منة الله جابر تكتب: مرحبا بك فى عالم الأوهام

الأربعاء، 18 أبريل 2018 04:00 م
منة الله جابر تكتب: مرحبا بك فى عالم الأوهام كشف طبى – صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

نحن نعيش أزهى عصور الوهم نحن نعيش فى زمن من الفوضى..

كنت أعتقد أن الوهم لن يطول عقلى كنت اعتبره بعيدًا كل البعد عن أفكارى فأنا تلك الفتاة المنطقية أنا تلك الفتاة التى تحلل كل الأمور وتفكر لترى بوضح حتى كانت الصاعقة وطالنى الوهم!

اعتل جسدى فجأة وأنا فى كامل صحتى وبدون أى مقدمات بدأت فى الانهيار فى البداية اعتقدت أنها مجرد وعكة صحية ربما أنفلونزا ربما إجهاد ربما جسدى يطالبنى بأجازة ولو لعدة أيام.. لكنى لم أتردد وذهبت إلى المسشفى وبدأت فى إجراء الفحوصات وبعد يومين استلمتها وذهبت بها إلى طبيبى المعالج الذى فاجأنى بردة فعل غير متوقعة.

نظرة مخيفة.. بحث عن الكلمات.. فأنا مريضته منذ عامين ويتابعنى وكانت أكبر مشاكلى أن ضغطى أقل من المعتاد ولكننى بعد شهر وفى معيادنا المعتاد جئت له بفحوصات تخبره أن هناك مرضا لعينا يهدد صحتى كانت صدمته كبيرة، ولكنه طبيب كبير ويعلم كيف تسير تلك الأمور لذا طلب منى إجراء فحوصات أخرى ولكن فى معمل متخصص وأخبرنى أنه لا يجب الثقة فى نتائج معامل المستشفيات!..

وكانت الصدمة.

بدأ عقلى فى العمل بالسرعة التى جعلت الوهم تمكن منى حتى النخاع وأصبحت أرى الموت قريبا أصبحت أبكى وأنا التى لم أبكى أى شىء من قبل، أصبحت أسقط مغشية على دون أى تفسير، أصبحت أعيش الوهم كما لو أننى سأموت غدًا.

بدأ عقلى الباطن يطالب بأصدقائى القدامى فى أحلامى ليلا بدأت أخشى إخبار الناس من حولى خشية من الصدمة بدأت أحاول تحقيق ولو قليلاً من أحلامى.. أذهب لأماكن أحبها.. أتصالح مع من أحببتهم يوماً.. بدأت التخطيط لمغامرات حتى يأتينى الموت.

ولكنى اكتشفت أننى أخشى الموت كيف لفتاة فى السابعة والعشرين من العمر فى مقتبل الحياة تستعد للموت؟

كيف لى أن أخبر ذلك الرجل الذى يحلم بمستقبل يجمعه بى أننى ربما أتركه فى منتصف الطريق؟

ربما أكون تلك العروس التى ماتت قبل عرسها من فرط السعادة وربما أكون تلك الأم التى ماتت وهى تلد طفلتها الأولى.. كيف سأخبره أننى ربما اتركه وحيداً فى الحياة بقلب بارد؟!

كيف سأخبر صديقتى إننى ربما لن أحمل طفلها الأول وصديقتى الأخرى التى ربما لن أحضر فرحها؟

كيف سأخبر أخى إننى ربما لن اتمكن من حضور حفل تخرجه أو ربما لن اختار معه من تشاركه حياته؟

كيف سأخبر اختى إننى سأتركها تنام وحيدة كل ليلة تبكى ذكرياتنا؟

 كيف سأخبر صديقى أننى ربما لن أعيش حتى أراه يحقق بعض أحلامه

كيف سأخبر أمى أنها ربما تودعنى قريبا؟..

نعم يا أصدقائى مرحباً بكم فى مصنع الأوهام لمدة أسبوعين لم أذق طعم النوم حاولت جاهدة أن أبدو طبيعية حاولت جاهدة ألا أخبر أحدا حاولت ألا أستغيث.. حاولت أن أظل تلك الفتاة المرحة حاولت أن أظل بخير رغم أن عقلى كان يحتضر!..

دعونى أخبركم أصدقائى أننى حتى وإن لم أكن مريضة فالوهم كان كفيلا أن يقتلنى كان مثل المرض اللعين فارقنى النوم بسببه حتى أصبحت لا أنام إلا عندما أفقد السيطرة على عينى.

وفى النهاية ظهرت نتائج تحاليلى الجديدة وبالفعل ذهبت إلى طبيبى مرة أخرى الذى وجد أن التحاليل القديمة كانت خاطئة وأننى أتمتع بصحة جيدة وأن كل ما حدث على مدار أسبوعين لم يكن إلا كذبة سببها خطأ معملى من مستشفى تعاملت معها للأسف.

لا أعلم كيف وصل بنا الحال إلى ما نحن فيه ولكنى على يقين أن ماحدث معى قد يحدث مع غيرى ويكون هناك مريض بحاجة لعلاج لن يأخذه لأن المعمل أخبره أنه سليم معافى وأن هناك سليما يتلقى علاجا خاطئا يقتله مبكراً بدلاً من أن يساعده على الحياة!

 

 

 

 










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة