يشهد الموسم الدرامى الرمضانى زخمًا لا يمكن إغفاله، وتنوعًا فى الموضوعات المطروحة دراميًا ما بين الأعمال التى تناقش قضايا شديدة الحساسية مرورًا بالموضوعات الاجتماعية إلى الكوميديا.
بالطبع لا يمكن الحكم بشكل مكتمل على عمل من الحلقات الأول، ولكن براعة الاستهلال وسلاسة الحكى يمكن أن تنبئ بجودة العمل الدرامى وتحفز المشاهد على قرار المتابعة اللصيقة وربما تفضيل عمل على آخر.
ولا أنكر أن كاتبة هذه السطور وقعت فى حيرة عما تكتب أمام عدد لا بأس به من الأعمال جدية الصنع شبه مكتملة الأركان ما يقدم هذا العام على المائدة الدرامية المصرية.
من أبرز المسلسلات اللافتة للنظر ولاد الشمس، الذى يشى من حلقاته الأولى بأننا أمام عمل متميز حقا، فهو دراما مختلفة تقوم على جيل صاعد موهوب، وتعطيه الفرصة الكاملة لإظهار تميزه وطرح أفكاره التى تستهدف الشباب فى المقام الأول، وبالنظر إلى إنتاجات WAtchit الأصلية السابقة مثل «ريفو» بجزئيه و«بالطو، وحالة خاصة، ودواعى السفر»، يمكن الجزم أنها تستهدف جمهورا شابا بالأساس وتطرح قضاياه التى لا يتم تناولها فى الدراما المعتادة كما أنها تستهدف جمهورا له ذائقه خاصة تتذوق الفن الجيد والموضوعات المختلفة غير عابئة بأن يكون مقدموها من نجوم الصف الأول بتصنيفات السوق التجارى. «ولاد الشمس» تأليف مهاب طارق، يقدم عالما لم تقترب منه الدراما كثيرا، كما أنها لم تقترب منه إلا وهى تقدم الوجه الجميل منه، فدار الأيتام وأولادها الذين يتجاوزون السن ويظلون داخلها بالمخالفة للقانون، لأنهم لا يعرفون مكانا غيرها، ولا أهلا سوى من فيها، وفساد مديرها الذى يستغل أبناء الدار فى أعمال غير شرعية، هذا الوجه القبيح الذى لا نتعرف عنه إلا حين تحدث مخالفة نقرأها فى صفحات الحوادث بين الحين والآخر.
استطاع المؤلف أن يقدم لنا فى الحلقات الأولى سردا لقصة شديدة القتامة فى إطار لا يخلو من إنسانية، فعادة ما يستسهل مؤلفو الدراما فى تقديم تلك الفئة بصورة إما تميل الى العنف أو قبيحة الروح، لكن المؤلف قدم الجانب الإنسانى الذى يحمله بطلا العمل ولعة، ومفتاح، ابنا الدار اللذان يحملان على عاتقهما رغم تخطيهما السن مسؤولية أبناء الدار مجتمعين، وقصص حب حتى على غرابتها إلا أن لها بعدا نفسيا يبررها.
واستطاع المخرج شادى عبدالسلام أن يقدم تلك القصة بعين مخرج يجيد فهم العالم الذى يتحدث عنه ويبدو ذلك ليا فى الديكور الذى صممه أحمد أشرف ومنة راضى، فى الدار التى تبدو بها برودة العواطف أو انتقاله إلى أماكن حية فى شوارع القاهرة. كما أنه استطاع أن يدير ممثليه بشكل مميز، وقدم منهم شخوصا واقعية وأداء مختلفا، ومنهم طه دسوقى موهبة كبيرة تتقدم بثبات وأداءه لشخصية مفتاح لافت للنظر، قادر على الحفاظ على ثباتها وعدم الوقوع فى فخ الاستسهال وتقديمها بالصورة النمطية، كذلك أحمد مالك فى شخصية ولعة المتسرع الغضوب.
لكن أكثر من لفت انتباهى من ممثلى العمل هو مينا أبوالدهب الذى يقدم شخصية عبيد لاعب السيرك الذى يحمل ولاء شديدا لمدير الدار، فهو شخصية مركبة قدمها بعذوبة فائقة.
مسلسل قلبى ومفتاحه
لا شك أن تامر محسن اسمه فقط أصبح علامة على أننا سنشاهد عملا خاصا يناقش قضية جاده لها بعد إنسانى عميق بنعومة فائقة، إذ يقدم لنا تامر محسن فى قلبى ومفتاحه أزمة اجتماعية أخلاقية انسانية وهى أزمة المحلل التى يواجهها العديد من الأسر بعد حدوث الطلقة الثالثة بين الزوج وزوجته، ولكنه يقدمها لنا من خلال شخوص تحمل تراكيب إنسانية معقدة.
الثلاثة أبطال المحوريون الذين تدور حولهم أحداث العمل نجحوا فى خطف الأنظار بأدائهم، إذ نرى أسعد أو محمد دياب فى ظهور مختلف عما قدمه من قبل، شخصية مركبة معقدة تملك عديدا من الطبقات داخلها ما بين السبحة التى لا تفارقه وبره لوالدته وفى نفس الوقت صرامته مع أخته وقسوته مع زوجته التى أباح لنفسه أن يتزوج عليها، ولكن لا يستطيع أن يفارقها ويتحكم بحياتها.
ومحمد عزت الذى يقدمه آسر ياسين، ذلك الشاب الخجول الدمث الذى يخضع لوالدته فينتهى به الحال أعزب، وميار التى تقدمها مى عز الدين التى لا تريد أن تستكمل حياتها مع زوج قاس ولا تستطيع أن تعيش حياة تتمناها ولا مناص من أن تجد محللا كى لا تفقد ابنها.
تلك الشخصيات التى يطوف حولها الكاتب مستعينا بشخصيات تخدم بنائها الدرامى وتسلط الضوء على تعقيدات أخرى فى حياتهم، فى صورة واقعية رومانسية وسرد سلس غير صارخ، يجعل من مسلسل قلبي ومفتاحه مسلسلا ممتعا مشوقا، وعملا مميزا يسابق فى الدراما الرمضانية بثبات.
شاهد المزيد من أخبار مسلسلات رمضان عبر بوابة دراما رمضان 2025