تتعرض زراعة القطن المصرى لأزمات متوالية، كان آخرها ما أثير حول أن 80% من إجمالى المحصول لا تجد من يشتريها، بسبب عدم تحديد سعر الضمان أو السعر المحلى الذى يبيع به الفلاح. هذا على الرغم من أهمية القطن المصرى الذى لا يرجع إلى كونه مصدرا من مصادر الدخل القومى فحسب، بل لأنه من أجود أصناف القطن عالمياً. اليوم السابع رصد أزمة القطن المصرى والتى حدثنا عنها باستفاضة عريان نصيف مستشار اتحاد الفلاحين تحت التأسيس.
انهيار الزراعة و نتائجها
بدأ نصيف كلامه بسرد بعض الإحصائيات التى تدل على الأزمة، فأشار إلى تدهور المساحة المنزرعة بالقطن والتى انحدرت من 2 مليون فدان فى الخمسينيات والستينيات إلى 300 ألف فدان فى الموسم الأخير. وأضاف أن هذا تبعه تدهور فى نسب الإنتاج المصرى من الإنتاج العالمى على مدى الأعوام حتى وصل إلى 0.05% فقط من الناتج العالمى خلال الموسم الحالى, وأضاف نصيف أن هذا التدهور أثر على صناعة الغزل والنسيج المصرى التى أصبحت لا تستوعب أكثر من 90 ألف عامل، بعد أن كانت تستوعب فى الثمانينيات أكثر من 275 ألف عامل.
وعزى نصيف تدهور إنتاج القطن المصرى من حيث المساحة والترتيب العالمى إلى تصفية الحركة التعاونية الزراعية التى كانت تدعم الفلاح عن طريق القروض ومستلزمات الزراعة، ليصبح الآن فريسة لنهب التجار والسوق السوداء وبنك التنمية والائتمان الزراعى، وقارن نصيف بين هذه الأوضاع وأوضاع الفلاحين فى الولايات المتحدة وأوروبا، الذين يحظون بدعم حكومات دولهم. وأضاف نصيف أن هذا الوضع المتدهور يواجه أيضاً صناعة الغزل والنسيج.
وعن أسباب تراجع القطن المصرى وعدم الإقبال على شرائه عالمياً، يرى الدكتور حمدى سالم أستاذ الاقتصاد الزراعى أن طلبات السوق قد تغيرت لارتفاع أسعار القطن المصرى مقارنة بالأسعار العالمية فى الدول الأخرى. وأن الإقبال قل على الإنتاج المصرى للقطن طويل التيلة، مقارنة بالقطن قصير ومتوسط التيلة الذى تفضله المصانع العالمية، وتستورده المصانع المحلية أيضاً من دول كالهند بأسعار أرخص ويقومون بإضافة نسبة قليلة من القطن طويل التيلة كبهارات فى عملية الصناعة.
وأكد سالم أن سيطرة "الفيبا" الأمريكية على الأسواق العالمية أدى إلى تراجع عملية الشراء على القطن المصرى، حيث تعطى "الفيبا" الأمريكية نفس مواصفات القطن المصرى طويل التيلة، ولكن بسعر أرخص. وأضاف أيضاً أن المزارع المصرى أصبح يفضل زراعة محاصيل أخرى أكثر ربحية فى المواسم الصيفية، مثل الأرز ولذلك فإن نسبة مزارعى القطن فى مصر أصبحت فى تراجع .
وشدد محمد القليوبى رئيس غرفة الصناعات على ضرورة تحديد سعر القطن، لأن ما حددته الحكومة من سعر تأشيرى سيجعل الفلاح يقلع عن زراعة القطن المصرى وسيدمر صناعة النسيج المصرية وكل الصناعات المبنية على زراعة القطن، وأشار إلى أن السوق المصرى يستورد كمية من القطن، على الرغم من وجود القطن المصرى ذى الجودة العالية، وأن الحل فى دعم السعر من ثم تحديده للبقاء على أهم السلع الإستراتيجية الهامة.
ويقول الدكتور محمد عبد السلام، رئيس جمعية القطن المصرى، إن العملية تحتاج إلى إعادة تقييم ويجب النظر فيها من الألف إلى الياء، وحمل عبد السلام الأزمة الحالية للقطن المصرى على الحكومة المصرية، وأضاف أن الأزمة المالية العالمية بريئة من القطن، واستطرد قائلاً إنه يوجد قصور فى سياسة التسويق تفاقمت فى السنوات الخمس الأخيرة.
واتهم الدكتور عبد السلام الحكومة المصرية بالتخلى عن حماية الفلاح .وعن مستقبل الصناعات النسيجية، أشار الدكتور عبد السلام إلى أن الحكومة المصرية جعلت القائمين على هذه الصناعات يعتمدون اعتماداً أساسياً على القطن المصدر الأقل فى السعر والجودة، وأضاف بأنها أضاعت فرص الاستفادة من الميزة الأساسية للقطن المصرى، مما سيدمر إنتاج القطن مستقبلاً.
انخفاض السعر وتراجع المزروع.. سببان وراء انهيار القطن المصرى
الثلاثاء، 23 ديسمبر 2008 04:12 م