فى ندوة الإعلام الخاص وإعلام الدولة

يسرى فودة: سقف الحرية المتاح جاء رغم أنف الحكومات

الجمعة، 14 نوفمبر 2008 07:56 م
يسرى فودة: سقف الحرية المتاح جاء رغم أنف الحكومات فودة أكد أن الإعلام الغربى بعيد عن سيطرة الحكومات والأنظمة السياسية
متابعة ريمون فرنسيس

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
فى ندوة "الإعلام الخاص وإعلام الدولة.. المشاهد بين شاشتين"، دارت مناقشة ساخنة حول تعظم دور الإعلام الخاص أمام تراجع دور إعلام الدولة، فهل العلاقة تحولت إلى صراع على المشاهد، أم أن الطرفين يحتاجان إلى التكامل؟

شارك فى الندوة كل من الكاتب الصحفى عادل درويش المحرر السياسى لصحيفة الـ "ديلى ميل"، والإعلامى حافظ المرازى نائب رئيس قناة الحياة، ونخلة الحاج مدير الأخبار بقناة العربية، ويسرى فودة الإعلامى بقناة الجزيرة، وسعد العجمى وزير الإعلام الكويتى الأسبق، والإعلامية الجزائرية فاطمة بن حوحو.

أدار الندوة عبد اللطيف المناوى رئيس قطاع الأخبار المصرى، متحدثا فى البداية عن ظهور الإعلام الخاص بقوة فى الفترة الأخيرة، خاصة وأننا اعتدنا فى السنوات الماضية على "وجود صوت واحد"؛ ولكن مع التطور السياسى والاقتصادى الذى شهدته المنطقة فى العقد الأخير، ظهرت "حالة من الحرية فى الدول العربية، أدت إلى فرض حالة من حالات الانفتاح الإعلامى"؛ مؤكداً أن التعبير الذى يعتبر العالم "قرية صغيرة"، بات واقعاً بالفعل.

وأكد المناوى، أنه باعتبار أن التجربة ليست مصرية.. بل عربية، لذا نفتح الموضوع عربياً من خلال إعلاميين عرب ومصريين لهم خبرات بالخارج.

عادل درويش أكد أن المجتمعات الناطقة باللغة العربية، لم تصل إلى مرحلة التصنيع الكامل سواء فى الصحافة أو التلفزيون، باعتبارها سلعة ينتجها الإعلاميون "ويشتريها المشاهد"، مشيرا أن التكاليف الباهظة لصناعة الإعلام المرئى والمسموع أو المكتوب، ضارباً مثالاً على ذلك بتغطية حرب جورجيا مع روسيا؛ ومن أجل ذلك قال درويش إنه لابد من مساهمة الدولة، لكن مع تحقيق معادلة الاستقلالية. وأضاف أنه نظراً للتغيرات الاقتصادية التى يشهدها العالم الآن، باتت القنوات تقلص من حجم الإنتاج، وتغير من شكله.

وتناول درويش بالتحليل تجربة راديو وتلفزيون الـ BBC، الذى استطاع تحقيق المعادلة الصعبة بين التمويل والحرية الإعلامية.. وهو ما أعطى الشبكة الاستقلالية والقوة التى مكنتها من المعارضة لدرجة أنها كانت تستضيف فى برامجها رجال الدولة والساسة "وتحاكمهم" على نهجهم.. وهو ما جعل تونى بلير-على سبيل المثال- رئيس الوزراء البريطانى السابق، لم يظهر بها سوى مرتين اثنتين فقط، وجعل مارجريت تاتشر لا تظهر بها ولو لمرة واحدة.

كما تناول درويش قضية الحرية والمسئولية، والتوازن و الحيادية؛ وضرب مثالاً على ذلك باستضافة رئيس تحرير صحيفة القدس وإحدى الشخصيات الإسرائيلية (من أجل التوازن)، وعرض وجهتى النظر (لتحقيق الحيادية).

وانتقد درويش تجربة مصر الصحفية، قائلاً إنه رغم وجود عدد كبير من الصحف المعارضة التى تكتب ضد الدولة، إلاّ أن ذلك ليس معناه الحرية الصحفية؛ ففى بريطانيا يتم معاقبة مثل هؤلاء. مضيفا أنه مع هذا الكم الكبير من الصحف المصرية "أتمنى لو نصل إلى مرحلة يوجد فيها ولو صحيفة واحدة تفصل بين مقالات الرأى والأخبار".. لكن ما هو موجود على الساحة الآن إما صحافة ذات طابع حكومى، مثال الأخبار والأهرام أو الجمهورية، أو صحف معارضة ينفق عليها حزب ما مثل الأهالى أو الوفد.. وغيرها من الصحف الحزبية. وأكد درويش أهمية وجود ولو صحيفة واحدة مستقلة عن التبعية فى بلد مثل مصــر.

وتعقيباً على رأى درويش، قال المناوى مدير الندوة، إن ذلك لن يتحقق إلاّ بفصل الإدارة عن التحرير.

حافظ المرازى من جانبه أشار إلى أن المشكلة تكمن فى أن مجتمعاتنا العربية ارتبط لديها مفهوم خاطئ بأن إعلام الدولة هو إعلام الحكومة وهذا غير صحيح، فإن BBC إعلام دولة، لكنه ليس إعلام حكومة، مشيرا أيضا إلى تجربة وليدة فى بيئة عربية كالعراق، تحاول أن تحتذى بنموذج أمريكى، فهى عبارة عن هيئة إعلامية يعينها البرلمان العراقى، وهذا لا يعنى أنها تابعة للحكومة.

وقال إن أى مديح لإعلام الدولة ليس معناه أنه موجه للحكومة، وفى الوقت نفسه لا يمنع هذا الحكومة من أن يكون لها إعلامها مثل الصحيفة الصادرة عن الحزب الوطنى.

كما تطرق إلى نقطة هامة، وهى اقتصاد السوق الذى لا يزال مشوها فى الدول العربية، ولا يصل إلى حده الكامل، فنسبة المساهمة للقطاع الخاص يجب ألا تزيد عن نسبة 10% للمالك ومن يرثه، وهذا غير مطبق فى الواقع، ففى العالم كله لا تزيد هذه النسبة عن 2%، وهذا يحمى من إمكانية إساءة استخدام هذه الملكية.

وأضاف أن قناة الجزيرة لا تعد إعلاما خاصا، فهى بدون الإعانات الحكومية لا تستطيع أن تستمر، موضحا أن الجزء التجارى فى قناة الجزيرة يحاول الاستقلال عن الحكومة ولكن فى النهاية لا توجد فى العالم العربى حتى الآن قنوات إخبارية مستقلة أو خاصة.

وفى المقابل ضرب المثل بتجربة قناة CNN أو FOXNEWS، وهو إعلام أمريكى مستقل ناجح ويحقق كسبا تجاريا، وبالتالى فإنه يمكن للإعلام الإخبارى الخاص والمستقل أن يحقق أرباحا، والدليل على ذلك أنه فى عالمنا العربى تجذب برامج "التوك شو" السياسية الإعلانات، فمن يردد أن الأخبار لا تحقق ربحا مخطئا، حيث يحاول البعض إبعاد الاستقلالية عن القنوات الإخبارية.

وأوضح أن ما نعيشه الآن من استقلالية فى عمليات البث الفضائى بدون أى وسيط، أتاح الفرصة لإنشاء محطات تعتمد على اشتراكات الجمهور، وتبتعد عن الحكومة مع ضمان أن تحقق نجاحا وأرباحا، ولكن للأسف هناك بعض القنوات تحاول أن "تجمع بين الحسنيين" فتأخذ اشتراكات من الجمهور وفى الوقت نفسه تبث لهم الإعلانات وهذا ممنوع فى كثير من دول العالم.

واختتم حديثه أنه من الأخطاء الشائعة استخدام لفظ "شبكة" على مجموعة من القنوات التى تتبع إدارة واحدة، إلا أنه وصف تجربة قنوات MBC بأنها أدق وسيلة إعلامية استخدمت مصطلحا تعريفيا لها، فهى استخدمت لفظ "مجموعة MBC " وهو منطبق عليها بالفعل، وأعرب عن أمله أن يطور الإعلام العربى مفهوم الشبكات من خلال دمج ثلاث أو أربع قنوات رئيسية فى شبكة واحدة كى نحقق ما نطمح إليه.

وتعقيبا على المرازى، تساءل المناوى، هل بالفعل يمكن أن تكون القنوات الإخبارية عملا إعلاميا مربحا؟ وهل يمكن أن تعتمد قناة إخبارية تعتمد على الاشتراكات أو التمويل الخاص دون تدخل الدولة؟.. من المؤكد أن الحكومة جزء من الدولة وليست هى الدولة.

ويرى نخلة الحاج أن معظم مؤسسات الإعلام فى العالم العربى، ليس إعلام دولة وإنما إعلام حكومى، وأن هناك ميزة للإعلام الحكومى على حساب الإعلام الخاص.. وهى التمتع بترددات هوائية خاصة؛ لكن التلفزيون الرقمى لم ينتشر بعد لإتاحة تقنيات تسمح بتجاوز ترددات الـ UHF، فالحكومة تملك وتدفع وتشرع وتراقب، وهذه أوضاع يجب تغييرها.

وأوضح أن هناك حرصاً على تشجيع اقتصاد السوق، لأنه يحرك ويطور الرسالة الإعلامية، ويجعل التلفزيون بعيداً عن الدعاية السياسية للحكومات، وأعتقد أننا قطعنا شوطاً فى هذه الأمور مستفيدين من التشريعات.

ثم طرح الحاج تساؤلاً عن مهام ووظائف وزراء الإعلام العرب فى هذا المجال، متسائلاً عن الشفافية فى الإنفاق على الإعلام الحكومى.

وعلق المناوى بقوله: هل يمكن اعتبار الإعلام الخاص مستقلاً فعلاً، أم وراءه دوافع سياسية، "بمعنى إلى أى مدى يلتزم الإعلام بالشفافية".

وأشار يسرى فودة أن التطور الذى حدث فى مجال الإعلام الإلكترونى حدث قسراً.. رغم أنف الحكومات العربية، وبغض النظر عن الأسباب يعد هذا التطور محاولة للتكيف مع ظروف الواقع فى ظل الأمية المنتشرة فى العالم العربى، وضعف الإقبال على شراء الصحف المطبوعة والكتب، بسبب محدودية القدرة الاقتصادية.

ويرى فودة أنه منذ السبعينيات -عندما تحولت لندن إلى عاصمة للصحافة العربية- بدأت المحطات الفضائية فى الظهور، وازدادت أهمية الإعلام المرئى مع اندلاع حرب الخليج، حيث تابع العالم وقائع الحرب عبر الـ CNN، ومع انتشار الفضائيات أصبح المشاهد العربى يتابع نفس الحدث على عدد من القنوات فى وقت واحد. وقال إنه من الصعب أن توجد صحيفة مستقلة تماماً لأن من يدفع يملك، لذا الاستقلالية التامة "حلم بعيد المنال".

وقال فودة إن الصحفى الآن أكثراً حظاً من ذى قبل، لأن هناك صحفا متعددة ومتنوعة الاتجاهات وهامشا كبيرا من الحرية، وهناك بدائل عديدة من وسائل الإعلام المختلفة بالإضافة إلى تجربة الإعلام الإلكترونى التى لم تنضج بعد، وأنه لا يمكن الحكم الآن على تجربة الإعلام الخاص بمعزل عن الواقع.


وعن تجربة تحرير إعلام الدولة تحدث سعد العجمى وزير الإعلام الكويتى السابق الذى دعا فى عهده إلى إلغاء وزارة الإعلام الكويتية، قائلاً إنه ليس من المعقول الآن احتكار المعلومات وحجبها عن الإعلاميين فى عصر السماوات المفتوحة، وبالتالى لا أرى ضرورة لوجود وزارة للإعلام.
وأشار فودة إلى نقطة غاية فى الأهمية وهى أن حرية الإعلام المرئى الحالية جاءت رغم أنف الحكومات، وأكد العجمى أنه يجب تقنين الممارسة الإعلامية من خلال الضوابط وليس القيود؛ ولا بد من تحديد الخط الفاصل بين الحرية والفوضى، مشيراً إلى ضرورة وجود تشريعات واضحة تتعلق بالصحف الإلكترونية عبر الإنترنت التى تعد جنيناً لا يزال فى طور التشكل.

تحدثت فاطمة بن حوحو الإعلامية الجزائرية عن تجربتها الإعلامية قائلة، إن تجربة الإعلام الحكومى رسخت بداخلها مبادئ وضوابط الرقابة الذاتية على أدائها الإعلامى، ولكن هناك نقطة سلبية هى أن الإعلامى يعد موظف حكومة "له راتب شهرى"، وهذا لا يشجعه على تطوير الأداء والمهارات.
وانتقلت بن حوحو إلى تجربة العمل فى قناة الـ MBC باعتبارها "أول قناة خاصة انطلقت من لندن، لكنها كانت تابعة للمملكة العربية السعودية"؛ فقالت إنها شخصياً اصطدمت بالواقع، لأنها لاحظت أن هناك صراعاً بين السلطة ورأس المال الممول للبرامج الإعلامية، ينعكس إيجاباُ وسلباً على الخدمة الإعلامية. وقالت فاطمة إنه من الغريب أن وزراء الإعلام العرب كلهم إما رؤساء مخابرات أو وزراء إعلام سابقين

ورداً على سؤال لمحرر اليوم السابع حول مدى استعداد الرأى العام لتقبل الإعلام الخاص بما يحمله من حقائق مغايرة عن التضليل الذى بات يعيش فيه المشاهد العربى لسنوات طويلة. قال الأستاذ درويش إن التجربة الإعلامية الحالية تشهد تطوراً مستمراً، وإنه فى المستقبل القريب سيتم أيضاً تطويرا بشكل أكبر وأعمق.

وأكد سعد إن إعلامنا بالفعل إعلام فاشل والإعلام الخاص له مستقبل، وهو ما دعاه إلى الاستقالة من الإعلام الحكومى والاتجاه للإعلام الخاص.

وردت بن حوحو إن موضوع الفشل والنجاح هو المعيار الرئيسى فى الوقت الراهن ويقاس بالمصداقية، مطالبة أن يكون التدخل بغض النظر عن وضع الشخص أو الجهة التى يتبعها يصل إلى الإعلام الحر.
وفى نهاية الندوة، علق الأستاذ عبد اللطيف المناوى أنه من المهم أن يكون فى هذه المرحلة مراقبة التجربة الإعلامية المصرية، مع الإشارة إلى إعطاء مساحة أكبر لتعديل مفهوم الملكية فى الإعلام العام، متمنياً الوصول إلى إعلام الدولة بمفهوم الدولة وليس بمفهوم الحكومة.





مشاركة




لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة