رواية صبحى موسى خارج السرب

الخميس، 31 يوليو 2008 01:24 م
رواية صبحى موسى خارج السرب صبحى موسى وخضر ميرى وشريف الجيار فى الندوة
كتب كريم عبد السلام

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
عقد أتيليه القاهرة للكتاب والفنانيين الثلاثاء، ندوة لمناقشة رواية "المؤلف" للشاعر والروائى صبحى موسى، شارك بها الناقد والكاتب العراقى خضير ميرى والناقد شريف الجيار وشوكت المصرى، وأدارها الدكتور مدحت الجيار الذى قال إن قصيدة النثر فتحت الباب أمام الكثيرين من كتابها لدخول عالم الرواية، ومن بينهم صبحى موسى الذى كتب روايته الثالثة التى يمكننا تصنيفها، أنها تنتمى لتيار الوعى أو الرواية الرمزية.
عرض موسى لفكرة روايته التى تدور عن مؤلف أنتج رواية حول الشيطان، ثم فوجئ المؤلف بانتقال شيطانه إلى هذا العالم، وأن كل شخوص روايته( عبد اللطيف ـ الشيطان ـ الفتاة ) يطالبونه بتكملة عمله.

تحدث خضير ميرى عن فكرة رواية الرمزية، قائلاً إن الرمز شكل فى مسيرة السرد الروائى العالمى جانباً هاماً، ومن أشهر كتابه فرانتس كافكا، إدجار ألن بو، ستندال، بورخيس، كارتاثار وخوان رولفو وغيرهم، وقال إن الرمز حصيلة دلالة مفتوحة لا يمكن للقارئ، أن يتنبأ بها إلا عبر عملية قرائية محسوبة ودقيقة يطالها اللبس وسوء الفهم فى أغلب الأحيان.

قال ميرى إن هذه العوامل جعلت كتابة الرواية الرمزية قليلة، ليس فى العالم العربى فقط ولكن فى العالم ككل، وذهب ميرى إلى أن رواية المؤلف تعيد الاعتبار لهذا التيار الرمزى فى السرد، بعد أن أسرف الكثير من الروائيين المصريين والعرب فى تناول الواقع اليومى، وأنها تقدم فانتازيا لا تاريخية، غافلة عن الزمان والمكان اللذين لا يتضحان فى معالمها السردية، وأنها تتقارب مع مسرحية "ست شخصيات تبحث عن مؤلف" لبرانديللو، إذ يمكننا اعتبار الرواية ككل تبحث عن مؤلف، وهذا المؤلف قد يكون السارد الذى كتب الرواية القديمة، وقد يكون السارد العليم، الذى يجسده صبحى موسى ككاتب للنص، مطبوع عليه اسمه، وقد يكون الشيطان الذى أخرج النص كما يريده المؤلف، وقد يكون عبد اللطيف الذى عمر الخراب وسكن فيه.

وقال ميرى إن العمل الرمزى مادة ثرية للتأويل والتحليل ووضع مقاربات ومتوازيات دلالية متشابكة، فثالوث المؤلف والشيطان وعبد اللطيف، يذكرنا بأفكار جمعتها الديانات المقدسة وغير المقدسة، والمحقق هو الباحث عن الحقيقة التى سينتهى بالعالم بوصوله إليها، وأنهى ميرى حديثه بأن الرواية تقع فى الحدث الدائرى وعدم الاهتمام بالتدرج السردى، مع خلق انقطاعات غير مبررة فى السرد والذاكرة لتعبر بدورها عن تشوش الحدث وعدم كفايته المنطقية، ولولا تمسك الكاتب بالمعادلة الأساسية لعمله لانفرط السرد وتحول إلى هلوسات مجردة، لكنه استطاع أن يحيك عمله بمهارة شديدة، لاعباً على تلك الخطوط الدقيقة التى ابتدأ منها.
ورأى الناقد شريف الجيار أن الرواية تعبر عن أزمة المثقف والإنسان بشكل عام فى عصر الحداثة، حيث الاغتراب والتقزم والموات والتهميش والعزلة والوحدة، وحاجة هذا الإنسان كعبد اللطيف، إلى صناعة الأسطورة وخلق الحياة والعودة إلى الجذور.

وربط الجيار بين الموت والحياة فى شخص عبد اللطيف و"مدينة القبور والتاريخ الشخصى" للمؤلف نفسه، وقدم من خلال النص معادلة أثبت فيها أن الموت يساوى الحياة، وأنه لكى نجد الحية الكريمة الطاهرة النقية الخالصة من كل مسوخ الشيطان،فلابد أن نتجه إلى الموت ذاته، حيث المقابر والعظام والأرض اللينة، وأضاف أن عبد اللطيف هو مثال المؤلف الذى يعانى من الوحدة والعزلة، وأننا يمكننا اعتباره صبحى نفسه، وهو نفس الأمر الذى ينطبق على المؤلف، وكذلك الشيطان، ومن ثم فالدلالة متعددة ومن الصعب الإحاطة بها كاملة.

قال الجيار إن إعمار الأرض فكرة فلسفية عميقة، بحث من خلالها كثير من المفكرين والباحثين عن رؤية مغايرة للعالم، وإن هذا الإطار الفلسفى هو الذى نتجت منه رواية موسى، حتى إننا يمكننا اعتبارها رواية ذهنية، أو منتمية إلى تيار الوعى والرواية الرمزية، وهذا النوع من الأعمال يحتاج إلى قارئ جيد ومطلع حتى يستطيع التقاط الإشارات، وإن كان موسى امتاز بجعلها دائرية، بمعنى أنها تفسرها بعضها البعض، وأن الدلالات يمكن جعلها داخل النص، فمثير الدلالة من الداخل، والدلالة نفسها فى الداخل، ومن ثم فهو عمل يمكننا اعتباره متكاملاًَ، مثيراً للتساؤل أكثر منه يقدم إجابات.

بدأ شوكت المصرى من حيث انتهى الجيار الذى تحدث عن فكرة النص الجامع لخصائص الشعر والرواية، فقال إننا لا نستطيع أن نصل إلى دلالة واحدة فى أى من توجهات العمل، بدءاً من الغلاف الذى كتبت عليه بيانات العمل والتى فيها، رواية "المؤلف" صبحى موسى، فهل هى رواية المؤلف صبحى موسى ؟ أم صبحى موسى المؤلف رواية، أم المؤلف رواية صبحى موسى، فهذا التجريد والتعدد فى الدلالات هو ابن النص الشعرى، أكثر من النص الروائى، وبدءاً من اللغة التى تشبه قصيدة النثر، بما فيها من سرد ومجاز صورى ومفاجأة وتساؤل، ومروراً بالمكان غير المعلن أو المحدد فى أى من جزئياتها، وكأنها تدور فى مخيلة الكاتب أو أحلامه وليس فى وقع ما، ومروراً بالزمن الذى لا توجد دلالة واحدة على وجوده، وكأنه فى لحظة ميتة أو منعدمة، هذا إذا استثنينا الجزئية الصغيرة التى وصف فيها بيت المغنية، حيث قدم بعض الوصف للمكان المسيج بأسوار تشبه القلاع، لكنه لم يقدم رؤية واقعية، بقدر ما قدم فانتازيا خيالية مشمولة بالأسئلة، لكنها أسئلة لا تحمل أدوات استفهام بقدر ما تحمل حالات تدعونا إلى التفكير وإعادة التأمل، ومن ثم فهى عمل خارج السرب بالنسبة لما يكتب الآن.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة