"لو كنت أعلم أن الحرم الجديد للجامعة الأمريكية سيكون فى وسط الصحراء القاحلة، ما كنت لأفكر فى الانتقال لهذه الجامعة" قال روبر كريس، القادم من كلية العلوم السياسية بجامعة جورج تاون بواشنطن، ليمضى فصلا دراسيا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة. كانت رحلته من واشنطن إلى القاهرة، فرصة لدراسة اللغة العربية والتعرف بعمق على ثقافة جديدة، تدفعه للدخول مع المصريين فى مناقشات مطولة، وخاصة سائقى التاكسيات، لكن فرصة التعرف على الثقافة العربية والاندماج فى الحياة المصرية بصفة خاصة، لن تكون متاحة للطلاب الأجانب الذين سيلتحقون بالجامعة الأمريكية فى سبتمبر 2008.
يقع الحرم الجديد للجامعة الأمريكية على بعد 40 كيلو متراً من وسط البلد، وترتفع المبانى لتحمل الطابع الشرقى الحديث فى وسط الصحراء القاحلة. أعلن عن بداية تنفيذ حرم الجامعة الجديد فى عام 2001، وبلغت إجمالى تكلفته 300 مليون يورو، تبرع الطلاب القدامى بثلث المبلغ وتكفلت الجامعة ببقيته.
تشرح حنان نايل المسئولة عن العلاقات العامة بالجامعة الأمريكية، الهدف من إنشاء حرم جديد بأنه مساحات واسعة من الحدائق الخضراء، عشرات الملاعب، وحمام سباحة أوليمبى وستاد يتسع لأكثر من 2000 فرد، هذا هو الشكل الجديد للحرم الجامعى، لما يقرب من 5380 طالباً. فى قلب القاهرة وبالتحديد فى ميدان التحرير توجد الجامعة الأمريكية، كأحد المعالم الأساسية للعاصمة المصرية، الشوارع الضيقة التى تحيط بالجامعة يترك فيها الأساتذة والطلاب عرباتهم، حتى ضاقت بها بعد أن زادت أعداد الطلاب خمس مرات، خلال العشر سنوات الماضية.
تحول ازدحام كوبرى 6 أكتوبر إلى عائق أمام وصول الأساتذة والطلاب فى مواعيد المحاضرات، كما تؤكد سامية محرز أستاذ الأدب العربى. تلافى الحرم الجديد هذه المشاكل حيث يحاط بأماكن لوضع السيارات تمتاز باتساع الطرق فيها، لتترك جميع السيارات فى الخارج. قالت حنان نايل إن "80 % من طلاب الجامعة من المصريين، من بينهم 60% يسكنون فى مصر الجديدة والمعادى وبالتالى فالقطامية ستكون أقرب لهم من التحرير".
وهو ما تؤكده ياسمين التى تسكن مصر الجديدة، وتؤكد أن الوقت الذى تستغرقه فى المواصلات سيقل من ساعة إلى 20 دقيقة، لكن بالنسبة للنسبة الباقية التى تصل إلى 40 %، الذين يسكنون الزمالك أو المهندسين فسيقطعون مسافة طويلة، لذلك فهم أقل حماساً تجاه انتقال الجامعة إلى الحرم الجديد، أما نورا التى تسكن المعادى فتفضل أن تركب المترو إلى مقر الجامعة بالتحرير عن ركوب أتوبيس الجامعة إلى القطامية.
اختلفت الآراء حول الانتقال إلى الحرم الجديد، وإن كان البعض ينظر إلى البعد الأمنى ويرى ضرورة الانتقال إلى مكان مغلق فى الصحراء، لأن المقر القديم للجامعة يقع بالقرب من مجلس الشعب والعديد من الوزارات.
"وقع حادث إرهابى قريب من الجامعة منذ 10 سنوات"، وتذكر فرح التى تدرس فى السنة الثانية فى الجامعة، لكن فؤاد منصور مدير تحرير الأهرام إبدو، ينفى أن يكون السبب الأمنى هو الهدف من نقل الجامعة "تتواجد السفارة الإسرائيلية والأمريكية وسط كثافة سكانية، مما يقلل من إمكانية وقوع أى حوادث لهما" وبالتالى فتواجد الجامعة الأمريكية بالقرب من مجلس الشعب والعديد من الوزارات، يمثل عنصر حماية لها.
كما تؤكد حنان نايل أن"أقسام القانون والتدريب المستمر ستظل موجودة فى وسط البلد ويهمنا أيضا أمنهم وسلامتهم"، لكن إرادة الجامعة فى احتلال مكان بين أفضل جامعات العالم هو الذى دفعها لاتخاذ هذا القرار حتى وإن كان الحرم الجديد لا يحمل أى قدر من الجاذبية للطلاب الأجانب.
عن مجلة "النسيم" التى أصدرها الدبلوم الفرنسى بكلية الإعلام جامعة القاهرة.
الجامعة الأمريكية تشد الرحال إلى وسط الصحراء
الثلاثاء، 01 يوليو 2008 08:29 م