تحولت صحراء "وادى النطرون" المستصلحة إلى ساحة عرض لصراعات الكبار على الأراضى.
الحكومة تراجعت وتركت السلاح والبلطجية يتحكمان فى الأراضى، من يمتلكهما يستطيع وضع يديه على أى مساحة، وبعد هذا تستطيع النقود إضفاء شرعية حقيقية موثقة على ملكية هذه الأراضى.
منطقة "الوادى الفارغ" التى شهدت المذبحة الأخيرة وراح ضحيتها 10 أشخاص وأصيب 300 فى نزاع على 500 فدان هى أسهل المناطق فى عملية الاستصلاح لمرور أحد فروع نهر النيل بها قديماً.
قائمة الكبار الذين يمتلكون مساحات كبيرة من الأراضى بوادى النطرون طويلة على رأسها اللواء عبد الكريم درويش المساعد السابق لوزير الداخلية، فيمتلك 450 فداناً، ومحمد سراج الدين صاحب شركة كيماويات البناء الحديث ويمتلك ألف فدان، وجهاز أمن الدولة يمتلك مساحة غير محدودة، وخصص فيها من 20 إلى 40 فداناً لكل ضابط، وهناك عضو مجلس شعب "وطنى" حصل على 100 فدان بالكيلو 96 طريق مصر إسكندرية الصحراوى، أنهى إجراءاتها باسم نجل فاروق التلاوى محافظ الفيوم السابق وبعدها استولى على 500 فدان أخرى من المحافظة، وبعدها قام أشقاؤه مع مجموعة من البلطجية بعمل غارة مسلحة على أرض مهندس يدعى "طارق حمودة" بمساحة 170 فداناً وتمكنوا من الاستيلاء عليها، وجاءت شرطة النجدة بعد 5 ساعات من استيلاء شقيق عضو مجلس الشعب على الأرض، وتعامل الأمن مع الموقف بطريقة "يبقى الوضع على ماهو عليه" وعلى المتضرر اللجوء إلى القضاء، وفوجئ صاحب الأرض بأن محضر السطو تم حفظه، رغم تحريز طلقات أعيرة نارية، ولم يتم طرد عضو مجلس الشعب وأشقائه إلا بعد عامين من الواقعة، بعد صدور أحكام قضائية بطردهم.
"أحمد قورة" عضو مجلس الشعب استطاع فى العام الماضى أن يقوم بترحيل الطريق العمومى مسافة 2 كيلو متر حتى يمر داخل أرضه فيرفع سعرها، كما قام أشقاؤه بالاستيلاء على مساحات أخرى فى أراضى "بنى سلامة الوادى" وطردوا أصحابها بالسلاح والبلطجية وبعد ضغوط ومساومات تمت كتابة عقود اتفاق عرفية بين الطرفين تبين أنها مجرد مسكنات وظل الوضع على ما هو عليه.
ملك النطرون
أكثر ملوك وادى النطرون شهرة فى الاستحواذ على أراضى وادى النطرون السيد "على ورور" رئيس مجلس إدارة شركة "ريكو" والذى يستحوذ على مساحة 80% من الوادى الفارغ أى حوالى 5 آلاف فدان ويقوم بتقسيم هذه المساحات وبيعها لرجال أعمال عرب وأجانب بمبالغ ضخمة.
مجمع الأديرة فى وادى النطرون يحتل مساحة 10 آلاف فدان، ويضم دير الأنبا بيشوى، والأنبا مقار، ودير السريان، ودير البراموس، وقد شهد الوادى صراعاً بين دير الأنبا بيشوى ومؤسسة الأهرام على مساحة 500 فدان ولم تحسم قضيتها حتى الآن، حيث تحاول "الأهرام" الحصول على الأرض لتقسيمها بواقع من 5 إلى 10 أفدنة لكل صحفى أو موظف لديها.
الدكتورة إكرام مديرة معهد الأحياء المائية تمتلك40 فداناً اشترتها من المحافظة، وفوجئت منذ 5 أعوام بأحد البلطجية يستولى على 8 أفدنة من أرضها بقوة السلاح، وحصلت على أحكام قضائية لاستردادها ولكن دون فائدة، وكذلك "محمد قدورة" صاحب سلسلة مطاعم "قدورة" يستحوذ على 100 فدان، وجمعية مهندسى الغربية تستحوذ على 2700 فدان باعتها لإحدى شركات الأراضى وجامعة المنوفية لها 3 آلاف فدان، وحسين عثمان صاحب مزارع دينا له 90 ألف فدان، جزء كبير منها فى الوادى الفارغ، وسعيد عبد الرءوف صاحب شركة "المروة" لمزارع الفاكهة له 400 فدان، وعبد الله سعد صاحب الريف الأوروبى 2000 فدان خصصت له فى عهد يوسف والى، وقامت شركة رجيوا بالاستيلاء على 300 فدان منها وباعتها، وهناك اللواء محمد أحمد نجم 35 فداناً، وماهر الجندى 15 فداناً، وعاطف أبواليزيد أباظة 20 فداناً، والمهندس محمود على 80 فداناً، والدكتور فكرى بشارة 60 فداناً، والمهندس جويد النقيب 60 فداناً، والسيد القيعى 100 فدان، والدكتور جلال كاظم 40 فداناً، وعلى عبد اللطيف رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة الأفق للاستثمارات يملك 300 فدان بالوادى الفارغ. 257 فداناً أخرى عليها نزاع بين شخص يدعى "طاهر عبد اللطيف" وشركة غبور للسيارات.
أساس ملكية أراضى وادى النطرون موزعة بين جهتين فقط هما: الهيئة العامة لمشروعات التعمير والتنمية الزراعية والمحافظة وتستحوذ على 40 كيلو متراً بطول الطريق الصحراوى وبعمق 20 كيلو متراً أما باقى المساحة فتخص الهيئة، وأسعار الأراضى تتراوح بين 500 جنيه للفدان و400 ألف جنيه للفدان وتبلغ المساحة الكلية لوادى النطرون 1230 كيلومتراً مربعاً، وزراعة البساتين تنتشر فى المنطقة نظراً لتناسبها مع التربة والمناخ المحيط، ويتحكم موقع الأرض فى سعر الفدان، لكن طقوس شراء الأرض لا تقف عند حد مخاطبة الجهات الحكومية، فالأمر يتطلب اتباع طقوس خاصة ترتبط بالعائلات البدوية التى سيطرت على هذه الأرض منذ عدة عقود وهى عائلات الزموط، وفالح، والسويسى، والشيخ، فلابد من اللجوء إليهم لدفع مقابل وضع اليد على أى مساحة أرض، بعدها يلجأ المشترى إلى الجهات الحكومية، كما يجب تعيين خفراء على الأرض من هذه العائلات لمنع الاستيلاء عليها، والبحث عن مزارعين من داخل وادى النطرون أمر صعب للغاية فمعظم الأهالى بالقرى إما يعملون فى سمسرة الأراضى أو فى الاستيلاء عليها وبيعها أو فى سوق البلطجة.
الأمن تلاشى
أحد أصحاب المزارع أكد وجود انتشار أمنى حقيقى فى منتصف التسعينيات، كما كانت الدوريات الأمنية مستمرة، وبدأ هذا التواجد يتلاشى حتى انعدم تماماً، مما فتح الباب لسيطرة البلطجية وعصابات الأراضى على المنطقة، بالإضافة إلى تواطؤ بعض رجال الأمن مع البلطجية أو عصابات الأراضى.
وقال صاحب الأرض إن مركز شرطة وادى النطرون يقع بالقرب من الريست هاوس على الطريق الصحراوى ولا توجد أى نقط شرطة أخرى سوى نقطة شرطة بقرية الإمام مالك، وكثيراً ما طالبنا بإنشاء نقط شرطة ولكن دون جدوى، كما اشتهر بعض ضباط مباحث البحيرة بتورطهم فى وقائع الاستيلاء على الأراضى بمعرفة البلطجية، فمنذ عدة أشهر قام بعض البلطجية بتصفية مفتش مباحث عندما رأوه يستقل سيارة أحد المتنازعين على مساحة أرض بالوادى الفارغ فأمطروه بالرصاص، وبعدها تبين تواطؤه مع أحد طرفى النزاع وعثر بداخل درج مكتبه على مبلغ مائة ألف جنيه تبين من التحريات أنه حصل عليها مقابل تمكين هذا الطرف من الأرض التى قُتل عليها.
بعض أصحاب المزارع ألقوا مسئولية الاستيلاء على أراضى وادى النطرون على وزير الزراعة السابق أحمد الليثى عضو مجلس الشعب عن الوادى، والذى أصدر قراراً بوقف تمليك وبيع الأراضى بنظام المزاد العلنى وقالوا إنه لم يصدر قرار تمليك منذ عام 98 حتى الآن رغم أن عثمان عسل محافظ البحيرة السابق أصدر قراراً بتمليك الأراضى التى استصلحها أفراد، وأقر عملية البيع لواضعى اليد بأسعار تتوافق مع تاريخ بدء استصلاحهم الأراضى، إلا أن الموظفين بديوان المحافظة أخفوا تلك القرارات حتى لا تتعطل مصالحهم، كما صدر القانون رقم 148 لسنة 2006 لتعديل القانون رقم 86 لسنة 98 بإضافة مادة جديدة برقم 31 مكرر بأنه يجوز التصرف فى العقارات والتراخيص بالانتفاع ببيعها أو استغلالها بطريق الاتفاق المباشر لواضعى اليد عليها لمن قام بالبناء عليها أو استصلاحها أو زراعتها من صغار المزارعين بحد أقصى 100 فدان فى الأراضى الصحراوية والمستصلحة و 10 أفدنة فى الأراضى القديمة، وهذا القانون يلغى القرار الذى أصدره أحمد الليثى، ورغم ذلك لم يتم تفعيله.
سوق البلطجة
سوق المأجورين والبلطجية ومافيا الأراضى فى وادى النطرون أكثر رواجاً من سوق المزارعين وعمال الاستصلاح، ومجرد امتلاك الفرد هناك بندقية آلية يجعل دخله يقفز فوراً إلى 5 آلاف جنيه شهرياً، ويمكن أن يزيد حسب موقع ومساحة الأراضى التى سيشارك فى الاستيلاء عليها أو حراستها لأحد رجال عصابات الأراضى.
ومن أشهر القرى المكتظة بالمأجورين والبلطجية قرية "أبو الخاو" وتعتبر أكبر معقل لإفراز رجال عصابات الأراضى، ويتراوح أجر الفرد منهم بين ألفين و 5 آلاف جنيه شهرياً وأحياناً أسبوعياً، يحصل عليها من يريد الاستيلاء على الأرض بمنتهى السهولة بمجرد إعلان رغبته واستعداده للدفع، والأراضى التى يتم الاستعانة بهم للاستيلاء عليها غالباً ما تكون مجهزة بجميع الخدمات وفى مواقع متميزة، وأغلب هؤلاء المأجورين مسجلون خطر، وتوفر لهم العصابات كل وسائل المعيشة المناسبة لهم من طعام وشراب ومخدرات وخمور لتسهيل استيلائهم على الأراضى، ومن أشهر القرى الأخرى قرية "بنى سلامة الوادى" ومركز بدر، وقرية وردان بمركز إمبابة، ومركز العامرية بالإسكندرية.
ويعد وادى النطرون أحد مراكز محافظة البحيرة، اكتسب اسمه من بحيرات ملح النطرون المنتشرة فيه وعددها 8 بحيرات، وهو حالياً من أهم المراكز فى مصر فى استصلاح الأراضى، وتقوم الزراعة به على المياه الجوفية من الآبار ومن قرى نيكلا، والفلاحين، والكفر، وعزبة مرقص، ومنية بيشوى، ومنية شنودة، وتبلغ مساحته 1230 كيلو متراً مربعاً هى مساحة وادى النطرون وعدد سكانها أكثر من 17 ألف نسمة كما تبلغ نسمة أمية ما فوق سن 15 عام 41% .
بلطجة ووضع يد
صراع الحيتان على أرض وادى النطرون
الإثنين، 10 مارس 2008 08:54 م
أحمد الليثي وزير الزراعة الاسبق في معرض صحاري العام
اضف تعليق
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة
عدد الردود 0
بواسطة:
مهند خليل
صراع الهيئة والمحافظة بوادي النطرون
عدد الردود 0
بواسطة:
حسني عبد التواب
وادي النطرون صورة مصغره للفساد في مصر