فى خبر فريد من نوعه، فى خبر يطن آذان كثيرة، فى خبر يكون عجينة أمل وخميرة صالحة لخبز يبشر بحياة جديدة، ومستقبل جديد، يطلب رئيس جمهورية لبنان من جميع محبيه ومن كل بلديات المناطق، والفئات المشجعة له أن تنزع كل الصور واليافطات التى تؤهل به وترحب به رئيساً جديداً للبلاد، قمة فى التواضع وقمة فى الغرابة، إنه موقف جديد من نوعه، أسمعه لأول مرة، إنه بيان رئيس عربى، إنه قرار متواضع وملفت، فعلاً يستحق هذا الموقف أن نقف عنده، ونتأمل ونحلل ما هذا القرار الغريب العجيب الصادر عن صاحب سلطة وشأن فى بلد عربى لبنانى ، فى حين نجد أن الرؤساء العرب لو كانت كراسيهم ناطقة للفظت بثقل العنجهية والتكبر اللتين تعانقان دور أصحاب المعالى وسيادة الملوك والخ...
أفتخر بهذا الموقف وأعتز متخذة من ذلك عبرة" خير الكلام ما قلّ ودل"، وعلّ هذا ما يحاول الرئيس سليمان أن يفعله منذ استلامه سدة الرئاسة، لما جاء فى خطاب قسمه من وعود مشرقة وخطط عمل واضحة، يريد أن يسير مسار الشرفاء فى لبنان من جديد، بعد سين وجيم وبعد مشادات ومشاحنات، جاء الرئيس ليثبت موقع الكرسى الرئاسية المارونية من حيث لا ندرى، وجاء بجدول أعمال واضح يطال كل شرائح المجتمع، وكل ما يبعث فى نفوس اللبنانين من طمأنينة، رئيس بلادنا من صنع لبنان، من صنع قرار التحالف، جاء دون أن يرث الكرسى الرئاسية عن أب أو جد أو عم أو خال، ها هو الرئيس سليمان ينطلق من مجهوده الشخصى من كيانه المثابر، من إصراره وحكمته، ليعود قصر بعبدا ممتلئاً بالزوار من صحافيين ومسؤولين ونواب وأصحاب شأن وقرار، وليعود الوطن مثقلاً بآمال لا تتحقق فعلياً إلا بالوقوف جنباً إلى جنب الرئيس سليمان، وتقوية دور الرئاسة فى لبنان من خلال العمل على انتزاع عدوانية التفكير باعتلاء المناصب فقط، فأنا أناشد كل لبنانى أن يتخذ من تواضع الرئيس مثلاً أعلى له، وأن يتخذ من حكمته إشارة لبناء روابط محكمة بين كل الشرائح والطوائف والفئات فى بلدنا.
لقد علمنا فعلياً فى الآونة الأخيرة بعد الكوارث والخسائر الجسدية والاقتصادية والسياحية التى حصلت، وعلمنا الفرق ما بين القصر المهجوروالقصر المسكون! ففى الهجر أشباح الحرب والدمار، فيه الخيانة والغدر، فيه الخوف والاستبداد، فيه الذل والعار، أما فى السكن سلام وعمار، فيه وفاء وصون، فيه راحة و ديمقراطية، فيه الشرف والكرامة.
وما علينا إلا أن نختار، فشتان بين هذا وذاك!
صحفية بيروت
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة