"الطويلة تقضى حاجتها والقصيرة تنده جارتها" و"الطول هيبة والقصر خيبة" أمثال شعبية شهيرة تصور قلة حيلة الشخص القصير والنظرة السلبية التى يوجهها له المجتمع.
ضحكة رنانة تسخر من كل شىء حتى من نفسها، سخرية يختبئ وراءها مزيج من المرارة والشعور بالظلم وقسوة المجتمع الذى يذكرها فى كل لحظة أنها غير مرغوب فيها كما لو كانت كائناً غريباً لمجرد أنها من قصار القامة.
تجذبك ضحكتها التى تتشابه مع ضحكة الأطفال إلا أنك سرعان ما تكتشف أن صاحبتها ذات الجسم الصغير ليست مجرد طفلة إنما امرأة فى الخامسة والأربعين من عمرها.
ناهد أبو السعود لم يمنعها قصر قامتها ونظرة المجتمع تجاهها من إكمال تعليمها حتى حصلت على ليسانس الحقوق من جامعة عين شمس. بل ربما كان حافزاً لها لإثبات أن قصر القامة لا يقف عقبة أمام التفوق والحياة العادية.
قررت منذ سنوات بعيدة أن أرتبط برجل من قصار القامة، فأنا لا أسلم من السخرية وأنا وحدى، فما بالك إذا تزوجت من رجل طويل القامة". وقتها ستكون السخرية على أشدها ولو خرجت معه سيقولون "شيل بنتك أو شيل أمك" وربما يخجل من الخروج معى.
وتزوجت بالفعل عام 1992 من خالد الشاذلى ممثل قصير القامة ورزقهما الله بعمرو الذى لم يتجاوز الرابعة بعد وأن كان طوله بدأ يقترب من طول والديه"بيتخانق مع أبوه على الجزمة الكوتشى".
لا تعانى ناهد من أية مشاكل فى تربية ابنها وإن كان يؤلمها الكلمات الموجهة إلى أسرتها أثناء سيرها فى الشارع حيث يطلق عليهم لفظ "الناس الصغيرين" فتحاول أن تشرح لابنها أن هؤلاء الأشخاص غير مهذبين.
كلمات مؤلمة تجرحها وتذكرها بكل ما لاقته فى طفولتها من سخرية واستهزاء "كنت واخدة الدنيا عافية وكنت برد على أى حد يوجه إلى أى إهانة بكلمات مثل "الحق الكورة بتدألج" أو أن يشير إليها أحد الشباب ويقول لزميله "أمك اهيه" كانت ترد عليهم "أجسام بغال وعقول عصافير".
"أحزن بشدة عندما أشاهد الجامعيين يتصرفون بنفس طريقة الجهلاء فدخوله الجامعة وتعليمهم لم يؤثر على نظرتهم للأشياء فهم غير قادرين على احترام اختلاف الآخرين عنهم".
لازالت الكلمات الساخرة تؤثر فيها لكن ليس بنفس الدرجة حتى إن اندهاش الناس لرؤيتها يؤلمها بشدة.
مواقف كثيرة لا يمكن حصرها لأنها مواقف يومية "لو يفكر ثوانى أن الشخص ده خلقة ربنا، ولكن السخرية اللاذعة جعلتها لا تتنازل عن حقها أبداً فتوبخ الشخص الذى يسخر منها وبعدها تنهمر دموعها.
وتتذكر اليوم الذى ذهبت فيه للعمل فى مصنع للملابس وعندما شاهدها صاحب العمل صرح لها أنها لا تصلح أن تكون مشرفة على العاملات لأنها قصيرة القامة فاستفزها حواره فهو لا يعرف شيئاً عن شخصيتها وبنى رأيه على المظهر الخارجى.
لم تفكر ناهد يوماً بالوقوف أمام ساحة القضاء لأن دمعتها قريبة ولن تتحمل أن تسمع كلمة أثناء وقوفها أمام القاضى لذلك فهى تكتفى بإعداد المرافعات.
أما فى البيت فكان وضعها مختلفاً حيث كان الجميع يستشيرها ويأخذ برأيها باعتبارها الأخت الكبرى ووقفت الأسرة وراءها لمساندتها وتشجيعها على إكمال تعليمها.
مشاكل عديدة يواجهها قصار القامة فى حياتهم اليومية بدءاً من الأرصفة المرتفعة والأتوبيسات والميكروباصات التى لا تستطيع الصعود إليها بسهولة كما لا تستطيع أن تصل إلى أزرار المصاعد بسبب قصر قامتها.
وفى حالة حاجتها لاستخدام كبائن التليفون فلابد أن تستعين بشخص تعطيه الرقم الذى تريد طلبه ليعرف كل أسرارها.
ناهد ساهمت فى تأسيس الجمعية المصرية لقصار القامة فى محاولة لمساعدة قصار القامة على تجاوز العديد من المشاكل التى تواجههم.
"لا طولنا طول ولا طولنا قصر" فلا تعتبرهم الحكومة من ذوى الاحتياجات الخاصة ولا تعاملهم باعتبارهم أشخاصاً طبيعيين. فلا يتمتعون بالمميزات التى يتمتع بها ذوى الاحتياجات الخاصة مثل تخصيص نسبة 5% من الوظائف للمعاقين وفى الوقت ذاته لا يقبل أصحاب العمل توظيفهم لقصر قامتهم.وتذكر حالة فتاة تحمل مؤهل بكالوريوس اقتصاد منزلى بتقدير جيد جداً من سنة 1995 ولا تجد حتى اليوم الوظيفة المناسبة.
كما طالبت بتدريب قصار القامة غير حاملى المؤهلات وتعيين ذوى المؤهلات أو توفير مشروعات صغيرة توفر لهم حياة كريمة وتخصيص كارنيه مواصلات لهم. وتطالب بتوفير مقر للجمعية التى تم إشهارها فى وزارة الشئون الاجتماعية منذ 1995 وليس لها مقر حتى اليوم.
ناهد قصيرة ولهلوبة..
أصبحت جامعية وأسست جمعية لـ"قصار القامة"
الأربعاء، 21 مايو 2008 03:12 م