إبراهيم داود

أين ذهبت فلسطين؟

الخميس، 08 يناير 2009 11:02 م

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
الهزيمة.. هى أن ترى جثث أهلك فى الشوارع وأنت غير قادر على فعل أى شىء، الهزيمة.. أن تضيق بأناشيدك الوطنية والقصف مستمر، الهزيمة أن تجد نفسك أعزل فى مواجهة الفضائيات التى تشيع الإحباط وتستثمر مشاعر المهزومين لكى يكسب العدو أرضا جديدة، لا يوجد إنسان سوى من الممكن أن يوافق على المجزرة الإسرائيلية البشعة التى ترتكب ضد أهلنا فى غزة، ولا على وجود إسرائيل بيننا أصلا، ولا يوجد إنسان طبيعى يوافق على خطاب حركة حماس الفج، الذى يضعك تحت ضغط الدين والعروبة ويطالبك بالتحرك، وقادتها فى المخابئ يبشرون الشهداء بالنصر، حماس التى أحببناها عندما كانت تقاوم الاحتلال، حماس التى دخلت الانتخابات فى يناير 2006 على أساس اتفاق «أوسلو» المهين بحثا عن السلطة وإعطاء المحتل فرصة العمر، وإنشاء إمارة إسلامية خارج الزمن، حماس التى تحولت إلى حركة سياسية وتعلم كوادرها السياسة فى الكتاتيب وحولت غزة إلى زنزانة كبيرة يعاقب أهلها كل سجانى العالم، حماس التى تطلق صواريخ لا قيمة لها وتعطى للعدو فرصة لاغتيال الأطفال والعجائز دون أن تخدشه، حماس التى وصلت بها الحماقة أن تعتبر مصر مسئولة عن تردى الأحوال فى غزة، حماس التى جعلت الناس تنسى أن قضيتنا الأم هى فلسطين، لم يعد أحد يتحدث عن فلسطين، الجميع يتحدث عن غزة والقطاع، نجحت حماس فى إزاحة اسم فلسطين لكى تعيش قناة الجزيرة هادئة فى حضن أكبر قاعدة أمريكية فى المنطقة، حماس التى تقتل ضابطا مصريا شريفا يؤدى عمله بتفان على الحدود وتيتم أولاده لكى تحرر القدس!
لا أحد يوافق السيد حسن نصرالله الذى راح يحرض شعب مصر وجيشها على النظام، حسن نصرالله الذى أحببناه وهو يقاوم عدوه وعدونا، وكنا نظن أنه عرفنا وعرف أننا معه ضد إسرائيل، ولكننا لسنا معه عندما يحمل السلاح ضد اللبنانيين، ولسنا معه عندما يعمل لحساب إيران وطموحاتها على حساب بلادنا، لسنا معه عندما أصبح «كبيره» أمير قطر، حسن نصرالله نسى أن مصر لم تتلوث يدها بدم الفلسطينيين، نسى تل الزعتر وأيلول الأسود وما تعرض له اللاجئون فى بلده، كنا نظن أنه «فاهم» مصر، وأننا لسنا طرفا فى «خناقة» الشيعة والسنة بين إيران والسعودية وأننا قدمنا شهداء أكثر من تعداد سكان دولة قطر، لم يفهم أننا لن نقبل أن يتطاول أحد على الرئيس مبارك لأنه صاحب تاريخ عسكرى مشرف وحارب إسرائيل، لم يفهم أننا نعارضه فى مصر فى المسائل الداخلية، ولكننا «وكلناه» أن يكون مسئولا عن حدود بلادنا ونثق به وبجيشنا العظيم، لماذا لا يطالب سوريا باسترداد أرضها أولا، ولماذا لا ينصح إيران ألا تخصب آلاف المتظاهرين لأن مصر ليست عدوا؟ السيد حسن نصرالله خسر الكثيرين من محبيه فى مصر - وأنا منهم - لأنه لم يفهم أن الدولة المصرية ليست «قبيلة».

وأنها لم تعتد يوما على أحد، وأنها تعرف فى الحرب قبل أن تظهر الديانات على الأرض.
وان اقتحام سفاراتها فى لبنان واليمن والأردن، جعلنا نشعر بخيبة أمل فى فكرة «العرب» الذين يملكون 400 قناة فضائية راقصة، كان أولى بأموالها سكان غزة والأرض المحتلة (على حد تعبير فاروق جويدة فى الأهرام)، اقتحام السفارات إهانة للمصريين الذين أخرجوا اليمنيين من الظلمات إلى النور، إهانة لأرواح الشهداء الأبرار الذين حاربوا إسرائيل طوال ستين عاما ولم يستفيدوا من ارتفاع أسعار النفط، إهانة لرجل الشارع الذى يبكى من أجل غزة، وغير مقتنع بحماس، ولا بفتح، ولا بأحمد أبوالغيط، ولا بالتليفزيون المصرى، ولا بتصريحات حسن نصرالله التليفزيونية.

أنت أمام مشهد شائك ومربك، الصحف القومية احترفت الشتائم ونست فلسطين، صوت وزارة الخارجية فاتر ومتردد، ولم يوضح موقف مصر كما ينبغى.. عندما تتأمل المشهد ستتأكد أنك وحيد لدرجة مؤلمة، وأن عداءك لإسرائيل يتضاعف.






مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة