عقدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، مؤتمرا صحفيا اليوم، الأربعاء، أعلنت خلاله عن دراسة بعنوان "مشروع قانون الصحة النفسية: خطوة أولى على الطريق الصحيح"، أكدت فيها على أن مشروع القانون الجديد الذى تقدمت به الحكومة المصرية إلى البرلمان خلال شهر نوفمبر الجارى، يمثل نقلة نوعية فى حماية حقوق الأفراد المصابين باضطرابات نفسية. وشددت المبادرة المصرية فى الوقت ذاته على أن القانون الجديد سيمثل فى حالة إقراره، خطوة إيجابية كبيرة لا بد أن تتبعها خطوات أخرى من أجل تعزيز وحماية الحق فى الصحة النفسية.
وبينما طالبت الدراسة ـ التى أصدرها برنامج الصحة وحقوق الإنسان، بالمبادرة المصرية فى مؤتمر صحفى اليوم، الأربعاء ـ أعضاء مجلس الشعب بتأييد وإقرار مشروع قانون الصحة النفسية الجديد، فقد تضمنت أيضاً عدداً من المقترحات التفصيلية الرامية إلى جعل القانون أكثر توافقاً مع الالتزامات القانونية الواقعة على الحكومة بشأن ضمان أعلى مستوى ممكن من الصحة النفسية والعقلية.
وقالت الدكتورة راجية الجرزاوى، محررة الدراسة ومسئولة ملف الصحة والتمييز بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية: "لم يعد من المنطقى أو الإنسانى أن يستمر تطبيق القانون الحالى المتعلق بالمرضى النفسيين، والذى تم وضعه منذ أكثر من ستين عاما تغيرت خلالها مفاهيم الصحة النفسية وأساليب العلاج والمعايير المهنية والحقوقية المتصلة بها."
وقد قامت الأمانة العامة للصحة النفسية بوزارة الصحة والسكان بصياغة مشروع القانون الجديد بمشاركة عدد من أساتذة الطب النفسى والقانونيين والحقوقيين، وذلك بغرض إقراره ليحل محل القانون الحالى رقم 141 لسنة 1944 والذى يحمل اسم (قانون حجز المصابين بأمراض عقلية).
من جانبه قال حسام بهجت مدير المبادرة الشخصية، إن مشروع القانون الجديد يدعو إلى الالتزام إلى حد كبير بمجموعة (مبادئ الأمم المتحدة بشأن حماية المصابين بعلل نفسية، وتحسين الرعاية الصحية النفسية)، والتى أقرتها الجمعية العامة للأمم المتحدة بالإجماع فى عام 1991. ويتميز مشروع القانون فى هذا الصدد بتحديد الأحوال التى تجيز الاحتجاز القسرى للمصابين باضطرابات نفسية داخل المصحات، مع وضع آليات للتقييم الدورى للحالة النفسية، وكفلت مراجعة قرار الاحتجاز وحق التظلم منه. كما يؤكد المشروع على حق المريض الذى يمتلك القدرة العقلية فى الموافقة المستنيرة على علاجه، مع تحديد الأحوال والكيفية التى يجوز فيها إخضاع المريض للعلاج الإجبارى.
من جانبها انتقدت الدكتورة عايدة عصمت سيف الدولة، مدير مركز النديم لتأهيل ضحايا التعذيب وأستاذ الطب النفسى بطب عين شمس، افتقار القانون للعديد من المواد الهامة مشيرة إلى وجود أصحاب مصلحة عملوا على تفريغ القانون من محتواه، وأكدت أن مصر بها 800 ألف مريض بالانفصام، من بين كل 80 مريضا تجد 20 فقط قد حصلوا على أى مساعدة طبية ولو بسيطة.
جدير بالذكر أن مشروع القانون الجديد يتضمن قائمة بحقوق المريض النفسى داخل المنشآت، وينص على عقوبات فى حالة مخالفتها. كما يستحدث آليات مؤسسية لضمان المساعدة على تطبيق القانون ومراقبة هذا التطبيق، تتمثل فى إنشاء المجلس القومى للصحة النفسية وفروعه بالمحافظات، فضلاً عن إنشاء لجان لرعاية مصالح وحقوق المرضى داخل منشآت الصحة النفسية.
ومن ناحية أخرى فقد شددت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، على أهمية وجود شبكة من الخدمات المجتمعية اللازمة لتقديم العلاج والرعاية والدعم للأفراد المصابين باضطرابات نفسية، وعلى ضرورة أن ينص القانون على كفالة هذه الخدمات اللازمة لإنجاح التحول إلى أسلوب العلاج والدمج المجتمعى للمرضى النفسيين.
وأضافت الدكتورة راجية الجرزاوي: "أن الانتقال من أسلوب العزل داخل المصحات إلى أسلوب العلاج والدمج المجتمعى، هو أمر حميد أثبت نجاحه فى العديد من الدول، وتوصى به منظمة الصحة العالمية. ولكن هذا الانتقال لا يجب أن يتم بمجرد إفراغ المصحات من المرضى، وإنما بالتنسيق الجيد والعمل التدريجى وبالتوازى مع إنشاء شبكة محكمة من الخدمات المجتمعية التى لا ينص مشروع القانون حالياً على مسئولية الدولة عن كفالتها."
كما انتقدت المبادرة المصرية اقتصار نطاق تطبيق القانون الجديد على المرضى داخل المنشآت النفسية، وطالبت بمد مظلة الحماية القانونية لتشمل الأفراد المصابين باضطرابات نفسية فى أى مكان يمكن أن يتعرضوا فيه لانتهاك حقوقهم الأساسية. وأكدت على ضرورة استكمال ضمانات الحماية القانونية التى لم يتضمنها مشروع القانون فى صياغته النهائية، وخاصة فيما يتعلق ببعض معايير الإدخال الإجبارى إلى منشآت الصحة النفسية، وإجراءات فرض العلاج الإلزامى، ومنع تطبيق أى علاج يسبب آثاراً لا يمكن الرجوع عنها بدون ضمانات حماية كافية، فضلاً عن خلو القانون من الحظر التام على إجراء التعقيم كعلاج لأى اضطراب نفسى. وتضمنت الدراسة أيضاً مقترحات بشأن طبيعة تشكيل مجالس الصحة النفسية، والضمانات الإجرائية المتاحة للمريض أو ممثليه فى التظلم من قرارات الاحتجاز والعلاج، والحماية المكفولة لبعض الفئات الخاصة من المرضى كالأطفال والقاصرين أو المرضى المودعين فى المصحات بناء على قرارات أو أحكام قضائية.
وأكدت المبادرة المصرية للحقوق الشخصية، أن التزام الدولة بكفالة الحق فى الصحة النفسية واحترام حقوق المصابين باضطرابات نفسية، لن يتم الوفاء به بمجرد إقرار القانون الجديد رغم كل مميزاته. فقد تضمنت الدراسة عرضاً لعدد من الدراسات والإحصائيات التى تجمع على أن مصر تعانى من قصور شديد فى خدمات الرعاية الصحية النفسية والموارد المادية والبشرية المخصصة لها، خاصة خارج المدن الكبرى. وشددت المبادرة المصرية فى هذا الصدد على أهمية زيادة المخصصات المالية للصحة النفسية فى مصر، والتى لا تتجاوز نسبتها حالياً 2% من الإنفاق الحكومى على الصحة.
20 % منهم زاروا الطبيب
800 ألف مريض بالانفصام فى مصر
الأربعاء، 26 نوفمبر 2008 10:15 م
مساع حكومية لتقنين أوضاع المرضى النفسيين
لا توجد تعليقات على الخبر
تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة