بعيداً عن المماحكات السياسية والحملات الإعلامية والسياسية الموجهة، وبعيداً عن ظهور محمد دحلان على شاشة "البيت بيتك" ليدافع عن (عروبة مصر) أو إشادة مقدم أحد البرامج التليفزيونية بكاتب كويتى معروف بفساده وسمعته الطين، لأنه كتب مقال يشيد بدور مصر، وبعيداً عن الظهور الإعلامى المتكرر للسيد وزير الخارجية أبو الغيط للدفاع عن عروبة مصر. تعال عزيزى القارئ لأقدم لك حكاية حقيقية تعبر عن الطريقة التى تفكر بها الشعوب العربية للتعامل مع الكارثة الراهنة، وهى بالطبع طريقة فى الاتجاه المعاكس للسياسة والسياسيين!
هذه حكاية سيدة مجتمع كويتية قررت أن تفعل شيئا من أجل غزة بدلا من أن تلعن الظلام والحكام العرب واليهود والمؤامرة الدولية، وبدلا من تسمرها أمام شاشة التليفزيون لتتابع، كما نفعل نحن، وضعت السيدة المحترمة (س) خطة للاتصال بكل من تعرف لا لتشتم أو تسب أو حتى تبكى أو تنوح، واقتصر اتصالها على عبارات بسيطة، وهى: ما الذى تستطيعين أن تتبرعى به لغزة؟
توالت التبرعات على السيدة وهى تبرعات محترمة وقيمة تتناسب مع الوضع الاقتصادى الكويتى، ومع طبيعة الشعب الكويتى فى التعاطف مع القضايا العربية والإسلامية، لكن سيدة من (البدو) غير محددى الجنسية من المقيمين فى الكويت منذ فترة طويلة، لم تجد ما تتبرع به فعلا إلا ديكا (نعم ديك) تربيه فى حظيرة بيتها المتواضع فى إحدى المناطق الخارجية (البدو).
احتارت السيدة الفاضلة (س)؟ ماذا تفعل بهذا الديك؟ وهل لا يزال فى الكويت بكل ثرائها من يتبرع بديك؟
حاولت السيدة الكويتية (س) إثناء المتبرعة عن تبرعها، لعدم جدوى التبرع وإقناعها بأن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولكن ذهبت محاولات (س) أدراج الرياح؟
فكرت السيدة (س) وهداها تفكيرها إلى أن تذهب بالديك إلى مجموعة من سيدات المجتمع الثريات لتستخدمه فى إقناعهن بالتبرع، وما إن وصلت بيت المجتمعات حتى تساءلن عن سر (الديك) فهدأت من روعهن وأخبرت صاحبة المنزل (الفيللا) بأنها قد أخذت احتياطاتها الكافية لمنع تلوث المنزل من جراء وجود (ديك) غير مأمون الحركات!!!
وبدأت السيدة (س) حوارها مع المجتمعات بسؤالهن عما يمكنهن فعله من أجل غزة؟ ولا مجال للكلمات بل للأفعال!
وبينما كانت السيدات يتناولن الشاى قررت السيدة (س) مساعدتهن فى التفكير، وقررت فتح المزاد على الديك الذى بدا مستكينا وهادئا فى قفصه.
بدأت المزاد وهى مترددة، لأنها لا تعرف من أين تبدأ وما الرقم المناسب، لكنها ولأنها وسط مجموعة من النساء الثريات، فقررت أن تبالغ فى الرقم وقالت لهن نبدأ المزاد بمائتى دينار (أربعة آلاف جنيه).
تصورت (س) أن الرقم مفاجأة، لكن المفاجأة الحقيقية كانت فى أن النسوة بدأن رفع المزاد حتى وصل 1600 دينار كويتى أى 32 ألف جنيه مصرى، هنا وكما تحكى السيدة (س) مباشرة: خرج الديك عن صمته وبدأ ينتفش ثم صاح الديك!
هنا أخذت الحماسة النسوة وبدأن فى زيادة الرقم كلما زاد سعر المزاد ارتفع صياح الديك أكثر وأكثر حتى وصل سعره إلى 3200 دينار كويتى (أى 64 ألف جنيه مصرى) ديك بأربعة وستين ألف جنيه من أجل غزة!
رغم أننى لا أنكر دور المظاهرات، ولا تأثير المقالات، ولا قيمة التحركات السياسية، لكن فى زحمة الجدل السياسى قد يسقط الضحايا فى غزة مرتين مرة بفعل القذائف والصواريخ والقنابل الصهيونية، ومرة أخرى بفعل صمتنا وعجزنا عن تقديم فعل حقيقى يدعم هؤلاء المحاصرين والمشردين.
هل شاهدتم إخوتنا فى غزة وهم يقفون طوابير من أجل أن يتسلموا وجبة طعام من (الأنروا)!
هل شاهدتم إصرارهم على الحياة والعيش على أرضهم بدلا من فرارهم كما توقع الصهاينة وبعض المراقبين العرب!
هؤلاء المرابطون على أرض فلسطين يستحقون منا أن نتحرك وبسرعة، ليس فقط عبر بوابة الجامعة العربية أو مجلس الأمن.
لعل صيحة الديك الكويتى توقظنا من سباتنا قبل أن نصبح ولا نجد فى الأفق غزة!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة