هل لأنه إمام الوسطية، ننكر عليه حقه فى الوقوع فى الغرام؟ وهل لأنه رئيس المجلس الأوروبى للإفتاء يصبح العشق خطيئته الكبرى؟ وهل لأنه أعلم أهل الأرض بعلوم الفقه نُحرِّم عليه أن يدق قلبه أو يهفو فؤاده؟ أزعجتنى للغاية تلك الحملة الإعلامية التى تعرض لها شيخنا الجليل د. يوسف القرضاوى، وكل ذنبه أن الرجل روى فيما يشبه المذكرات قصة زواجه مؤخراً، وحكى بالتفصيل عن نيران الهوى التى اشتعلت فى قلبه، وكيف هام حباً بالسيدة التى سرعان ما أصبحت زوجته!
الحق أقول أن تلك الحملة أقل ما توصف به أنها "مقرفة" ورخيصة، فأنت لا تحتاج إلى أن تكون عضواً فى جماعة إسلامية أو متديناً لكى تنفر من عبارة "عودة الشيخ إلى صباه" التى خرجت بها إحدى المجلات الأسبوعية فى مانشيت مبتذل مع صورة للشيخ الجليل.
ولا أعرف حقاً ما السبب وراء كل هذه الأقلام المسمومة التى راحت تنهش فى سيرة العالم المهيب الذى بات رمزاً للاعتدال، والصوت العاقل وسط جموح حركات الإسلام السياسى.
وبد واضحاً أن المتربصين بالشيخ – وقد هالتنى كثرتهم – وجدوا فى قصة زواجه، وما رواه عن وقوعه فى الحب، فرصة سانحة للطعن فى مصداقيته، وإذا كان العداء لجماعة الإخوان قد يبدو مفهوماً، فمن الصفاقة أن يأكل البعض لحم الشيخ ميتاً باعتباره محسوباً على الإخوان، أو الأب الروحى لهم! كما أنه من الغباء السياسى، أن يتحول الأمر إلى "تصفية حسابات" بين الشيخ وبين من خالفوه الرأى فى آرائه حول "المد الشيعى" الذى يهدد "السنة"!
القرضاوى لم يقترف جريمة، ولم يرتكب إثماً، فالرجل بشر، وليس ملاكاً، ولا يعيبه أن يستشهد ببيت أحمد شوقى:
"يا لائمى فى هواه والهوى قدر ..
لو شفك الوجد لم تعزل ولم تلم!"
وكما لا يعيبه أن يقول: "لا يعرف الشوق إلا من يكابره"
ولن أقول أنه رمز، فقد أصبحت "الرموز" كلمة سيئة السمعة، وكما أننى لن أنزهه عن النقد، ولا أراه ظاهرة مقدسة، ولكن ببساطة شديدة هناك شىء اسمه الذوق والأدب!
والغريب أن السادة الذين يدركون تاريخ القرضاوى بقذائف الشتائم يصنفون أنفسهم فى خانة "العلمانيين" و "الليبراليين" وطالما نادوا بعدم تقديس الأسماء أو عبادة الرموز أو تقديس الأشخاص، فلماذا حين يهبط شيخ مثل القرضاوى من سماوات الملائكة المفتعلة إلى أرض الطبيعة البشرية، يكون موقف "الليبراليين إياهم" الشتيمة والسخرية والتجريح الشخصى؟
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة