خيرى شلبى.. مخزن الحكايات الشعبية ومنقذ تراث القرن الـ19 المسرحى

الثلاثاء، 09 سبتمبر 2025 11:17 ص
خيرى شلبى.. مخزن الحكايات الشعبية ومنقذ تراث القرن الـ19 المسرحى خيري شلبي

محمد عبد الرحمن

"ما أنا إلا حكواتى سريح، شرير ومجنون، ولو كنت عاقل مكنتش هابقى خيرى شلبى" بكل هذه البساطة فى المعنى والعمق فى المضمون، والتى اكتسبها من خبرات طويلة ومن حياة مليئة بالكثير من الحكايات والتحولات أيضًا، اختار الأديب الكبير خيرى شلبى أن يصف نفسه، لكنه بالتأكيد لم يكن تمامًا كما يقصد، فالراحل كان مثقفًا موسوعيًا بحق، فلم يكن يكتب السرد فقط، هو يحيكه ويكتبه ويعيشه، هو ابن الخيال الشعبى المسكون بحكايات التراث والملاحم والسير الشعبية، هو راوى البسطاء الأول، وكاتب المهمشين بلا منافس، هو الحكاء الذى جاب المدينة والقرية، سكنوه، ومنحوه مسودعًا عجيبا من القصص، ليتحول أدبه نفسه إلى أسطورة شعبية باقية وخالدة، وخلدت معها صاحبها.

اليوم تمر 14 عامًا على رحيل خيرى شلبى، سفير المهمشين الذى غادر دنيانا فى 9 سبتمبر عام 2011، غادرنا بالجسد، لكن روحه باقية فى حكاياته وأعماله، ومخزونه الضخم الذي لطالما ظل عامرًا بالحكاية، باقية بسيرته على ألسنة أصدقائه وتلاميذه الذين لا ينسوا أن يتذكروه، طالما جاءت سيرة الحكايات ونميمة المدن، وملاحم البسطاء الغرائبية والأسطورية أحيانا، وباقية بأبنائه الذين تفرد كلا منهم في مجالًا محقق المقولة الشهيرة "ابن الوز عوام".

كان خيري شلبي منذ البداية، أرشيفجيًا بامتياز، بائعو الكتب الكبار كانوا يعرفونه عن ظهر قلب، كان متمرسا في أسواق الأزهر والأزبكية، كان من هواه التقليب في الكتب الصفراء القديمة، والبحث عن الكنوز بين ركام الكتب القديمة، ومن خلالها استطاع العثور على قرار النيابة العامة بحفظ التحقيق مع الدكتور طه حسين، حيث اكتشفَ كراسةً قديمةً بها قرار النيابة العامة في كتابِ الشعر الجاهلي، وعليها توقيع النائب العام محمد نور الذي حقق في هذه القضية، ولأنه كان محبًا لعيد الأدب العربي، ومشغولًا بنبش الحكايات القديمة، والبحث عن جديد يغير به الحكاية السائدة،  يُعيدَ تحقيق قرار النائب العام محمد نور من الزاوية القانونية، ويُعيدَ رصد وقائع هذه القضية، ونشر ردود أفعال القضية التي شغلت الناس في تلك الفترة، اجتماعياً وسياسياً وأدبياً وأكاديمياً.

 

صاحب عملًا توثيقيا وأرشيفيًا

خيري شلبي كان صاحب عمل توثيقى وأرشيفى عظيما، ففي فترة السبعينيات، وأثناء بحثه بين ركام الكتب والمطبوعات القديمة، امتدت يداه إلى كنز حقيقي، بعدما اكتشف أكثر من مائتي مسرحية مطبوعة، ما بين أول القرن التاسع عشر ووسط القرن العشرين، هذه المسرحيات بحسب الروائي الكبير خليل الجيزاوي في مقال سابق له بعنوا "الحكاية الشعبية في روايات خيري شلبي" تم تنفيذها على خشبة المسرح من خلال بعض الفرق المسرحية المشهورة في تلك الفترة، ووجد أن بعض هذه المسرحيات لم تظهر على خشبة المسرح؛ لأنها عصيةٌ على التنفيذِ، وأطلق خيري شلبي عليها "أدب المسرح العصي على التنفيذ".

بعد ذلك استطاع خيري شلبي، بعد عرضه تلك الكنوز على الأديب الكبير بها طاهر رئيس البرامج الثقافية بالإذاعة المصرية في ذلك الوقت، وتم تقديم هذا التراث الضخم من خلال برنامج بعنوان "مسرحيات ساقطة القيد" ضمن برنامج كبير كان يقدمه الروائى بهاء طاهر، وقد اكتشف شلبي ضمن هذه المجموعة من النصوص نصا مسرحيا من تأليف الزعيم الوطني مصطفى كامل بعنوان "فتح الأندلس" وقام بتحقيقه ونشره في كتاب مستقل بنفس العنوان صدر عن هيئة الكتاب في سبعينيات القرن الماضي.




أخبار اليوم السابع على Gogole News تابعوا آخر أخبار اليوم السابع عبر Google News
قناة اليوم السابع على الواتساب اشترك في قناة اليوم السابع على واتساب


الموضوعات المتعلقة


الرجوع الى أعلى الصفحة