القارئ أحمد خيرى يكتب: مين..يتجوز سوسن..؟

الثلاثاء، 23 ديسمبر 2008 09:01 م
القارئ أحمد خيرى يكتب: مين..يتجوز سوسن..؟

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
سؤال يشغل بالى ومحيرنى وما خلانيش أنام، وأصبح أنشودة كل صباح على لسان زوجتى أم سوسن.. كانت سوسن زهرة وحلما لأى أم، تملأ البيت ضحكات وحركات بضفائرها ورشاقتها مثل الفراشة. تأوى إلى غرفتها من الثامنة مساء، ولا تسمع لها حس، تذاكر دروسها على موسيقى هادئة وتتجول فى البيت مثل النمل الفارسى أثناء بحثه عن السكر الذى نجحت زوجتى فى إخفاءه مع مصوغاتها الذهبية خوفا عليه من النمل.

كبرت سوسو وأصبحت شابة وكانت تذهب معنا إلى النادى، وفكرت زوجتى فى إشغال وقت سوسو بانضمامها إلى أى نشاط صيفى فى النادى بدون تدخل لإجبارها على الاختيار، واختارت سوسو نشاطا جديدا فى النادى وانتشر حديثا فى مصر، وشجعتها زوجتى بقوة، وسكت الباشا حفاظا على الديمقراطية والأغلبية ومهلبية قاسم أمين.

اختارت سوسو أن تنضم لفريق كرة القدم النسائية، واجتازت الاختبارات وتفوقت وأثبتت وجودها فى الفريق، وحققت انتصارات وبطولات على مستوى الأندية، وأصبحت كابتن الفريق، وأصبح الباشا أبو الكابتن سوسو ووكيل أعماله، أذهب معها للتدريب وأذهب معها للمباريات فى مدن ومحافظات الوجهين، ولم يصبح لدى رصيد إجازات ولا اعتيادى ولا مرضى ولا طارئ ولا سنوى، والمرتب أصبح هزيل أصابته البلاجرا، حتى بعد الزيادة والعلاوة التى راحت هدرا لشراء المزيد من الملابس الرياضية والأغذية والخضروات الطازجة للحفاظ على صحة الكابتن سوسو، وأصبحت زبونا معروفا لدى محطات البنزين بعدما كنت أذهب مرة فى الأسبوع، أصبحت ثلاثة وأربعة حسب مكان المباريات وسخونة الدورى، ثم أدمنت التزويغ من العمل، وانكمش المرتب بعد الخصومات، وزوجتى مازالت تشجع سوسن على الاستمرار أملا فى أن تصبح نجمة مشهورة ولاعبة محترفة تتخاطفها الأندية بالملايين، ويعم الخير وإشارتنا تبقى خضرا وحياتنا تبقى بمبى مسخسخ، وكلما شكوت للمدام عن نقص الرصيد، ترد بثقة "ياباشا اعتبر بتستثمر فلوسك فى بنتك.. ياباشا استبشر خير، بكرة تدوق وتعرف العز".

وبينى وبين نفسى ولا عاوز أدوق العز، ولا حتى عاوز أعرفه، ده تقريبا كل مصر بتدعى عليه، ومرت الأيام وأهى غلطة ومش هتعود يا"ثومه" أقصد يامدام. واشتهرت سوسو فى المنطقة بأنها لاعبة تجيد التصويب والتسديد من بعيد، وتحرز أهدافا صعبة وزاد تمسك النادى بها وزاد تشجيع المدام لها، والباشا زاد الضغط عنده وجاله السكر من الكلام اللى بسمعه من الجمهور أثناء المباريات، وحسب الحالة المزاجية للجمهور أحيانا أسمع هتافات تسعد وتنشرح لها المدام زى "...سوسو ياسوسو يامعلم..خلى الشبكة تتكلم.. وزى سوسو ياسوسو يامدرسة... لعب وفن وهندسة" وأحيانا كثيرة أسمع هتافات ترفع الضغط وتجعلك تلعن اليوم اللى وافقت فيه على الديمقراطية الفالصو والمساواة المستوردة وتجعلك تدعى من قلبك على قاسم أمين.. هتافات زى "ياسوسو روح...أمك اتصلحت... وزى العبيطة أهيه..." وتشعر أن المدرجات كلها تنظر إليك، وبدورى أنظر إلى المدام، فهى أم العبيطة وصاحبة الفكرة، وعند الرجوع للبيت تقابلك نظرات أهالى المنطقة وتعليقاتهم.. "ياباشا بنتك كده... بنتك رجلها حلوه.. عارفه طريق الجون".. وأحيانا تسمع دعوات "الله يخرب بيتك الدورى راح مننا" كل ده على أعصابى وأصبحت مدمن كركديه علشان أدوية الضغط سعرها نار ومش متوفرة، مع إن الناس كلها ماعندهاش سوسو، بس عندها ضغط من أى حاجة من سعر الحديد أو من البطالة أو من طابور العيش أو من التلفزيون أو من القوانين المسلوقة أو من أكاذيب وبلح الجرايد الحكومية أو من الزحمة أو من التلفزيون والمذيعين أو من الثانوية أو من الضريبة العقارية، المهم أى ضغط وأى سكر.. جلست واضعا يدى على خدى أسترجع أيام سوسو أم فيونكة على شعرها وضفيرة على ظهرها، وكتب المدرسة على صدرها، وكان أملى وحلمى أنا وأمها يوم فرحها فى الكوشة قاعدين جنبها، ودلوقتى سوسن عندها سبعة وعشرين سنة، ولم يتقدم لها أحد لأنها لاعبة كرة، والباشا فقد وظيفته بسبب التغيب المستمر، والمدام ضاعت أحلامها بالحصول على الملايين من أفكارها، وبنتى سوسو ضاع مستقبلها واعتزلت النادى وانضمت لجمعية عوانس المطالبين بالمساواة وتقليد الغرب... وأخيرا كانت عندى شقة أقوم بتأجيرها فى الصيف، وكان عليها يافطة مكتوب عليها شقة للإيجار من بكره هغيرها واللى اختشوا ماتوا، وأكتب على اليافطة بخط عريض. "مين.. يتجوز سوسن....؟





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة