن قضايا الوطن ـ دليلاً قوياً على التصاقه بهموم أمته ورهانها المستقبلى، فإنه يطمح ويأمل فى تحقيق آماله وطموحاته الشخصية، والارتقاء بمستوى مجتمعه. ولاشك أن فى إقدامه للتصويت فى انتخابات الحزب الوطنى الديمقراطى الأخيرة نتج عن ثقته الكاملة فى سياسات الحزب التى تسعى إلى تحقيق ما يصبو إليه المواطن ويطمح فى تحقيق آماله.
وأصبح الموضوع الآن برمته فى يد هؤلاء المرشحين الذين انتخبهم المواطن وهو يعى ما يفعله. والحزب الوطنى ليس بغفلة عما يحدث فى المجتمع المصرى، وما يعتريه من تغيير سواء فى الفعل والفكر، فمنذ أسابيع مضت أجرى الحزب الوطنى الديمقراطى استطلاعاً للرأى حول أبرز القضايا السياسية والاقتصادية والاجتماعية لهذا العام. وهذا من شأنه يثير لدى البعض العديد من الملاحظات، أبرزها حرص الحزب على تعرف مدى وعى أبناء الوطن بمشكلات عالمه، والتعرف على المعوقات التى تقف أمام قطار التنمية والتطوير، والطموحات المستقبلية لهذا الشعب، ومن ثم وضع الخطة الإستراتيجية المناسبة لتحقيقها، وإزالة العوائق التى تحول دون تحقيق تلك الطموحات.
ولا يعنينا نتائج هذا الاستطلاع، بقدر ما يعنينا تقديم بعض المقترحات الخاصة بعمل الوحدات الحزبية فى نطاقها الجغرافى المحدود، كخطوة مساهمة لتحقيق التطوير والتغيير الإيجابى الذى يطمح إلى تحقيقه الحزب الوطنى لرفع وسمو المجتمع المصرى. ليس هذا فقط بل أحلم به أنا، وأنت أيضاً دون أى انتماءات سياسية أو حزبية، فالوطن ليس قاسماً مشتركاً بين الأفراد، إنه قدر وهوية، ودائما ما أجد متعة فى الربط بين الوطنية والإيمان، فكلاهما يزيد وينقص، وأنا آمل فى الزيادة أبداً.
فبجانب الاهتمام برغيف العيش ومياه الشرب وتحقيق فرص عمل مناسبة، لابد وأن تعى تلك الوحدات الحزبية أهمية البعد الثقافى لأبناء الحى الذى تقع الوحدة به، ذلك لأن محاولة التطوير والتنمية لا ولن تتحقق إلا من خلال تهيئة وإعداد هؤلاء الأفراد الذين سينالهم هذا التطوير وسيلمسون تلك التنمية.
ولعلها فرصة طيبة أن تستغل الوحدات الحزبية الأيام والمناسبات الدينية فى إقامة العديد من الندوات الدينية الموجهة والهادفة، واستضافة عدد كبير من رجال الدين المستنيرين الذين من شأنهم يقومون بنقل تعاليم الدين الإسلامى الصحيحة، وتعديل المفاهيم الدينية المغلوطة، والتى أراها متأصلة فى عقول طلابنا بالجامعة.
بالإضافة إلى استثمار الوحدات الحزبية طاقات الشباب ليس فقط فى إقامة المعسكرات والرحلات التثقيفية، بل بمواكبة الأنماط الثقافية العالمية، وأقصد بها التنمية البشرية، فبدلاً من أن يدفع هؤلاء الشباب مئات الجنيهات فى حضور دورات التنمية البشرية بأحد المراكز البحثية التى لا نعلم توجهها الفكرى، يمكن لهيئة مكتب كل وحدة حزبية أن تقيم دورات تدريبية فى مهارات التخطيط، والتنظيم، والتقييم الذاتى، فإن امتلاك مثل هذه المهارات يسهم فى تقبل الفكر الجديد والنهوض بالمجتمع دون خلل أو عائق.
وإذا نظرنا إلى مجتمعاتنا الصغيرة هذه الآونة، لوجدنا أن المشكلات الزوجية والاجتماعية المتمثلة فى مشاجرات الجيران، والأهل، ومشاحنات العمل اليومية هى الأبرز بين المشكلات، فمن الأحرى أن تقوم كل وحدة حزبية لاسيما الموجودة بالقرى والمناطق العشوائية، بتخصيص صندوق للمشكلات الاجتماعية والشكاوى، وأن توفر من يقوم بمعالجة تلك المشكلات بصورة علمية، فهذا أيضاً من شأنه يحقق عدداً من الأهداف المرجوة، منها ارتباط أبناء الحى بالوحدة الحزبية، وعلاج المشكلات الاجتماعية التى يواجهونها بعيداً عن أقسام الشرطة وساحات القضاء، بل بصورة طبيعية ودية. إن الأمر ولاريب وعر، هذا إذا كان الحزب الوطنى حقاً يسعى إلى التغيير والتجديد والفكر الجديد ويطمح فى العبور إلى المستقبل.
*دكتوراه الفلسفة فى التربية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة