مارينا فارس تكتب: كل البدايات رائعة

الأحد، 31 مايو 2015 06:01 م
مارينا فارس تكتب: كل البدايات رائعة صورة أرشيفية

مشاركة

اضف تعليقاً واقرأ تعليقات القراء
كل شىء فى أوله رائع ويغرى بالسعادة. بداية يوم حين تتزين السماء بلون الشمس. تلك الشمس التى تقضى ساعات النهار تشعل رؤوسنا بالملل، تبدو عند بزوغ الفجر كأنثى خجول، تبدو كقرص حلوى صغير.. وبدايات الشتاء حين يرسل أول إشارة وتحية.. حين تمطر السماء لأول مرة بعد صمت ونوى طوال الصيف.. كل البدايات رائعة حتى الصيف الذى لا أحبه، تعجبنى بدايته وإعلانه لذاته فى وجه الصقيع... لكن تلك البداية ستكون مختلفة فانا قررت أن ارسم بداية ثانية. تلك المرة كانت بعد تفكير وتخطيط وزيارات متكررة لقاع أحزانى المأسوية كما اسميها دائمًا.

الآن سأعود لاغازل تلك الأوراق البيضاء الناصعة، لا لشىء إلا أن لونها الأبيض المحايد يستفز قلمى ويذكره بظلمه كفنه وصمت أفكارى حين تصطخب رافضة كل الموت والسكون. تلك المرة حين اكتب سأتنحى أنا وأقف جانبا كى اتعلم كيف تكون الحياة على سطح ورقة تشتعل بالخطوط. وسأحرر شيطان اشعارى واطرد كل الالفاظ الخائفة من الخزانات المغلقة. واترك الحروف الفاتنة تعبث بذكرياتى وتداعب خجل احلامى وتمردها كحسناء بعيدة المنال.

وأنا كنبتة صغيرة تزريها رياح الزمن التى لا تعرف السكون. انا تلك النبتة التى قررت ألا تعود للأصيص مرة أخرى. لانى اكاد اختنق فى اصيصى الضيق الذى لا يرضى أحلام نبتة تريد أن تصير شجرة وارفة. لأنى لن أترك الأرض الرحبة المليئة بالسعادة والأحلام. لذا فأنا اطلقت جذورى، تركتها تمتد شرقًا وغربًا حتى إذا أتت ريح عاصفة لا تنتزعنى. ويوما سأصير شجرة عالية يزورها الربيع تلو الخريف، حتى يصير قلبى مصنع ذكريات وموطن للعصافير.

والآن سأذهب لأصنع القهوة.. اتخيل أننى أشربها لكن الحقيقة أن القهوة هى التى تشربنى! حين أرفع الفنجان وتنساب رائحة القهوة كالقطة الطيبة، ويقتحم مذاقها فمى، اشعر أن جزءا من روحى يتسرب الى الفنجان. وكأننى مجرد جماد وهى التى تحيا كل الحياة.

والآن سأسدى اليك نصيحة كما يفعل الكبار دائمًا. لا تبكى على لبن سكبته لك الأقدار، ولا تنتظر ثمار شجرة لا تمتلك بذورها..










مشاركة



الرجوع الى أعلى الصفحة