أقترح على الذين يعانون من فوبيا ناصر، عقد مؤتمر عام للبحث عن أسلوب جديد ومبتكر للقضاء على أو حتى لزعزعة مكانته فى قلوب وعقول الملايين من عشاقه ومؤيديه، بعد أن أثبت الزمن أن أعراض المرض فى ازدياد مضطرد على مجموعة محدودة الكم، مما يعنى أن نصيب الفرد منهم من الفوبيا قد ارتفع لدرجة تهدد المصحات النفسية بالتكدس الشديد، خاصة أن شعبية عبد الناصر بين العامة والخاصة فى ازدياد, وأن الظروف التى تعيشها الأمة العربية والإسلامية تجعل من توجهات عبد الناصر حلولاً نموذجية لعشرات القضايا والإهانات التى يعيشها المصريون والعرب والمسلمون.
سبب اقتراحى أنه بعد ثمانية وثلاثين عاماً على رحيل الزعيم العظيم، مازال الهجوم على ناصر عقيماً وعاجزاً عن تحقيق مآربه، بالرغم من شراسته ولجوئه إلى الافتراء وللأساليب غير الشرعية, وإحراز أهداف من وضع تسلل، ويأتى غالباً بنتائج مغايرة لحسابات حزب فوبيا ناصر, وخلال الأعوام الثمانية والثلاثين لم تهدأ حركة الهجوم على عبد الناصر الذى شاركت فيه دول برمتها وسخرت أجهزتها وملايينها للهجوم على مصر الناصرية، وشاركتها قوى سياسية محلية وإقليمية ودولية أضيرت من تحرر مصر، وقادة دول سابقون وحاليون يشعرون بالتقزم، حينما تقارن الجماهير بينهم وبين عبد الناصر.
ويتضمن اقتراحى بعض النقاط التى يجب على المتآمرين أى المشاركين فى المؤتمر مراعاتها، وفى مقدمتها تشكيل لجنة من بينهم لتحديد كمية أطنان الحبر المستهلكة وطول المقالات بالكيلو متر وعدد ساعات الأفلام والدراما، وخاصة مجهودات حركة سينما الردة، مضافاً إلى ذلك الأبحاث المزورة وحروف الدال الموضوعة فى الأماكن الغير مناسبة التى طلت علينا عبر شاشات التليفزيون والندوات وصفحات الصحف، وجميعها حاولت النيل من عبد الناصر ولكن نقبهم طلع على شونه وتنامت شعبية عبد الناصر "الميت"، وتقلصت شعبية وقيمة مهاجميه "الأحياء".
ومن الطبيعى أن تتطرق عملية تحليل خيبة أمل المشاركين فى المؤتمر إلى مفارقة، خلاصتها أن معركة الإساءة لعبد الناصر فى مصر التى بدأت فور رحيل الزعيم بدأت بشكل غير متكافئ بالمرة، حيث تم تجييش رئاسة الجمهورية والحكومة والصحافة والسينما والتليفزيون والإذاعة واستدعيت قوات الاحتياط من الإخوان المسلمين والجماعة الإسلامية وبعض الوفديين وآلاف الانتهازيين وهواة الشهرة وفلول الإقطاع وحركة اللصوص الجدد ورجال دين، وفى المقابل تمت مطاردة الناصريين, والزج بهم فى السجون ومحاصرتهم فى الجامعات والمصانع والمنازل، ومع ذلك كان لأفكار وتوجهات المسجونين تأثير أقوى من افتراءات الساجنين والطلقاء.
وأنصح منظمى المؤتمر إذا وافقوا على اقتراحى, ألا يدعوا منتقدى الناصرية وعبد الناصر على أسس موضوعية، فهؤلاء لديهم وجهة نظر محترمة تحتم مناقشتها والرد عليها والاقتناع بها أحياناً ويمتلكون عقلاً يميزون به بين المعلومة والافتكاسة ويحترمون محاوريهم، ومن يختلف معهم ولا يهزأون من قامات أعلى منهم فى مجالات تخصصهم، ولا يزعمون أنهم مـُـلاك الحقيقة المطلقة، فهؤلاء إذا حضروا المؤتمر فسوف يتسببون فى إرباك وإحراج لحملة أعراض فوبيا ناصر الذين لا يعترفون بالحقائق, ولا يميزون ويهزأون بقامات أطول منهم بكثير.
ولتوفير أكبر درجة ممكنة من التناسق بين المشاركين فى المؤتمر، ومن باب التركيز على أهداف واضحة ومحددة، أتصور أنه يتوجب على الداعين للمؤتمر الاكتفاء بدعوة من سبق له الفشل فى إقصاء عبد الناصر من الساحة العربية, سواء فى حياته عبر الحروب والمؤامرات والتنظيمات السرية، أو بعد رحيله عبر كيلومترات من المقالات وأسابيع من الأفلام وشهور من المسلسلات وسنين من تآويلات حملة الدال عبر الشاشة الصغيرة، ولكن على منظمى المؤتمر توخى الحذر فى توجيه الدعوة لمن اختلف مع عبد الناصر فى حياته، بعد أن عدل آلاف منهم موقفه بعد رحيله، واعتبروه زعيماً استثنائياً، وتمنى البعض منهم عودته حتى لو عاد هذا البعض للسجن من جديد.
وأقترح على مؤتمر مرضى فوبيا ناصر، أن يراجعوا خطابهم وأن يضمنوه عبارات أكثر واقعية من مقولة مساوئ السد العالى وتأثيره السلبى على سردين نهر النيل، وعليه أن يكون أكثر إقناعاً لمواجهة آثار الانقلاب على سياسات عبد الناصر، والذى شرد مئات الألوف من العمال، وضمت مثلهم من المزارعين إلى طابور العاطلين عن العمل ورفعت طابور البطالة نفسها إلى ما لا يطيقه الاقتصاد المصرى فى وضعه الحالى، وحرمت المواطن العادى من حقه فى العلاج، ولابد للخطاب أن يقدم لنا دليلاً على أن المساوئ التى تنسب لعبد الناصر تم علاجها بعد ثمانية وثلاثين عاماً من رحيله، وأصبحنا نشكو من تخمة ديمقراطية وأن الحزب الوطنى ليس حزب الحكم الواحد.
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة