رقصت دينا فى مدرسة "الفرير دى لا سال", وثار نواب مجلس الشعب..وقدموا بلاغات واستجوابات وتساؤلات حول دور وزارة التربية والتعليم، وعناوين تتصدر الصفحات الأولى وصور تنشر لأعضاء مجلس الشعب وهم فى قمة التشنج والانفعال وفقرات ببرامج "التوك شو" تناقش المسئولين عن الجريمة اللاأخلاقية التى جرت فصولها فى قاعات أحد الفنادق المشهورة.. وبعد تأمل وأيام من المتابعة بدا لى المشهد عبثيا بكل تفاصيله, وحقيقة، شعرت بتعاطف شديد مع الفنانة دينا ولا أعرف ما ذنبها فى تلك الهوجة لكى تقوم الدنيا عليها ولا تقعد.
فهى فى النهاية راقصة تقوم بممارسة مهنتها، ببساطة، هى "رقاصة وبترقص" زى ما قال الفنان عادل إمام جملته المشهورة فى مسرحيته شاهد ما شفش حاجة.. طلبت فى حفل وتقاضت أجرها وأدت رقصتها، وبالتأكيد الأمر لا يعنى لها الكثير فيما يتعلق بالمكان الذى رقصت فيه أو الجمهور الذى رقصت أمامه سواء كان من كبار رجال الدولة وطبقة "الهاى كلاس" أو حتى فى فرح بلدى. ولا يعنى ذلك التقليل من دينا لأنها على الأقل رأت أنها ترقص أمام مجموعة من الطلبة ولم ترتد بدلة رقص من بدلها العارية والمشهورة بها.
وعن نفسى أحترم مهنة الرقص الشرقى وأقدر تحية كاريوكا وسامية جمال وكيتى وزينات علوى وسهير زكى ونجوى فؤاد لأنهن ببساطة أمتعونا بفنهن. وأرفض تلك الازدواجية الاجتماعية التى تجعلنا نتباهى باسم الراقصة الأشهر التى ندعوها لأفراحنا ونكيل لها اللعنات بمجرد أن تنصرف، ومن منا لم يسمع جملة تتردد على لسان إحدى الأسر "أنا فرح ابنى رقصت فيه سهير زكى أو دينا".
والمفارقة أن مؤتمر تطوير التعليم ومناقشة أزماته ومشكلة الثانوية العامة لم يأخذ هذا الحجم من الاهتمام والنقاش والسجال من النواب الموقرين، والذين باتوا مشغولين أكثر بقضايا هز الوسط والأمور الفنية، ويبدو أنها المرة الأولى التى يسمعون فيها عن الحفلات المدرسية والتى يشارك فيها بعض المطربات اللاتى لا يكتفين بالغناء فقط.
وفى النهاية دينا أدت مهنتها، فهل يفعل نواب مجلس الشعب نفس الشيء؟ ويحاولون فى الفترة المقبلة أن يملأوا الدنيا صراخا وهتافا ضد الجوع والفقر والأزمات الاقتصادية، ويدعون الراقصات يرقصن، فهن على الأقل لا يمنحن أنفسهن ألقابا بطولية، خصوصا بعد أن أخذ الموضوع أكبر من حجمه. أم أن المسألة يجب أن تتم مثلما قال الكاتب وحيد حامد فى فيلمه "الراقصة والسياسى" على لسان بطلة الفيلم نبيلة عبيد "زى ما بِتْلَعب لسانك أنا بلعب وسطى"، حتى يكتمل المشهد!
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة