قرر قاسم مصطفى الذى يدير متحفا لمنتجات من صناعة السجاد الكردستانى اليدوى، أن يحول المتحف إلى ورشة لإحياء هذه الصناعة التى تعتمد على النساء، بعد أن واجهت خطر الزوال منذ أكثر من 25 عاما لعدة أسباب.
وقال مصطفى وهو كردى عائد من الولايات المتحدة قبل أربعة أعوام إلى مسقط رأسه أربيل، كبرى مدن الإقليم، "وجدت فى إقامة المتحف مناسبة لإظهار تراث كردى شهير فى هذه الصناعة وفكرت فى إحيائها عبر إقامة ورشة تعمل فيها 18 امرأة حاليا".
ويشير مدير المتحف إلى أن أكثر من 20 ألف قطعة من السجاد وأعمال يدوية تعود لفن النسيج الكردى المحلى غادرت إقليم كردستان منذ عام 1992 إلى مناطق مجاورة، لتواجه بعدها هذه الصناعة الشعبية خطر الزوال بعد عقود كانت فيها عنوانا للفولكلور الكردى.
ويضيف الرجل الخمسينى ولقبه "لؤلان" نسبة إلى إحدى العشائر الكردية، "منذ عودتى بدأت بجمع أنواع نادرة من السجاد اليدوى الكردستانى وبعض القطع من فنون النسيج الكردى، ضمن إطار الحفاظ على هذا الإرث الشعبى الذى يشتهر به إقليم كردستان".
ويتكون المتحف من عشر غرف صغيرة تتوزع على طبقتين فى منزل قديم يعود تاريخه إلى أكثر من 150 عاما وينتصب داخل قلعة أربيل التاريخية. وعلقت على جدران الغرف أنواع من السجاد كما افترشت أرضيتها بأنواع أخرى صنع بعضها عام 1954.
وتعتمد صناعة السجاد اليدوى فى الإقليم على أصواف الحيوانات التى كانت مزدهرة فى قرى المنطقة قبل ثمانينيات القرن الماضى، لكنها تراجعت نتيجة هجرة العائلات الكردية تلك المناطق إبان الحرب العراقية الإيرانية.
وحول طريقة تسويق منتجات الورشة، يقول مصطفى "نعتمد على السياح الأجانب الذين يزورون أربيل باستمرار، فضلا عن توصلنا إلى اتفاق مع تجار فى الولايات المتحدة لشراء منتجاتنا، مما سيجعل أرباحنا مستقبلا أفضل مما هى عليه الآن". أما بالنسبة للاعتماد على العنصر النسائى، فيؤكد أن المرأة الكردية لعبت دورا محوريا فى هذا المضمار وكانت غالبية الأعمال اليدوية من غزل وتلوين ونصب الآلة تلقى على عاتقها، فضلا عن الدقة والمهارة التى تتسم بها فى هذه الحرفة وغيرها.
ويتراوح سعر السجادة بين مائة وخمسمائة دولار، وتكون عادة مصنوعة من الصوف الطبيعى، الذى يتميز بجودته العالية فى تلك المناطق.
وصناعة السجاد اليدوى من الحرف القديمة فى العراق، وتعتبر من أفضل الصناعات فى المنطقة بعد إيران. وكانت رائجة لكنها انحسرت مطلع التسعينيات، بسبب الأوضاع الاقتصادية قبل أن تعود للازدهار بعد عام 2003، رغم المنتجات الهائلة من السجاد الميكانكى التى غزت البلاد. وكانت هناك ورش عدة لهذه الصناعة فى بعض المدن بينها بغداد وبابل.
ويعتبر مصطفى الورشة "جزءا حيويا لتحسين الأحوال المعيشية للعاملات، بحيث تحصل كل واحدة على مرتب شهرى يتراوح بين مائتين وثلاثمائة دولار مقابل 20 ساعة عمل أسبوعيا". مؤكداً أن إحدى منظمات المجتمع المدنى ساهمت فى تمويل المشروع وتعمل الآن على دراسة رفع أجور العاملات، بسبب ارتفاع الأسعار والغلاء.
من جهتها، قالت زارا قادر (65 عاما) إحدى العاملات فى غزل الأصواف وتهيئتها للنسج، "منذ أكثر من عامين وأنا أعمل هنا حتى أصبح عملى مهما، لأننى أستطيع الحصول على ثلاثمائة دولار شهريا وهذا أمر حيوى لأسرتى". أما شهيرة محمد أمين (28 عاما) فتقول "أجد فى عملى متعة، كونى أحصل على مرتب شهرى، كما بدأت تتراكم لدى خبرة العمل, سأتمسك بهذه الحرفة النادرة".
السجاد الكردستانى مازال يتمتع بشهرة عالمية
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة