الساعه 6 صباحاً الشوارع شبه خالية من المواطنين والسيارات والمسافة بين سيارة وسيارة أخرى تليها، تصل إلى عدة كيلو مترات.. يتحرك المواطنون الساعة 10 صباحا فى الشوارع، حيث تكون حركة المرور بسيطة وسهلة، وذلك حتى الساعة 2 ظهراً وإلى الساعة 4.30 تضم الشوارع أكبر عدد من المواطنين والسيارات، التى تبدو وكأنها تحاول تقليل المسافات التى تفصلها عن التى تليها.
وفى الساعة 4.30 - 6 لم يعد هناك مفر من الالتحام بين السيارات فالسنتيمترات القليلة، التى كانت تفصل بين السيارات تلاشت لتبدو السيارات، وكأنها تتحرك جميعا بقوة الدفع الجماعى, ليصل الأمر ذروته ليلتحم البشر بالبشر ومعهم السيارات المتلاحمة مع بعضها لترى شوارعنا كتله واحده تتحرك فى وقت واحد معاً, فترى وتسمع آثار هذا الالتحام, فتجد "اللهم أنى صائم" ترافقك فى محاولة العودة لمنزلك للإفطار وسط الخناقات والصدامات والحوادث والعوادم.
تتكرر هذه المشاهد يوميا فى رمضان الجميع يدعو ربه العودة سالما وبلا خسائر لمنزله.. ومن المشاهد التى تراها ولن تنساها هى لأتوبيس مزدحم يكاد ينفجر من كثرة راكبيه، وتجد رجلا يجرى وراءه يقفز رامياً بنفسه للداخل لتتلقفه أيادى الخير الممتدة من على الباب وبهذا يفوز "بالتوصيلة".. فى الداخل تجد أنك انتقلت لعالم آخر مشاهده مختلفة، فهذا يجلس ماسكاً بالمصحف الشريف يتلو آياته حتى لا يشعر بملل الطريق وبالمرة يأخذ ثوابه، وهذا يزعم النوم حتى لا يتنازل عن مقعده للسيدة المسنة الواقفة أمامه، أما هذا فيقف مائلا على جارته فى الوقفة دون مراعاة الشهر الكريم بحجة الزحام، وآخر يهب واقفا من فوق مقعده ليجلس البنت الجميلة التى التفت إليها كل رجل فى الأتوبيس، وهذا بالطبع من باب الذوق والثواب على الرغم من أن سيدة تحمل طفلا على يدها تقف بجواره.. أما الموضوعات التى تدور بالداخل فتتنوع ما بين "إتاخر شوية يا أستاذ عيب دا احنا فى رمضان" وهو يرد "أنا جيت جنبك مش قد الأتوبيس متركبيهوش" ، وآخر "حرام عليك مش زى أختك دى"، و"قوم يا ابنى وقعد الست الكبيرة دى" ، "وانت مالك زعلان ليه".
فجأة بدون مقدمات من الساعة 6.30 - 8.30 تكون الشوارع خالية من سكانها وسياراتهم وضجيجهم وعوادمهم. وبداية من الساعة 8.30 مساء وحتى الثالثة فجرا يبدأ ازدحام تدريجى بتوافد المواطنين فى النزول للشوارع, إما عائدين من "عزومة" إفطار, أو منطلقين فى الشارع بحثا عن متنفس هواء بعد أكله دسمه.
زحام بالشوارع قبل الإفطار بوقت قليل - تصوير عصام الشامى
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة