عندما ظهرت هيلارى كلينتون على قاعة مسرح مانهاتن عشية يوم الثلاثاء الكبير، لم تكن وحدها، بل كان زوجها الرئيس الأمريكى السابق بيل كلينتون وابنتهما شلسيا يحيطان بها. ولم يكن بيل، بدوره المعروف والمثير للجدل فى الحملة الانتخابية لزوجته، هو الذى جذب الأنظار، بل ابنتهما شلسيا التى تألقت فى ثوب من تصميم كوكو شانيل، لتبدو للعالم وقد شبت عن الطوق وأصبحت امرأة ناضجة.
وإذا كانت هيلارى هى ملئ السمع والبصر، بانضمامها إلى عضوية الكونجرس مرتين عن ولاية نيويورك، وترشيحها فى انتخابات الرئاسة، فإن قصة شلسيا لم تكن أقل إبهاراً، فهى من المرجح أن تكون أول فتاة تدخل البيت الأبيض مرتين كابنة للرئيس الأمريكى. فهل هى سعيدة بذلك؟
الواقع أنه ليس كل ذكرياتها فى البيت الأبيض سعيدة، فعلى الرغم من كل جهود والديها لحمايتها من الأضواء، إلا أنها كانت موضع سخرية أجهزة الإعلام والدوائر السياسية فى واشنطن عندما كانت فتاة صغيرة فى طور المراهقة. أما الآن، فتبلغ شلسيا 27عاماً، وتسكن فى ضاحية جرامرسى بارك بنيويورك، وتحيط بها كتيبة من الأصدقاء المقربين، وترتبط بصديق يقال إنه سوف يتزوجها قريباً، وهى تعمل فى شركة للصناديق المالية، وتحصل على راتب كبير، ولذا فإنها على الأرجح لن تعود إلى البيت الأبيض فى حال فوز هيلارى فى الانتخابات، إذ أعلنت أنها لا تريد العودة لتعيش مع والديها.
ومن المعروف أن شلسيا ترتبط بأمها التى ورثت عنها الكثير من ملامح شخصيتها، كما أنها وثيقة الصلة بحملتها الانتخابية التى تنشط فيها بعد أن حصلت على إجازة من وظيفتها لهذا الغرض، فهى تخاطب الشباب من طلاب الجامعات لحشد تأييدهم لهيلارى، وتدعو إلى إنهاء عهد الجمهوريين، وتستخدم تليفونها المحمول للاتصال بمختلف الشخصيات التى يمكن أن تكون داعمة لحملة أمها.
والواقع أن الدور غير المعلن الذى تقوم به شلسيا فى الحملة الانتخابية، ينصب نحو توجيه أفراد جيلها المنتمين للحزب الديمقراطى لتأييد هيلارى. وهى مهمة ليست باليسيرة، نظراً للتأييد الكبير الذى يحظى به أوباما بين الشباب، حتى أن بعض أصدقائها الحميمين فى مانهاتن صوتوا لأوباما يوم الثلاثاء الكبير، وقد هددت إدارة الحملة الانتخابية لهيلارى بمقاطعة المناظرة التى سوف تستضيفها قناة "MSNBC"، وذلك بعد تعليق لأحد مراسلى القناة شبه فيه أفراد الحملة الانتخابية لهيلارى "بالقوادين" الذين يستغلون الابنة لإنجاح الأم، غير أن شلسيا، التى أصبحت الآن شخصية عامة، تصر على موقفها بتجنب أجهزة الإعلام، وهو التوجه الذى تمسكت به منذ أيام وجودها فى البيت الأبيض.
وعندما عمل والداها بنصيحة جاكلين كيندى بإبعاد الإعلام عن ابنتهما، خاصة وأنها كانت صغيرة السن تمر بأطوار النمو ومعرضة لتعليقات ساخرة، كان أسوأ ما قاله عنها جون ماكين، عندما كان عضواً فى الكونجرس (وهو الآن المرشح الجمهورى فى انتخابات الرئاسة)، إنه وصفها بالقبح، لأنها تبدو وكأنها "ابنة جانيت رينو"، ورينو هى المدعى العام فى عهد كلينتون، وعلى الرغم من أن كل أجهزة الإعلام الأمريكية تكتمت على هذه النكتة السخيفة، إلا أنها تسربت فى النهاية. ولعل شلسيا تسعى للانتقام من ماكين بفوز أمها عليه فى انتخابات الرئاسة الحالية. وحتى بعد تجاوزها مرحلة المراهقة ودخولها جامعة ستانفورد لتدرس التاريخ بعد أن تركت الطب، ظلت شلسيا فى منأى عن فضول الصحفيين، إلى حد فصل طالبة فى قسم الصحافة من صحيفة الجامعة، بسبب أنها تجاسرت وكتبت عنها مقالاً فى الصحيفة. وهكذا ابتعدت عنها الصحافة ولم تقترب منها، حتى بعد أن التحقت بجامعة أوكسفورد فى منحة لمدة سنة لدراسة العلاقات الدولية.
والآن، ترد شلسيا الجميل إلى والديها، فقد أشارت على والدها بأن يخفف من هجومه على باراك أوباما، وكانت قد فعلت نفس الشيء فى تلك الأيام القاسية التى حملت رياحاً مضادة هددت أسرة كلينتون بعد فضيحة مونيكا لونيسكى. ومن الصور التى لن ينساها الأمريكيون، تلك اللقطة التى جمعت بيل وهيلارى وبينهما شلسيا مبتسمة بثقة، وتظهر فى فمها مشابك أسنانها، لتؤكد أن الأسرة الأولى فى أمريكا سوف تصمد للصاعقة. فى ذلك اليوم كبرت شلسيا عن سنين عمرها الحقيقية، وردت لأبويها الحب والحماية اللذين أحاطاها بهما، وهاهى الآن تقف إلى جانب الأم فى الساعات الحرجة التى قد يتحقق فيها حلم صعودها إلى الرئاسة أو ينهار.
