اقتصاد روسيا × 2022.. صمود صعب فى وجه تداعيات الحرب الأوكرانية.. موسكو تتغلب على العقوبات ومحاولات عزل النظام المالى.. النفط طوق نجاة رغم محاولات "التسعير الجبرى".. وتوقعات بصعود قوى فى النصف الثانى من 2023

الأربعاء، 04 يناير 2023 11:00 ص
اقتصاد روسيا × 2022.. صمود صعب فى وجه تداعيات الحرب الأوكرانية.. موسكو تتغلب على العقوبات ومحاولات عزل النظام المالى.. النفط طوق نجاة رغم محاولات "التسعير الجبرى".. وتوقعات بصعود قوى فى النصف الثانى من 2023 الرئيس الروسى فلاديمير بوتين
كتبت ريم عبد الحميد

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء

كان 2022 عاما صعبا بلا شك على روسيا اقتصاديا، فقد تعرضت لعدة موجات من العقوبات الغربية بسبب الحرب فى أوكرانيا ناهيك عن الثمن الباهظ للعمليات العسكرية فى جارتها الجنوبية. ورغم أن الأثر الكامل لتلك العقوبات لم يظهر بشكل كامل بعد، وبرغم محاولات المسئولين فى موسكو التخفيف من وطأة تلك العقوبات، إلا أن الاقتصاد الروسى عانى وسيعانى بسبب الحرب وتداعياتها.

 

شهد عام 2022 تغيرا كبيرا فى توقعات النمو الاقتصادى الروسى عما كان الأمر فى بدايته. فقد شهدت الأشهر الثلاثة الأولى من العام نمو الناتج المحلى الإجمالى الروسى بنسبة 3.5%، لكن مع اندلاع الأزمة أوكرانيا فى نهاية فبراير، جاءت العقوبات الغربية التى سببت العديد من المشاكل للاقتصاد الروسى، كان أبرزها تراجع الواردات والصادرات وتفاقم نقص الأيدى العاملة وصعوبات فى توريد قطع الغيار، ناهيك عن انصراف العديد من الشركات الدولية والعقوبات على الشركات والبنوك الروسية.

 

وكانت وزارة الاقتصاد الروسية قد توقعت فى وقت سابق انخفاض الناتج المحلى الإجمالى بنسبة 2.9% هذا العام، بينما توقع البنك المركزى انخفاضًا بنسبة 3 إلى 3.5% قبل العودة إلى النمو فى النصف الثانى من عام 2023.

 

 

وبحسب توقعات للبنك المركزى الروسى فى 8 نوفمبر، فإن الناتج المحلى الإجمالى سينكمش حوالى 3.5%على مدار عام 2022، وهو تقييم بعيد عن التوقعات القاتمة التى كانت منتظرة فى الربيع.

 

وفى نهاية أكتوبر 2022، أبقى البنك المركزى الروسى، على سعر الفائدة الرئيسى عند 7.5%، وهو ما كان متوقعا فى ظل رغبة لدعم الاقتصاد فى وجه الاتجاه العالمى لارتفاع تكاليف الاقتراض.

 

"الحرب الغربية على الاقتصاد الروسى"

وبرغم الأرقام الجيدة نسبيا، فإن معاناة الاقتصاد الروسى عبر عنها وصف فلاديمير بوتين لتصرفات الغرب ضد روسيا بـ "الحرب الاقتصادية". ففى اجتماع مجلس التنمية الاستراتيجية والمشاريع الوطنية فى 15 ديسمبر، قال بوتين أن الغرب "شن عقوبات عدوانية غير مسبوقة ضد روسيا، كانت تهدف فى وقت قصير، وبشكل أساسى، إلى سحق اقتصادنا، من خلال سرقة احتياطياتنا من العملات الأجنبية، وإلى انهيار العملة الوطنية (الروبل)، وإحداث تضخم مدمر.

 

وفى نفس الاجتماع، تحدث بوتين عن التوقعات الاقتصادية لبلاده، وقال أن من المتوقع أن ينخفض الناتج المحلى الإجمالى بنحو 2.5%، ليتراجع عن تصريحه السابق بأنه قد يصل إلى 2.9%، إلا أن أحدث التوقعات أشارت إلى أن الانخفاض سيكون أقل من 2.5%، وليس ذلك الانهيار الذى توقعه الغرب بنسبة 20%، على حد قوله.

 

ووفقا للجانب الروسى، فقد أظهرت الديناميكيات الاقتصادية، فى الربع الثالث من العام، بالفعل زيادة طفيفة بعد الأرقام المتراجعة فى الربع الثاني. وقال بوتين إن مستوى الأسعار فى روسيا، وبعد الارتفاع الكبير فى مارس وأبريل، ظل دون تغيير تقريبا منذ مايو، وأصبح الروبل الروسى أحد أقوى العملات فى العالم منذ بداية العام، وتم تحقيق هذه النتيجة من خلال القرارات الخاصة بتنظيم تدفقات رأس المال الخارج، وتحويل مدفوعات الغاز إلى الروبل، والاستخدام الفعال للعملات الوطنية فى التجارة مع الشركاء، ولكن وقبل كل شيء، بالطبع، من خلال سياسة مالية مسئولة.

 

ووفقا لبوتين، بلغ فائض الميزانية الفدرالية 560 مليار روبل (8.6 مليار دولار)، وسيتم تنفيذ ميزانية روسيا بعجز بسيط حوالى 2% من الناتج المحلى الإجمالى، وهو أحد أفضل المؤشرات فى مجموعة العشرين.

 

وأكد بوتين على حفاظ السلطات على السياسات المالية والاقتصادية المسؤولة، والوفاء بالالتزامات الاجتماعية.

 

وشدد الرئيس على أن روسيا لن تتبع طريق العزلة الذاتية والاكتفاء الذاتى، وإنما سترتقى بالتفاعل مع شركائها فى الخارج على مستوى جيد، وسوف تبحث عن شركاء واعدين أكثر من الاتحاد الأوروبى، لإعادة توجيه إمدادات الطاقة، وستزيد إمدادات الغاز نحو الشرق.

 

كذلك تحدث بوتين عن إنشاء منصة محور الغاز الإلكترونية، حيث سيتم تحديد السعر لأوروبا فى الأشهر المقبلة، واصفا سياسات الاتحاد الأوروبى بشأن أسعار الغاز بـ "الجنون"، ورفض المطالبات ضد روسيا بهذا الشأن.

 
 

الأرقام التى سردها بوتين لم تختلف عن بيانات وزارة الماليةة الروسية، حيث أكد الوزير أنطون سيلوانوف، بأن وزارة المالية تقدر عجز الميزانية الفيدرالية بنهاية عام 2022 عند 2% من حجم الناتج المحلى الإجمالى للبلاد.

 

وأشار وزير المالية الروسى إلى أن عجز الميزانية العام القادم من المخطط أن يكون عند المستوى نفسه (2% من حجم الناتج المحلى الإجمالي).

 

كما أن النائب الأول لرئيس الوزراء الروسى أندريه بيلوسوف، قال إنه من المرجح أن يكون التراجع فى الاقتصاد الروسى فى 2022 أقل من 3%..

 

وفيما يتعلق بأداء الاقتصاد الروسى فى العام القادم 2023 رجح المسؤول الروسى أن يشهد الاقتصاد الوطنى تراجعا بأقل من 1%.

 

تأثير العقوبات:

كان العقوبات التى فرضتها الولايات المتحدة وأوروبا على روسيا، واستهدفت مؤسساتها المالية وقطاع النفط فيها هى أقوى مؤثر على الاقتصاد الروسى. وقالت دراسة أجراها باحثون من جامعة يال الأمريكية أن تأثير العقوبات الغربية على الاقتصاد الروسى أكبر بكثير مما تظهره الأرقام الرسمية.

 

وقال معدو التقرير الصادر عن كلية يال للإدارة أن "نتائج تحليلنا الاقتصادى الشامل لروسيا قوية ولا جدل فيها: لم تنجح العقوبات ويتراجع النشاط فحسب، بل إنها شلت الاقتصاد الروسى تمامًا على كل المستويات.

 

ووفقًا لتحليلاتهم، فإن "خروج الشركات الدولية من روسيا والعقوبات أحدثت شللا الاقتصاد الروسى على المديين القصير والطويل". ومن ثم، فإن العقوبات الاقتصادية تمنع الكثير من الشركات والدول من الاستمرار فى التجارة مع روسيا التى تجد صعوبة فى الحصول على قطع غيار ومواد أولية أو تقنيات أساسية معينة.

 

ورسم الباحثون صورة قاتمة بقولهم أن "على الرغم من أوهام الاكتفاء الذاتى وتعويض الواردات... توقف الإنتاج المحلى الروسى تمامًا وهو لا يملك القدرة على تعويض الشركات والمنتجات والمهارات المفقودة".

 

كما تحدث الخبير الاقتصادى الروسى المخضرم أوليج فيوجين لوكالة "رويترز" فى وقت سابق عن تأثير العقوبات، وقال أن اقتصاد بلاده كان فى طريقه لتسجيل نمو يصل إلى 6% فى العام 2022 قبل أن تعرقله العقوبات الغربية.

 

لكنه قال إنه ليس هناك كارثة، إذ لا يتجاوز تأثير العقوبات الشاملة على موسكو بسبب الصراع فى أوكرانيا نسبة 30% إلى 40%، نظرًا لأن روسيا وجدت طرقًا للتغلب على القيود، لكنه حذر من مشاكل خطيرة فى حال انخفاض عائدات الصادرات الروسية.

 

وتوقع فيوجين الشعور ببعض تأثير العقوبات، وتحديدًا فى قطاع التكنولوجيا، الذى يعتمد بشدة على الواردات.وقال: "العالم سيتقدم، لكن روسيا ستستخدم فقط تكنولوجيا من الدرجة الثانية وتنفق موارد ضخمة لإعادة ابتكار ما هو موجود بالفعل فى العالم، لكن لا يمكن استيراده".

 

أبرز العقوبات الغربية على روسيا

منعت الولايات المتحدة روسيا من تسديد دفعات الدين من خلال استخدام مبلغ الـ 600 مليون دولار الذى تحتفظ به فى البنوك الأمريكية، وهو ما صعّب على روسيا تسديد ديونها الدولية.

 

كما جُمدت أصول البنك المركزى الروسي، لمنعه من استخدام احتياطيه من النقد الأجنبى والبالغ 630 مليار دولار.

 

وعُزلت البنوك الروسية الرئيسة عن نظام المراسلة المالية الدولى "سويفت"، الأمر الذى يؤخر الدفعات لروسيا مقابل صادراتها من النفط والغاز.

 

واستبعدت بريطانيا بنوكًا رئيسية روسية من النظام المالى للمملكة، وجمدت أصول كافة البنوك الروسية ومنعت الشركات الروسية من اقتراض المال ووضعت قيودًا على عمليات الإيداع التى يمكن للروس القيام بها فى البنوك البريطانية.

 

وفرضت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى والمملكة المتحدة ودول أخرى عقوبات على أكثر من 1000 شخص وشركة روسية. وشملت القائمة رجال الأعمال الأثرياء- الذين يطلق عليهم لقب الأوليغارشية والذين يُعتبرون من المقربين للكرملين، ومن بينهم المالك السابق لنادى تشيلسى لكرة القدم رومان أبراموفيتش.

 

واستهدفت كذلك اليخوت الفاخرة المرتبطة بالروس الخاضعين للعقوبات.

 

وفُرضت عقوبات أيضًا على مسئولى الحكومة الروسية وأفراد عائلاتهم. وتم تجميد الأصول المالية التابعة للرئيس بوتين ووزير الخارجية سيرجى لافروف فى كل من الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبى وبريطانيا وكندا.

 

وأوقفت المملكة المتحدة العمل بنظام بيع "التأشيرات الذهبية"، التى كانت تسمح للأثرياء الروس بالحصول على حق الإقامة فى بريطانيا.

 

 سقف سعر النفط

بعد سلسلة من القرارات بوقف واردات النفط والغاز من روسيا أو تقليلها، بدأت الدول الغربية فى ديسمبر تطبيق سقف سعر النفط الروسى عند 60 دولارا للبرميل لمنع موسكو من الاستفادة من عائداتها النفطية فى ظل استمرار الحرب.

 

ويعنى ذلك أن النفط الروسى، الذى جرى شراؤه بما لا يتجاوز 60 دولارا للبرميل، سيُسمح فقط بشحنه على ناقلات مجموعة السبع والاتحاد الأوروبي. والهدف من هذه الخطوة أن تجعل من الصعب على موسكو بيع نفطها بسعر أعلى، لأن العديد من شركات الشحن والتأمين الكبرى موجودة داخل مجموعة الدول السبع.

 

وعلى الرغم من ذلك، قالت روسيا، التى تعد ثانى أكبر منتج للنفط الخام فى العالم، إنها لن تقبل فرض سقف للأسعار، وهددت بوقف تصدير النفط إلى الدول التى ستتبنى هذه الإجراءات.

 

 
قالت وكالة بلومبرج الأمريكية، إن سقف سعر النفط الروسى الذى حددته دول مجموعة السبع عند 60 دولارا للبرميل ليس منخفضا بما يكفى ليضرب بشكل كبير عائدات الكرملين العام المقبل، كما قال خبراء الاقتصاد إنه حتى لو أدى إلى تراجع فى إنتاج الخام، فإن الرئيس فلاديمير بوتين يظل لديه موارد هائلة لتمويل جهود الحرب، على الأقل فى الوقت الراهن.
 
وقالت صوفيا دونتيس، الخبيرة الاقتصادية فى رينيسانس كابيتال، إنه بتحديد 60 دولارا ثمنا للبرميل، فإن الحد الأقصى للسعر يبدو كريما للغاية، وهو قريب من تسعيرة السوق لعام 2023، ومن المستوى المقترح فى ميزانية روسيا.
 
 
ولم تعلن روسيا ردها حتى الآن، إلا أن المسئولين يقولون إنهم يخططون لمواصلة تحويل التدفق إلى دول مثل الصين والهند  اللتين لم توقعان رسميا على حد السعر.
 
وأوضحت بلومبرج، أنه حتى بدون وضع حد أقصى للسعر، وفى ظل قيود الشحن والتأمين التى تهدف لعرقلة التجارة الروسية، فإن الكرملين كان يتوقع تراجعا يقترب من 2.5% فى عائدات الضرائب من النفط والغاز مع تراجع الإنتاج وبعض الأسعار. وحتى مع زيادة الإنفاق على الحرب، فإن روسيا استطاعت أن تغطى العجز فى ميزانيتها بسهولة بالاعتماد على صندوق الثروة الخاصة بها، والاقتراض من سندات السوق المحلية، فى الوقت الذى لم تترك فيه العقوبات للمستثمرين بدائل كثيرة.


أرقام الاقتصاد الروسى:

  • 2.5%  إلى 2.9%: نسبة الانخفاض المتوقع فى إجمالى الناتج المحلى الروسى لعام 2022
  • 560 مليار روبل (8.6 مليار دولار)..فائض الميزانية الفيدرالية فى 2022 ، وفقا للأرقام الروسية
  • 6%  كانت نسبة النمو المتوقع للاقتصاد الروسى قبل العقوبات الغربية
  • 1% نسبة التراجع المتوقع فى النمو الاقتصادى فى عام 2023
  • 60 دولارا للبرميل.. سقف سعر النفط الروسى الذى اتفقت عليه مجموعة السبع مؤخرا
  • 800 مليون دولار كانت تجنيها روسيا يوميا من النفط قبل تسعير النفط
  • أبقى البنك المركزى الروسى سعر الفائدة عند 7.5% فى أكتوبر الماضى لدعم الاقتصاد
  • أكثر من 100 شركة ومسئول روسى تم استهدافهم بالعقوبات الغربية بعد بدء الحرب









مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
لا توجد تعليقات على الخبر
اضف تعليق

تم أضافة تعليقك سوف يظهر بعد المراجعة





الرجوع الى أعلى الصفحة