كيف يخترق «الشاباك» الفصائل الفلسطينية.. على الأرض؟

الخميس، 08 يناير 2009 11:02 م
كيف يخترق «الشاباك» الفصائل الفلسطينية.. على الأرض؟
كتب معتز أحمد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
◄صحف تل أبيب تزعم وجود رادارات بشرية فلسطينية ترشد الطائرات لقصف أهدافها فى القطاع.. واعتقال شقيق الزهار لتورطه

للحرب أسلحتها الكثيرة: السياسية والعسكرية والتعبوية والنفسية. وتبقى الأخيرة أخطر الأنواع بكثير لأنها تستهدف الروح المعنوية للشعوب والجنود على السواء.وهذا ما تفعله تل أبيب بشكل أو بآخر فى عدوانها الغاشم ضد الفلسطينيين فى غزة, تحديدا عبر ذراعها المخابراتية الداخلية المسماة جهاز الشاباك.

الحرب النفسية الإسرائيلية تمضى جنباً إلى جنب مع العمليات الوحشية، الأولى تتخذ من وسائل الإعلام: الصحف والقنوات التليفزيونية مسرحاً لها، على نحو ما نشرت عدة صحف وتقارير إسرائيلية فى الأسبوع الماضى ومطلع الأسبوع الحالى، لبث الفُرقة والانقسام فى صفوف الفلسطينيين. ولو كانت تلك التقارير سرية ما كانت قد وجدت طريقها إلى النشر بالطبع، خاصة فى ظل الموقف العسكرى الدقيق والحساس.

أحد هذه التقارير يتساءل بخبث: ترى هل تمتلك إسرائيل جواسيس فى صفوف حماس..؟ وهل اخترقت تل أبيب الحركة التى طالما أعلنت الجهاد ضدها منذ تأسيسها حتى الآن؟
كان هذان التساؤلان هما الأكثر تداولاً ليس فقط فى الأوساط السياسية أو العسكرية العربية فى ظل«دقة» العمليات التى يقوم بها السلاح الجوى الإسرائيلى ضد الأهداف المدنية أو العسكرية فى غزة, بل أيضاً فى الأوساط الإسرائيلية نفسها لعدة أسباب، أبرزها أن الأهداف الـ(400)التى أعلنتها إسرائيل قبيل عملية «الرصاص المتدفق» تعد جميعها أهدافاً معقدة للغاية، سواء فى المكان المستهدف أو طبيعته وتحتاج إلى مرشد أرضى لكى يوجه الطائرات الإسرائيلية لضمان دقة التصويب.

الأهم من كل هذا أن غالبية هذه الأماكن محاطة بمنازل ومنشآت مدنية متعددة ومختلفة، وبالتالى فإن إسرائيل وعندما تستهدفها تعرف من فى داخلها وحجمه ومكانته فى حركة حماس أو أى حركة مقاومة فلسطينية أخرى، بالإضافة إلى ذلك كشف العديد من التقارير الإسرائيلية ذاتها أن تل أبيب تمتلك كشفا تفصيليا ودقيقا حول تحركات الأشخاص، والأهم أنها تعرف كمية السلاح الموجود, وهو ما يؤكد، إسرائيلياً، أن حماس وبقية الفصائل الفلسطينية المتعددة فى القطاع مخترقة من قبل ما أسمته إحدى الدراسات التى أصدرها «المركز الإسرائيلى للدراسات متعددة الأوجه» (الرادارات البشرية) التى تنقل لإسرائيل لحظة بلحظة المعلومات عن حماس.

جهاز الشاباك هو المختص بعمليات الاختراق والتجنيد، وهناك أجهزة أخرى منها الشين بيت، وغيرها.ولم يقتصر الأمر عند هذا الحد بل تحدث موقع ديبكا الإسرائيلى المقرب من الموساد فى تقرير له نشر فى مايو من العام الماضى 2008 عن قيام إسرائيل، وبفضل خطة رعاها رئيس الوزراء السابق إرييل شارون بعنوان «الرادارات البشرية»- تمت الإشارة إليها فى السابق- وهى الخطة التى تقوم على زراعة العديد من العملاء للتجسس على حماس وغيرها من بقية الفصائل والحركات الفلسطينية فى قلب القطاع مع الانسحاب منه، مشيراً إلى أن هؤلاء العملاء بمثابة الرادارات التى تنقل لإسرائيل كل كبيرة وصغيرة فيما يحدث فى القطاع، وهم الورقة السرية التى لعب بها شارون من أجل إقناع كبار القادة العسكريين فى إسرائيل بجدوى الانسحاب من غزة.

اللافت أن إسرائيل تزعم أنها تمتلك بنية تحتية جاسوسية قوية فى القطاع، وقالت صحيفة معاريف فى عددها الذى أصدرته بمناسبة ذكرى يوم الغفران فى أكتوبر الماضى، على سبيل المثال، إن القطاع تسيطر عليه فكرياً حركة فتح التى يوجد العديد من أعضائها ممن وصفتهم الصحيفة بـ«الأصدقاء» لإسرائيل، وهو ما يتيح لإسرائيل التمتع بتواجد فى القطاع.

وتفجر الصحيفة بقولها إن أساس التشاحن بين فتح من جهة وحماس من جهة أخرى سببه اكتشاف حماس تجسس عدد من أنصار فتح على حركة المقاومة الإسلامية حماس، مستشهدة بالخلافات التى تفجرت بين الحركة وعائلة حلس الفلسطينية منذ قرابة عدة أشهر، وهى العائلة التى تعد واحدة من أهم العائلات فى القطاع، والتى هربت إلى إسرائيل ثم الضفة الغربية بعد تفجر الخلافات مع حماس.

اللافت أن كبار العسكريين المتقاعدين والمحللين السياسيين فى تل أبيب يكشفون هذا الأمر فى العديد من الكتب التى يصدرونها بعد إحالتهم للتقاعد. ومن أبرز هذه الكتب كتاب: «عميل الموساد فى أرض العدو»، الذى صدرت الطبعة الثانية المنقحة منه أخيراً، ويكشف أن بعضاً من الدول العربية والدول الأوروبية التى يدرس فيها الطلبة الفلسطينيون من غزة مؤقتاً تنشط فيها المخابرات الإسرائيلية بقوة من أجل تأهيل هؤلاء الشباب للتجسس على حماس، خاصة أن إسرائيل تعرف أنه حتى بعد العملية العسكرية الحالية «الرصاص المتدفق» فإن حماس ستبقى ولن تنتهى، وبالتالى فإن وجود عملاء لها فى القطاع أمر حيوى.

الكتاب يكشف أيضا أن رئيس المخابرات الإسرائيلية الحالى، يوفال ديسكن، أعلن صراحة عن أمنيته فى زيادة عدد الرادارات البشرية فى القطاع خاصة من المتعلمين والدارسين الفلسطينيين ممن يدينون بالولاء لإسرائيل.

ويتطرق الكتاب إلى الوسائل التى تنتهجها إسرائيل للإيقاع بهؤلاء الشباب الفلسطينى فى الخارج والتى تنحصر فى وسيلتين أساسيتين الأولى: المال حيث يكون الشاب الفلسطينى فاقد الوطن فى أمس حاجة للمال، والثانى هو الإغراء الجنسى حيث ينتشر عدد من الفتيات فى سلاح «النساء فى الموساد»-وهو سلاح شهير فى المخابرات الإسرائيلية يعتمد على الإيقاع بالعرب عن طريق النساء والجنس-فى الدول الأوروبية التى يدرس بها العرب والفلسطينيون, ويقمن بإلقاء شباكهن عليهم تمهيداً لتجنيدهم فى الموساد بتصويرهم فى أوضاع مخلة وابتزازهم بهذه الصور.غير أن التساؤل المطروح الآن، هل اكتشفت حماس بالفعل جواسيس أو عملاء للموساد أو للمخابرات الإسرائيلية فى قلب غزة؟

صحيفة هاآرتس الإسرائيلية زعمت فى تقرير لها نشر فى نوفمبر الماضى أن الأجهزة الأمنية التابعة للحكومة الفلسطينية التى يرأسها إسماعيل هنية، تمكنت سراً من كشف شبكة من العملاء الناشطين فى صفوف حركة حماس وألوية الناصر صلاح الدين.

وزعمت الصحيفة أن الحكومة الفلسطينية أمرت جهاز الأمن الداخلى بالتكتم على أخبار حول هؤلاء العملاء للحفاظ على مصائر عائلاتهم التى تعد من أكبر العائلات الفلسطينية فى غزة، ومنها من قدم شهداء خلال انتفاضة الأقصى.

وسربت الصحيفة قنبلة مدوية عندما أوضحت أن الرائد يعقوب فايز نصار «أحد حراس يوسف الزهار» شقيق محمود الزهار وزير الخارجية الفلسطينى عميل للموساد، بعدما اكتشفوا أنه يقضى يوم إجازته من العمل بعيداً عن بيته، حيث تمت مراقبته واتضح أنه يذهب إلى إسرائيل فى هذا اليوم متسللاً للاجتماع مع قادة المخابرات فى بئر السبع ويعود إلى غزة مرة أخرى بطريق سرية مؤمنة لم تكشف عنها الصحيفة.

المثير أن يعقوب، وحسبما زعمت الصحيفة الإسرائيلية، اعتقل مع شقيقه أحمد بالإضافة إلى عدد من الشخصيات منها محمد عبدالعال (أبوعبير) الناطق باسم ألوية الناصر صلاح الدين، الحليف الرئيسى لكتائب القسام فى القطاع، ويوسف الزهار القيادى فى حماس.

ولم تكتب أى صحيفة فلسطينية أو إسرائيلية حرفاً واحدا بعد هذه الخطوة من قبل الفلسطينيين، غير أن صحيفة فلسطين المقربة من حماس والتى يرأس تحريرها مصطفى الصواف، الكاتب الإسلامى المعروف، اكتفت بالقول إن الأسماء الوارد ذكرها فى الشبكة التجسسية تعتبر بمثابة صيد ثمين لا يجب الحديث عنه كثيرا.

ومهما كانت التسريبات الإعلامية التى تصدرها تل أبيب بين الحين والآخر عن وجود عملاء لها فى حماس، فإن عالم العملاء السرى مازال غير معروف للكثيرين، وربما جاءت مذبحة تل أبيب الأخيرة فى غزة لتكشف عن عمل هؤلاء العملاء، غير أن العديد منهم ربما يكونون من حولنا وسط حرب الأجهزة الاستخباراتية السرية الناشطة فى المنطقة.

لمعلوماتك...
10آلاف عميل لأجهزة المخابرات الإسرائيلية داخل الأراضى المحتلة







مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة