بتحس إنك عايز تنام بعد شرب القهوة.. كيف يختلف تعامل المخ مع الكافيين

قد تتساءل لماذا يشرب شخص ما فنجان قهوة فيشعر بالنعاس وربما ينام، بينما يشربها آخر فيزداد يقظة وتركيزًا ونشاطًا، وهل لهذا التناقض علاقة مباشرة بكيمياء المخ أم عامل نفسي؟

يقول الدكتور محمد فوزي عبد العال، أستاذ الطب النفسي بكلية الطب جامعة أسيوط، إن المادة الفعالة في القهوة هي الكافيين وهو لا يمنح الطاقة بصورة مباشرة، لكنه يؤثر على منظومة كيميائية دقيقة داخل المخ توجد مادة عصبية تسمى الأدينوزين، وهي المسئولة عن الشعور بالتعب الإحساس بالنعاس انخفاض التركيز مع طول فترة الاستيقاظ وكلما طالت ساعات اليقظة زاد تراكم الأدينوزين داخل المخ.

يتابع د. محمد، أنه كلما زاد تراكم الأدرينوزين داخل المخ نتيجة لزيادة الاستيقاظ يعمل الكافيين على إغلاق مستقبلات الأدينوزين بشكل مؤقت وتأخير الإحساس بالنعاس، لكن طريقة استجابة المخ لهذا التأثير تختلف اختلافًا واضحًا من شخص لآخر.

لماذا ينام بعض الناس بعد شرب القهوة؟

يوضح أستاذ الطب النفسي، أن هناك أسبابا رئيسية وراء شعور بعض الأشخاص بالنوم بعد شرب القهوة وهى

1. الاختلافات الجينية:  أظهرت دراسات وراثية حديثة أن نسبة كبيرة من البشر لديهم بطء وراثي في تكسير الكافيين داخل الجسم، وتقدر هذه النسبة بحوالي 40%من الناس هؤلاء الأشخاص لا يصل لديهم الكافيين إلى التأثير المنبه المتوقع وقد يحدث تأثير عكسي ينتهي بالشعور بالنعاس بدلًا من اليقظة.

2.شرب القهوة مع الإرهاق الشديد: في حالات السهر الطويل وقلة النوم والعمل الليلي يكون المخ مشبعًا بكميات كبيرة من الأدينوزين المسئول عن الشعور بالتعب والنوم.

وأظهرت دراسات متخصصة في طب النوم  أن أكثر من  60% من الأشخاص المحرومين من النوم لا يتحسن انتباههم بعد شرب القهوة بل إن ما يقرب من ربعهم يشعرون بالنعاس بعد شرب القهوة و في هذه الحالة لا يستطيع الكافيين التغلب على إرهاق المخ فيحدث ما يشبه الاستسلام العصبي للنوم.

3. الإصابة بالقلق أوالاكتئاب: فإن شرب الكافيين قد يؤدي إلى زيادة التوتر العصبي و زيادة ضربات القلب و زيادة الاستثارة الذهنية
ثم يعقب ذلك هبوط عصبي مفاجئ .
فأظهرت الدراسات النفسية، أن مرضى القلق المزمن أكثر عرضة للشعور بالنعاس بعد القهوة بمعدل يقترب من الضعف مقارنة بالأشخاص الأصحاء نفسيًا.

5.الاعتياد المزمن على القهوة من يتناول القهوة بشكل يومي مكثف خصوصًا أكثر من ثلاثة أو أربعة فناجين يوميًا يقوم المخ مع الوقت بتكوين مستقبلات إضافية للأدينوزين وينتج عنه انخفاض التأثير المنبه للقهوة وأحيانًا ظهور تأثير عكسي يتمثل في الشعور بالنعاس والخمول.

لماذا توقظ القهوة أشخاصًا آخرين؟

يوضح د.عبد العال، أن  هناك فئة تشعر بيقظة واضحة بعد شرب القهوة ويرجع ذلك إلى سرعة تكسير الكافيين في الكبد و توازن كيمياء المخ الانتظام في النوم عدم وجود إرهاق شديد أو قلق مزمن.

حيث تشير إحصاءات أوروبية إلى أن ما يقرب من ثلث الناس يستجيبون للقهوة بتأثير منبه واضح ومستقر وأثبتت دراسات طبية أن اضطرابات النوم المرتبطة بالقهوة أكثر شيوعًا عند كبار السن بنسبة تقارب  50% مقارنة بالشباب ويختلف تأثير القهوة بين الذكور والإناث.

يضيف إن  القهوة  عند الإناث تؤثر على الهرمونات الأنثوية ولها دورًا مهمًا في تكسير الكافيين وخلال الحمل أو عند استخدام موانع الحمل الهرمونية
يصبح تكسير الكافيين أبطأ، مما يزيد من احتمالية النعاس والقلق والصداع بعد شرب القهوة .
أما بالنسبة للذكور فغالبا ما يكون تكسير الكافيين أسرع  ويظهر التأثير المنبه بصورة أوضح خاصة في حالة النوم الجيد وعدم الإرهاق .

هل توقيت شرب القهوة مهم؟

يؤكد د. محمد فوزي أن توقيت شرب القهوة له أهمية كبيرة على الشعور بالاستيقاظ أو النعاس، فشرب القهوة فورالاستيقاظ من النوم قد يؤدي إلى زيادة النعاس، بسبب الارتفاع الطبيعي لهرمون الكورتيزول في هذا التوقيت، موضحا أن أفضل وقت لشرب القهوة يكون بعد الاستيقاظ بساعة إلى ساعتين، حيث أثبتت  دراسات علمية أنها تحسن التركيز والانتباه  بنسبة تقارب  30% عند الالتزام بهذا التوقيت .

يذكر الدكتور محمد فوزي عبد العال أن استجابة الإنسان للقهوة ليست مسألة ذوق أو عادة بل تعكس اختلافات حقيقية في كيمياء المخ والجينات والعمر والحالة النفسية ولهذا فللقهوة ليست منبها مناسبا للجميع، فالقهوة قد توقظ البعض  آخرين ويختلف تأثيرها باختلاف الذكور والإناث والشباب وكبار السن  والأصحاء والمرهقين والسبب ليس في فنجان القهوة بل في المخ نفسه وتكسير الكافيين قد يكون  بطيئا بعد فنجان القهوه والشعور بالنعاس فيكون هناك إرتداد عكسي لمفعول القهوة ويزداد  الصداع بدلا من الاستيقاظ  تشعر بالنعاس.
 

يقدم الطبيب عددا من النصائح للتقليل من القلق المرتبط بالقهوة وهى الآتي

القلق المرتبط بالقهوة لا يعد مرضًا في حد ذاته لكنه استجابة عصبية يمكن التحكم فيها سلوكيًا ونفسيًا إذا تم فهمها جيدًا وأول خطوة للتعامل مع القلق هي

1.إدراك أن استجابة القهوة تختلف من شخص لآخر

فالشخص الذي يشعر بتوتر أو نعاس أو خفقان لا يعاني ضعفًا أو خللًا بل يمتلك نمطًا مختلفًا في كيمياء المخ.

2.تنظيم التوقيت لا المنع

لأن القلق غالبًا لا ينتج عن القهوة نفسها بل عن توقيت غير مناسب لشربها، لأن  شرب القهوة مع الإرهاق أو التوتر يزيد العبء على الجهاز العصبي و تنظيم التوقيت يساعد المخ على استقبال الكافيين دون استثارة زائدة.

3.ربط القهوة بنمط حياة هادئ

فالأشخاص الذين ينامون جيدًا ويتحركون بانتظام ويحافظون على إيقاع يومي متوازن تكون استجابتهم العصبية للقهوة أكثر استقرارًا وأقل عرضة للقلق أو الاضطراب.

4. الانتباه للحالة النفسية

القلق السابق أو الضغوط المزمنة يجعلان المخ أكثر حساسية لأي منبه وفي هذه الحالة قد تكون القهوة مجرد عامل كاشف وليست السبب الحقيقي

5.عدم تضخيم الأعراض

الكثير من الناس يدخلون في دائرة قلق بسبب التركيز المفرط على الإحساس الجسدي
التركيز الزائد يزيد الإحساس ويضخم التوتر النفسي، وفهم طبيعة العرض يقلل حدته بشكل ملحوظ