سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 2 أبريل 1963.. الشاعران أحمد رامى وصالح جودت يتبادلان الذكريات عن عبده الحامولى وأم كلثوم وغناء الشيخ محمد رفعت "وحقك أنت المنى والطلب"

الثلاثاء، 02 أبريل 2024 10:13 ص
سعيد الشحات يكتب: ذات يوم.. 2 أبريل 1963.. الشاعران أحمد رامى وصالح جودت يتبادلان الذكريات عن عبده الحامولى وأم كلثوم وغناء الشيخ محمد رفعت "وحقك أنت المنى والطلب" احمد رامى

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

قضي الكاتب الشاعر صالح جودت يومين في مدينة الإسكندرية بصحبة الشاعر الغنائي أحمد رامي، وفي طريق عودتهما إلي القاهرة بالقطار روي "رامي" بعضا من ذكرياته الفنية والغنائية المثيرة التي عاصرها، وتبادل معه "جودت" بعض الذكريات، ثم كتبها في مقاله الأسبوعي" في الأسبوع مرة"، بمجلة "الكواكب، عدد 609، في 2 أبريل، مثل هذا اليوم، 1963.

يذكر "رامي" أنه لم يكن يزجل –أي يقول الشعر العامي- إلا بعد أن عرف أم كلثوم، ورأي أن الأغنية المصرية بحاجة إلي تطوير كبير يرفع مستواها الهابط في ذلك العصر فأدار ظهره للشعر حينها، وبدأ ينظم لأم كلثوم أغانيها الدارجة، وتحدث "رامي" عن خالة المطرب عبد الحي حلمي (1857- 1912) وهو من أوائل مشاهير المطربين الذين أقاموا حفلات عامة يحضرها الناس بمقابل مالي في المحلات والكازينوهات والمقاهي.

جرى الحديث عن "عبد الحي حلمي ذكريات مثيرة من أيام عبده الحامولي، وحسب رامي فإن  الهواية كانت أقوي من الاحتراف، ويدلل علي ذلك بأن " الحامولي" كان لا يتقاض من أصحاب الأفراح والليالي الملاح أجرا عن الغناء في بيوتهم أو سرادقاتهم لأن الفن في رأيه لا يجوز أن يكون سلعة تشتري وتباع، وكان ينفق علي حياته من التجارة، وكذلك الشيخ يوسف المنيلاوي الذي كان محتكرا لتجارة القصدير، ولم يقتصر عبده الحامولي علي نفسه بعدم تقاضي الأجر، وإنما فرض علي فرقته ذلك أيضا، حيث كان يحظر علي "الآلاتية" المصاحبين له أن يمدوا أيديهم إلي "البدرة" التي تنثرها أم العروسة في الفرح، مع أن هذه "البدرة" كانت في ذلك العهد جنيهات من الذهب.

في سياق تمسك الفنان بكرامته روي رامي أكثر من قصة عن عبد الحي حلمي، قائلا، أنه ذهب مرة إلي الإسكندرية ليحي فرحا فلما وصل وتأمل الحاضرين لم تعجبه وجوههم ولاجوهم، فرد الأجر وركب القطار عائدا إلي القاهرة، وبينما هو في القطار لمح بيتا في دمنهور فيه معالم فرح فنزل من القطار ودخل البيت، وظل يغني إلي مطلع الصبح بدون تكليف ولا أجر.

وعن أثر اختراع الميكرفون في إظهار كثير من المواهب التي لم تكن تتاح لها فرصة الظهور وذيوع الصيت قبل هذا الاختراع، روي أحمد رامي أن أم كلثوم كانت تكره مكبرات الصوت لأنها الصوت الوحيد الذي يستطيع أن يصل إلي الآلاف بلا ميكرفون، ويذكر رامي أنه كان يسمعها من عند جامع الكخيا الواقع في نهاية شارع قصر النيل وهو ذاهب ليسمعها في حديقة الأزبكية سنة 1924، وسأله "جودت" عن أحلي مرة غنت فيها أم كلثوم، فأجاب:" أحلي ليلة غنت فيها أم كلثوم، كانت في قصر محمد علي بشبرا، وقد احتشدت أجمل سيدات المجتمع، ولبست أم كلثوم وفرقتها ملابس عصر هارون الرشيد، ونزلت هي وفرقتها إلي زوارق في بحيرة القصر تغني أغاني فيلم "وداد".

ويذكر جودت، أن الشيخ محمد رفعت كان علي حلاوة صوته لا يستطيع أن يسمه صوته الطبيعي إلا حلقة ضيقة حوله، ويضيف "جودت":" كنت أيام الجامعة أسعي لسماعه في جامع فاضل باشا، وهو جامع صغير في حي الناصرية، فأكاد أحس أنني في ميدان قتال، لأن آلافا من الناس كانوا يتسابقون ويختصمون ويحتدمون ليظفروا بمكان قريب من الحلقة الضيقة التي يتوسطها الشيخ رفعت وهو يقرأ سورة الكهف قبل صلاة الجمعة".

يكشف "جودت":" نشأت بني وبين الشيخ رفعت صداقة كبيرة، فكان يدعوني لأسمعه في بيته، وكنت أجد هناك محمد عبد الوهاب وأم كلثوم وأحمد رامي في كثير من الأحيان، وكان رحمة الله تعالي لطيفا عميقا في رعاية الود وحفظ الجميل، وكتبت عنه مرة مقالا أصف شعوري وأنا أسمعه، فقرأه وبكي وقطعه من الصحيفة، وحفظه في "شكمجية " بدولابه، وكنت كلما زرته أخذني إلي غرفته وفتح الشكمجية وأراني المقال، وكنت أجد عنده عبد الوهاب ورامي في كثير من الليالي وأم كلثوم في بعض الليالي".

يضيف "جودت":" كان الشيخ رفعت رقيقا لطيفا سمحا، كان يقلد بنا بصوته نداءات الباعة، باعة الرمان والعنب والمشمش والتوت وغيرهم في رخامة ساحرة وظرف بالغ، وذات ليلة غني لنا القصيدة الحلوة التي مطلعها " وحقك أنت المني والطلب / وأنت المراد وأنت الأرب" وهي القصيدة التي غناها كثير من أعلام الطرب أيام زمان، وسجلتها أم كلثوم وفتحية أحمد أيضا، وسمعناها من الشيخ محمد رفعت، فكانت أرق ما تسمع الأذن من السحر بذلك الصوت الرقيق الحنون إلي حد أن عبد الوهاب صاح ليدعو له " الله يخليك لنا..يا عالم الفقهاء"










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة